حكام تحت عتبة الفقر

ينتظرون عائدات التعيينات لإعالة أسرهم وآخرون فقدوا الأمل وغيروا «المهنة» خلف النجومية التي يبلغها بعض الحكام بحكم النقل التلفزيوني للمباريات، والاهتمام الإعلامي والجماهيري بلعبة كرة القدم، تختفي مآس ومعاناة أخرى، تأخذ أبعادا اجتماعية في عدد كبير من الحالات الخاصة بحكام آخرين. ويمارس أغلب الحكام بشكل هاو، إذ تعتبر عائدات قيادة المباريات مصدر رزقهم الوحيد، فيما يستطيع آخرون ممارسة مهن أخرى، بموازاة مع إدارة المقابلات الرياضية. وتحسنت تعويضات الحكام بشكل واضح في السنوات الأخيرة، لكن يستفيد منها الحكام الذين يقودون المباريات باستمرار، فيما تطرح مشاكل بعد التقاعد (45 سنة)، وعند المرض أو الإصابة، وفي حالات عدد كبير من الحكام، الذين لا يتم تعيينهم لإدارة المباريات، أو الذين يعينون في أقسام الهواة وبطولات العصب الجهوية. حكام "هواة" رغم دخول كرة القدم الوطنية الاحتراف منذ سنوات، ورصد أموال كبيرة للاعبين والمدربين والأندية وباقي المتدخلين، فإن الحكام لم يستفيدوا إطلاقا من هذه الثورة، إذ مازالوا يمارسون بشكل هاو، وبدون عقود مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أو العصبة الاحترافية. ولا يحصل الحكام على أي أجر شهري قار، باستثناء التعويضات التي يتقاضونها مقابل قيادة المباريات، إضافة إلى تعويضات عن المسافات التي يقطعونها، الأمر الذي يستفيد منهم حكام دون آخرين. وحاولت جامعة كرة القدم تخصيص امتيازات لبعض الحكام الذين يحملون الشارة الدولية، لكن باقي الحكام يعتمدون على تعويضات قيادة المباريات فقط، فيما يعاني آخرون مشاكل كبيرة، سيما أن بعضهم ليس لديهم أي دخل آخر. وينتج عن هذا الوضع أن الحكم يبقى رهينة تعيينه لإدارة المباريات، لكي يحصل على التعويضات، في الوقت الذي لا يحصل عدد كبير منهم على فرصة قيادة المباريات، الأمر الذي يؤدي إلى الإحباط وعدم الاجتهاد والتوقف عن التداريب، كما حدث في حالات عديدة. وفشل عدد كبير من الحكام في الاختبارات البدنية، جراء توقفهم عن التداريب. ظروف "غير مشجعة" يقول حكم وطني من فاس"يحتاج الحكم إلى معد بدني، وإلى تغذية خاصة، لكي يحافظ على لقياته البدنية، كما يحتاج إلى التركيز والراحة النفسية، حتى يتمكن من تطوير نفسه ويواصل التداريب والتحصيل ومواكبة تطور مجال التحكيم، لكن كل هذه الأمور تتطلب موارد مالية، وهو أمر غير متوفر لمجموعة كبيرة من العناصر». وتابع الحكم نفسه «لكي تصبح حكما ناجحا، يجب أن تنفق على نفسك، من مالك الخاص، وتجتهد. صحيح أن بعض الحكام لديهم الإمكانيات، ويمارسون أنشطة أخرى غير كرة القدم، لكن الأغلبية السابقة من الحكام يعانون في صمت». وأضاف "هناك حكام محظوظون، لأنهم يستفيدون من التعيينات باستمرار، ويحصلون على تعويضاتهم، بشكل منتظم من الجامعة مقابل المباريات التي يديرونها، لكن المشكل المطروح هو بالنسبة إلى الحكام الذين لا يتم تعيينهم، أو الذين يقودون مباريات الهواة والعصب الجهوية، والذين يعيشون ظروفا لا نقول إنها قاسية، ولكن لا تشجع على الاجتهاد والتطور، إذ سرعان ما يتسرب إليهم الملل والإحباط». 3 آلاف درهم لكل مباراة يتقاضى حكام الساحة 3 آلاف درهم، عن إدارة كل مباراة بالقسم الأول للبطولة الاحترافية، إضافة إلى تعويضات عن المسافة التي يقطعها كل حكم، وتحتسب من المدينة التي يقيم فيها، إلى المدينة التي تجرى فيها المباراة. ويتقاضى الحكم الرئيسي في مباريات القسم الثاني ألفي درهم، فيما يحصل الحكم المساعد على 1400 درهم. ويحصل الحكام على تعويضاتهم من الجامعة مباشرة، عن طريق تحويلات في حساباتهم البنكية، عكس ما كان عليه الأمر في سنوات مضت، إذ كانوا يتلقونها من الأندية قبل المباريات، ما كان يؤدي إلى مشاكل كبيرة. حكام دون تغطية صحية لا يتوفر الحكام المغاربة، في الوضع الحالي، على أي نظام للتغطية الصحية. وتفجر هذا المشكل مع انطلاق أزمة كورونا، وتعليق الأنشطة الكروية، إذ اضطر فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، إلى تخصيص مساعدات مالية للحكام الذين لا يزاولون أي مهن أخرى، محددة في 6 آلاف درهم، مقسمة على أشهر مارس وأبريل وماي. وإذا كان بعض الحكام يمارسون مهنا أخرى، ويستفيدون من التغطية الصحية والاجتماعية، فإن أغلب الحكام لا يستفيدون من ذلك. أما بخصوص التأمين، فإن الحكام يستفيدون من التأمين عن الإصابات التي يتعرضون لها أثناء المباريات، لكنهم لا يستفيدون إطلاقا من أي تأمين عن المرض، أو فقدان "الشغل"، أو أي حادثة وقعت خارج المباريات. إنجاز: عبد الإله المتقي 3 أسئلة البعمراني: الظروف لا تعكس الإمكانيات ما تعليقك على الأوضاع التي يعيشها الحكام في كرة القدم الوطنية؟ أولا، التعويضات التي يقدمها الرئيس تحسنت، والحكام أصبحوا يتقاضون تعويضاتهم بانتظام عن طريق الجامعة، لكن المشكل الكبير يكمن في التعيينات، لأن الحكام يتقاضون تعويضاتهم مقابل التعيينات، وبالتالي يجب مراجعة هذا النظام، لأن هناك 30 حكما فقط نراهم في الساحة، وبالتالي يقودون المباريات ويحصلون على التعويضات، فيما الآخرون يعانون مشاكل كبيرة، خصوصا أن هناك حكاما ليس لديهم أي شغل أو وظيفة غير التحكيم. ماذا تقصد بنظام التعيينات؟ أقصد أن الوجوه نفسها تقود المباريات، ولا تتجاوز اللائحة 30 حكما، وعندما يخطئ حكم في «الفار»، فإنه يعين حكما للساحة، وإذا أخطأ يتم تعيينه في «الفار»، ما يعني أن عددا كبيرا من الحكام لا يحصلون على فرصهم، وبالتالي كيف يمكن أن نطالب حكما بالتمرن والحفاظ على لقياته البدنية والاجتهاد والتحصيل، وهو لا يحصل على أي فرصة، ولا يتقاضى أي تعويضات. هل صحيح أن هناك مشاكل اجتماعية لدى الحكام؟ في الحقيقة هناك فعلا مشاكل اجتماعية لدى الحكام، الذين لا يتم تعيينهم، فهنام حكام عاطلون، وحكام يقودون مباريات في الهواة والعصب الجهوية. أعتقد أنه حان الوقت للتفكير في التغطية الصحية للحكام وتسجيلهم في صندوق الضمان الاجتماعي. فرئيس الجامعة يوفر كل شيء، لكن المشكلة في غياب أفكار وبرامج لتطوير التحكيم. * (حكم متقاعد)

حكام تحت عتبة الفقر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الجزائر "خرجت لها نيشان"

سواعـد مغربيـة وفـرت اللقـاح

مقالات ذات صلة