“هاكا” مطالبة بفرض احترام حرية التعبير

بلقاضي أستاذ القانون العام والعلوم السياسية قال إن الحكومة مسؤولة عن تفعيل الفصل 25 من الدستور قال ميلود بلقاضي، أستاذ القانون العام والعلوم السياسية إن الحكومة مسؤولة عن تفعيل الفصل 25 من الدستور الخاص بحرية الفكر والرأي والتعبير لتطويق تداعيات الخطاب التكفيري. وأكد بلقاضي في حوار مع "الصباح" أن دائرة هذا النوع من الخطابات لن تتسع، بل ستبقى محدودة، شريطة أن تفرض الدولة هيبتها بصفتها دولة للحق والقانون والمؤسسات. في ما يلي نص الحوار: تعددت في الآونة الأخيرة تجليات خطاب التكفير في المشهد الفكري المغربي، بماذا تفسرون ذلك، وهل من خوف على اتساع دائرة الصراع داخل المجتمع ؟ إن ظهور هذا النوع من الخطابات يجب أن لا يخضع للمقاربة الأحادية بل يمكن قراءته من زوايا متعددة، وفي مقدمة هذه القراءات المقاربة السوسيولوجية، التي تربط ظهور خطاب التكفير في المشهد الفكري المغربي بالتطورات والمستجدات الدستورية والقانونية والاجتماعية والإعلامية والثقافية التي يعرفها المغرب منذ سنة 2011، حيث بدأت الساحة الثقافية تفرز خطابات متطرفة على ثلاثة مستويات: خطاب متطرف أمازيغي يرفض كل ما هو عربي وما هو إسلامي، وخطاب علماني يريد فصل الدين عن الدولة وعن المجتمع، وخطاب ديني متطرف يرفض كل انفتاح وكل حداثة.ورغم اختلاف المرجعيات بين الخطابات الثلاثة، فهم يلتقون في نقطة التطرف وإقصاء الآخر، وهذا خطر على حاضر ومستقبل البلاد، لكن من حظنا أن هذه الأشكال من الخطابات المتطرفة تبقى محدودة ومرفوضة عند أغلبية الشعب المغربي.شخصيا، أعتقد أننا في حاجة أن نحترم الاختلاف، ونحترم حرية التعبير كما أصبحت مدسترة، لكن حرية التعبير لا تعني إقصاء الآخر وتكفيره لذلك، فإن ظهور خطابات التكفير في المشهد الفكري المغربي هو سلوك منبوذ دستوريا، لأنه يتعارض ومؤسسة إمارة المؤمنين في علاقاته مع مؤسسة الإفتاء ومرفوض دينيا، لأنه يتعارض والمذهب المالكي الذي اختاره المغاربة مذهبا لهم أساسه التسامح والاعتدال والوسطية وغير مقبول اجتماعيا وثقافيا، لأنه يتعارض وخصوصيات المجتمع المغربي الذي ينبذ التطرف والإرهاب في كل أشكاله ومن أي جهة جاء.وأعتقد شخصيا أن خطابات التكفير لن تتسع بل ستبقى في دائرة محدودة بشرط بان تفرض الدولة هيبتها بصفتها دولة الحق والقانون والمؤسسات. أثارت مداخلة الأستاذ عصيد انتقادات واحتجاجات عدد من شيوخ السلفية وصلت حد التهديد في السلامة الجسدية، ألا تعتبرون أن فزاعة التكفير التي يرفعها البعض قد تشكل خطرا على حرية التعبير؟قبل الجواب على سؤالك، أعلن تضامني المبدئي مع الأستاذ عصيد من زاوية احترام حقه في التعبير، وإن كنت أختلف معه من الناحية المرجعية. شخصيا أعتقد أن المشكل يتجاوز عصيد وشيوخ السلفية أي يتجاوز الأشخاص إلى المؤسسات فالنقاش الدائر بينهم هو نقاش يخفي صراع تيارات مجتمعية التيار العلماني المتطرف والتيار السلفي وأتمنى أن يركز النقاش بين هاته التيارات حول الفكر الممنهج بالمرجعيات وليس حول الأشخاص وبالتهديد في السلامة الجسدية، لأن في ذلك مؤشرات وتبعات خطيرة على حاضر ومستقبل البلاد .وبالمناسبة، نتساءل عن دور وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ودور المجلس الأعلى لعلماء المغرب من هذه النقاشات، وعن حماية الأمن الروحي، لذلك نقول إن الاختلاف رحمة، لكن دون أن يشكل خطرا على حرية التعبير أوتهديدا لحياتهم. ما هي في نظركم أسباب هذه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها عدد من رموز الفن و الإبداع وذلك تحت ذريعة الدفاع عن الدين الإسلامي؟على الإعلام أن لا يضخم الأمور، ما يعرفه المجتمع المغربي في الآونة الأخيرة من نقاشات واتهامات وهجمات متبادلة هي أمور عادية في ظل مجتمع طلق ثقافة الخوف والتحدث بصوت منخفض، مجتمع أصبح يمتلك حرية التعبير والإعلان عن المواقف بكل جرأة وهذا من نتائج الحراك الاجتماعي الذي عرفه المغرب وساهم في تعديل دستوري، حيث أصبحت حرية التعبير مكفولة.وهذا النوع من الهجمات الشرسة التي يتعرض لها عدد من رموز الفن والإبداع تحت ذريعة الدفاع عن الدين الإسلامي ليست بالجديدة داخل المجتمع المغربي، فهي كانت موجودة في كل محطات تاريخ المغرب الحديث ولكن كانت تتم بصمت وتمارس بأشكال متعددة بعيدا عن وسائل الإعلام التي أصبحت اليوم سلطة من لا سلطة له، فالإعلام أصبح يلعب دورا أساسيا في فضح كل الصراعات المجتمعية التي قد تتخذ أشكالا متعددة، إما الدفاع عن الهوية والدين أو الدفاع عن الحرية الفردية أو الدفاع عن حرية التعبير.كما أن الحكومة مسؤولة في تفعيل مضمون الفصل 25 من الدستور الذي يشير إلى أن حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها، حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الأدب والفن والبحث العلمي إلخ... وصل السجال إلى مرحلة تتسم بكثير من الراديكالية، أصبحت تتهدد معها الكثير من الحقوق التي كرسها الدستور الجديد، إلى أي حد يمكن أن نتكلم عن سيناريو الانتكاسة الحقوقية في ظل سيادة مثل هذا الخطاب ؟لا أعتقد أنه يمكن أن نتكلم عن سيناريو الانتكاسة الحقوقية في ظل سيادة مثل هذا الخطاب لأسباب متعددة، منها ما هو قانوني دستوري، حيث أن جل الحقوق التي جاء بها دستور 2011 ما زالت بحاجة إلى قوانين تنظيمية، ومنها ما هو حقوقي على اعتبار أن المغرب يتوفر على منظمات حقوقية وجمعيات مدنية منظمة وقوية، ولن تقبل أي تراجع عن هذه الحقوق المدسترة، ومنها كذلك ما هو مؤسساتي المتمثل في الالتزامات الدولية للمغرب والانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، وكذا التزام المغرب أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة باحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير والانفتاح على المنظمات الوطنية والدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. هل يمكن أن تصل الحالة المغربية إلى ما هو عليه الحال في دول الربيع العربي؟كل شيء ممكن، لكن المغرب ومؤسساته ونخبه واعون بأهمية الاستثناء المغربي الذي يجب تأمينه وصيانته لكي لا ينفلت ويستغله الفكر المتطرف، سواء كان أمازيغيا أو قوميا أو علمانيا أو سلفيا دون أن ننسى هنا أدوار إمارة المؤمنين والمؤسسة الملكية، كما حددها الدستور في الباب الثالث .لكن مغرب اليوم في حاجة إلى تفعيل الدستور الجديد لترسيخ دولة الحق والمؤسسات والديمقراطية ما دام الخيار الديمقراطي أصبح رابع ثوابت البلاد. كيف يمكن ضمان الحق في التعبير عن الرأي والتعبير دون الانزلاق في اتجاه إشعال فتيل الفتنة داخل المجتمع ؟ احترام القوانين الموجودة والتشبع بقيم الديمقراطية آلية تدبيرية للاختلاف وليس آلية للإقصاء وتفعيل الفصل 28 من الدستور الذي ضمن للجميع الحق في التعبير ونشر الأخبار والأفكار والآراء بكل حرية ومن غير قيد عدا ما ينص عليه القانون بصراحة. كما أن الهيآة العليا للاتصال السمعي البصري يجب أن تتحرك بصفتها مؤسسة دستورية (الفصل 165) للسهر على احترام التعبير التعددي لتيارات الرأي والفكر. أجرى الحوار: ياسين قُطيب

“هاكا” مطالبة بفرض احترام حرية التعبير

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الراضي: فتاوى التكفير ازدادت في عهد بنكيران

التباس بسبب فتوى العلماء وقضية عصيد

مقالات ذات صلة