أخطاء تجر قضية الصحراء إلى المأزق

لم تكن المرة الأولى، التي تطرح فيها قضية توسيع صلاحيات بعثة مينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء ومخيمات تندوف. لكنها المرة الأولى التي استنفر فيها توجه بهذه الخطورة الآلة الدبلوماسية والسياسية المغربية، قصد تطويق الموقف. حين طرحت جنوب إفريقيا ، بصفتها عضوا غير دائم العضوية بمجلس الأمن، فكرة توسيع صلاحيات البعثة الأممية، فهم الكثيرون أن هذا المطلب مطروح اليوم، وأن الاشتغال يجب أن يكون على هذه الواجهة، حتى لا تتحول فكرة مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء إلى انتقاص من السيادة على الوطن.الثقة التي وضعها المغ رب في حلفائه الفرنسيين والأمريكيين، تحديدا، داخل مجلس الأمن، أنسته الترتيب لأي فعل من شأنه أن يجر نزاع الصحراء إلى وجهة غير محسوبة العواقب. وبذلك فإن الدبلوماسية المغربية استفاقت من حالة «التنويم» مذعورة، تسارع الوقت والمواقف لأجل تجنب سيناريوهات أسوأ في حال مر مشروع مسودة واشنطن.لقد كان حريا بالدولة أن تستعد لهذه اللحظة العصيبة التي تمر منها القضية الوطنية، من الوقت الذي طرحت فيه فكرة توسيع مهام مينورسو من قبل دول غير دائمة العضوية بمجلس الأمن، لأن فكرة تسجيلها بدفتر المجلس تكفي لتقض مضجع المسؤولين والدبلوماسيين المغاربة لاتخاذ الاحتياطات الكافية تجنبا لما هو أسوأ. وهكذا فعوض أن تراهن الخارجية المغربية على الصداقات الدائمة، يفترض أن تبحث عن استمرار المصالح، لأنها القادرة وحدها على ضمان الدعم، رغم كل ما تقدمه الرباط في سبيل تعزيز الديمقراطية والاستقرار والأمن ومكافحة الإرهاب في منطقة الساحل.تشبه المبادرة الأمريكية، التي تم التراجع عنها، فكرة العلاج بالصدمة الذي يستخدم لحظة توقف القلب، أو عدم قدرته على النبض. وبما أن علم الموت السريري يقر أن الموت لا يعني توقف القلب أو أن يستمرّ في النبض، بل يرتبط بما يصدر عن العقل من أوامر تجعل الحياة مستمرة، فإن هذه الصدمة قد تكون مفيدة، حتى تستعيد الدولة المبادرة، وتدرك أن في العلاقات بين الدول ليست هناك صداقات دائمة بل هناك مصالح دائمة. لقد ظلت قضية الصحراء قضية كل المغاربة، بخلاف الجزائر التي تجعل منها قضية نظام، وتصفية حسابات تاريخية، والبحث عن مواقع إستراتيجية في المنطقة.لقد ربح المغرب معركة توسيع صلاحيات بعثة مينورسو، لكنه لم يربح الحرب. ففكرة التوسيع روجت لها بوليساريو بداية على أساس الاستغلال والتوظيف السياسي لقيم حقوق الإنسان من أجل تحقيق مكاسب سياسية في نزاع الصحراء. لكن يجب الإقرار أن الأخطاء التي ارتكبت بعد هذه المرحلة هي التي بررت فكرة التوسيع، ولعل خلفيات أحداث مخيم «اكديم إزيك» واحدة من هذه الأخطاء التي ندفع ثمنها اليوم. بالمقابل، يبقى الارتزاق واحد من الأهداف التي تحرك مطالب «بوليساريو الداخل» في ملف حقوق الإنسان، وقد تحولت هذه الفئة اليوم إلى «فزاعة»، تستخدمها بوليساريو للتضييق على نشطاء حقوق الإنسان داخل المخيمات، وهو الأمر الذي ظهر جليا خلال لقاءات بوليساريو مع أفراد من انفصاليي الداخل جعلوا منهم ورقة للضغط على نشطاء تندوف، ووسيلة جديدة لترهيبهم.إحسان الحافظي

أخطاء تجر قضية الصحراء إلى المأزق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

النقابات تدير ظهرها لبنكيران

تداول المجال الحقوقي مدخل للمس بسيادة الدول

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات