كيف تدير مخابرات الجزائر المخيمات؟

طوق أمني يوفر غطاء لقيادات الجبهة وضباط جزائريين للتجارة في السلاح والمخدرات بقلم: الفاضل الرقيبي منذ وصول أولى قوافل الصحراويين المهربين نحو الأراضي الجزائرية مطلع دجنبر 1975، اعتمد الأمن الجزائري على مجموعة من الخطط الأمنية لأجل السيطرة على سكان المخيم، من بينها التطويق العسكري ومنع الدخول والخروج إلى المخيم، إلا بإذن من مكتب التنسيق العسكري المعروف بــ "السكتور"، وذلك من أجل السيطرة على المهجرين ومعرفة وجهتهم والتحكم في كل مداخل ومخارج المخيم، وبالتالي تسهيل عملية الإدارة، وكذلك محاسبة كل من سولت له نفسه الوقوف في وجه الانتهاكات والتجاوزات التي تقع بتلك البقعة المظلمة. وأثبتت الشهادات المتواترة على مر العقود الأربعة الماضية، أن الاستخبارات الجزائرية تشرف بصفة مباشرة على إدارة المخيم وتسخر إمكانيات بشرية ومادية هائلة لأجل ذلك، بدءا بفيالق الجيش المنتشرة على محيط المخيم، وصولا إلى المئات من الأعين المجندة بين أوساط السكان، و التي ترصد كل شيء داخل هذا المخيم و تقدم تقاريرها بانتظام لمركز التجسس والمراقبة بـقاعدة "الغزواني" التي يتمركز فيها عدد من ضباط الأمن والاستخبارات الجزائرية لأجل مهمة واحدة وهي بسط السيطرة على سكان المخيم وتوجيه قيادة الرابوني، حسب أهواء مسؤولي بن عكنون. فكيف تتم هذه السيطرة؟ وعلى ماذا تعتمد؟ الطوق الأمني والعسكري تمتد المخيمات على مسافة 175 كيلومترا، وتنقسم إلى خمسة تجمعات سكنية كبيرة تطلق عليها جبهة "بوليساريو" ولايات (العيون، أوسرد، السمارة، بوجدور، الداخلة) حيث يقبع سكان كل مخيم منها تحت حواجز رملية مرتفعة لكل منها ممران فقط لتسهيل عمليات المطاردة التي عادة ما تقع بين الأمن الجزائري وبعض الصحراويين هناك. كما تتمركز وحدات من الحرس الجزائري على حافة كل مخيم بل إنها تبعد عن بعض المخيمات بحوالي خمسة كيلومترات فقط، كحالة مخيمي أوسرد والسمارة، إذ يلج الجنود الجزائريون بشكل يومي لاقتناء حاجياتهم، كما أن الدوريات الراجلة عادة ما تدخل للمخيم بالليل بقصد زيارة أوكار الدعارة والخمور التي تنتشر بالقرب من الحواجز الرملية التي أقامتها جرافات اللواء التاسع المدرع منذ 2011. هذا الطوق الأمني هو الذي يضمن التحكم في الحركة من و إلى المخيمات برمتها، كما أنه يوفر أيضا غطاء لكل الأنشطة غير الشرعية التي تقوم بها قيادات الجبهة، بالتواطؤ مع بعض الضباط الجزائريين كتجارة السلاح و المخدرات وتهريب المساعدات الإنسانية التي تعبر من المخيم باتجاه الداخل الجزائري وشبكات الاتجار بالبشر، إذ ثبت أكثر من مرة تورط حرس الحدود و قيادة الفوج 23 تحديدا في عمليات نقل دفعات من الأفارقة باتجاه الداخل. زراعة الأعين داخل المخيم يقوم مكتب الاتصال العسكري بتندوف بالتعاون مع أمن البوليساريو بتجنيد المئات من الأشخاص داخل مفاصل الحركة المدني منها والعسكري، لأجل رصد كل تحركات اللاجئين الصحراويين. كما أن هذه الأذرع الاستخباراتية هي المسؤولة عن نشر الإشاعات والرعب بين أوساط سكان المخيم. ويوفر المكتب لهؤلاء امتيازات خاصة ومكافآت سخية مقابل مدهم له بالمعلومات الكافية لتتخذ الجبهة و مكتب الاتصال الخطوات اللازمة من اعتقال وقمع، وحتى تصفية لكل من ثبت من التقارير إنه يخطط لأي شئ قد يساهم في نشر الوعي بين السكان، كما وقع في العديد من المرات، حين أفشل الأمن الجزائري العديد من المبادرات الشبابية الرامية لكسر الحصار ونقل الحقيقة، و هناك من يتم تجنيدهم عن طريق الضغط عليهم بأساليب غير أخلاقية كتصوير الأفلام الإباحية أو فبركة تسجيلات رشوة، كما حدث مع العديد من الأشخاص حسب رواياتهم، وهو الأمر نفسه الذي حدث لقيادات وازنة في "بوليساريو"، كان آخرهم البشير مصطفى السيد، إذ يتم ابتزازها من قبل الأمن الجزائري بوثائق مسروقة و بمقاطع و صور مخلة، و تمكن تقارير الأعين الأمنية داخل المخيم مكتب الاتصال الجزائري من رصد أي نشاط سياسي أو تجاري أو حتى جمعوي، وهو الشيء الذي يجعل الأمن الجزائري مسؤولا عن كل التجاوزات التي تحصل ضد صحراويي المخيمات. حركة التنقل للجزائر تاريخ طويل فــي عــزل مخيمات اللاجئين الصحراويين الــتي تعرضت إلى عمليات إغلاق عديدة خلال العقديـن الماضيـين، لكن الحصار المشدد الذي بدأت بفرضه عقب انتشار الوعي بين الشباب واتخاذه مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن رفضه للاحتجاز كان شكلا غير مسبوق من أشكال العقاب الجماعي، حين أعلنت عن مجموعة من الإجراءات للتحكم في الحركة داخل المخيم وخارجه، وقـــررت فــرض المزيد من القيود، كتسلم التصاريح من أمن الجبهة ثم من المكتب العسكري الجزائري، وبعدها إذن عبور من إدارة الجمارك الجزائرية، ففرضت القيود على دخول الوقود والبضائع وحركة الصحراويين من وإلى المخيم. وعملـت السـلطات الجزائرية، أخيرا، علـى ترسـيخ سياسة عزل المخيم، بفصله عن تندوف وتحديد طبيعة الأشخاص والبضائع التي يحق لها الخروج والدخول إليها، إذ ترتـب عن ذلك التضييـق علـى دخول وخروج المحتجزين من وإلى المخيمات، ومنع الطلاب الجامعيين في المخيم من تلقي التعليـم فـي جامعات الشمال الجزائرية إلى حد الساعة، بحجة الإجراءات الاحترازية من كورونا، رغم أن الجامعات في الشمال مفتوحة، ولكن المكتب العسكري يمنع خروج أي صحراوي هذه الأيام، لاعتبارات أمنية أخرى، ويفرض جملة من الإجراءات على الراغبين في التوجه الى المنطقة العازلة كسحب جواز السفر الجزائري و أخذ بصمة كل العابرين. ولا تزال السلطات العسكرية بمدينة تندوف ماضية في خنق المحتجزين في ظل تفشي وباء كورونا بشكل مهول وبات السكان، بعيدين عن أعين العالم الذي تحاول قيادة "بوليساريو" والسلطات الجزائرية إقناعه أن الوضعية الوبائية تحت السيطرة، بالرغم من الشهادات الحية التي تتحدى جبروت عصابة غويلي واللواء إسماعيلي التي تواجه كل من سولت له نفسه فضح حقيقة الأوضاع في المخيمات بالمزيد من القمع والخروقات التي يندى لها الجبين.

كيف تدير مخابرات الجزائر المخيمات؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

دخول استثنائي

إحباط تهريب 4 أطنان من الحشيش بالوليدية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات