مركز المعمورة … معلمة بلا روح

أوشن حوله إلى فراغ ومركز طبي بأطر محدودة والتعيينات تفجر أزمة وكورونا يوقف مختلف الأنشطة لا أحد يجادل في أن مركز محمد السادس لكرة القدم، الواقع على مساحة تفوق 29 هكتارا، أحدث ضمن مشروع الجامعة المتعلق بتأهيل البنيات التحتية، من أجل الارتقاء بكرة القدم الوطنية. ورغم مركز محمد السادس يتوفر على كل المواصفات، التي صنفته من بين أفضل خمسة مراكز في العالم، إذ يحتوي على أجنحة خاصة بالمنتخبات ومركزا طبيا ومسبحا وملعبين للتنس وتسعة ملاعب لكرة القدم ذات عشب طبيعي واصطناعي وملعب لكرة القدم الشاطئية وتجهيزات رياضية تستجيب للمعايير الدولية، إلا أنه لم يحقق المنتظر منه، بسبب قلة الموارد البشرية أو غياب الكفاءة، ناهيك عن مشاكل تدبيرية وتسييرية همت الإدارة التقنية للجامعة. ويبدو أن انطلاقة مركز محمد السادس يشوبها الكثير من الغموض، في ظل عجز الجامعة عن احتواء أزمة الإدارة التقنية ومشاكل المنتخبات الوطنية وفشل المركز الطبي في تلبية كل الحاجيات، نظرا للخصاص الموجود، خاصة على مستوى الأطر البشرية، كما أن فيروس كورونا المستجد أربك كل الحسابات، وأوقف مختلف معسكرات المنتخبات واختبارات الحكام، قبل أن يتحول إلى بؤرة وبائية دفعت السلطات المختصة إلى إغلاقه لمدة أسبوع. مركز طبي بأطر محدودة يشكل المركز الطبي بمركب محمد السادس لكرة القدم بالمعمورة، أحد أبرز المراكز الطبية المختصة في الطب الرياضي في العالم، لما يتوفر عليه من تجهيزات واختصاصات، غير أن استغلاله ليس بالشكل المطلوب، بالنظر إلى عدم توفره على أفضل الأطر الطبية المتخصصة في جميع المجالات المرتبطة بالرياضة، عدا استثناءات قليلة. ويمكن القول، إن المركز الطبي يعد من بين أحسن المراكز الطبية في العالم، إذ يضاهي في إمكانياته مركز "أسبيتار"، إلا أن الإشعاع الذي سجله الأخير على المستوى الدولي، يفوق بكثير مركز المعمورة. كما أنه في الوقت الذي يستقطب فيه، أبرز الحالات المستعصية على المستوى العالمي، لم يستقبل مركز المعمورة، بعض الحالات الوطنية، إذ تفضل أغلب الأندية الوطنية الوجهة الخليجية. ضعف الاستقبال...أزمة ثقة أم غياب الكفاءة ؟ لم تتعد الإصابات التي استقبلها المركز الطبي بالمعمورة، بعض الحالات العادية، أغلبها للاعبين استدعوا للمنتخبات الوطنية الصغرى، واصلوا علاجهم تحت إشراف الأطر الطبية للمنتخبات، إذ تبين أنه يعاني خصاصا كبيرا في الأطر الطبية، كما أن هناك مجموعة من التخصصات، التي لا يتوفر على أطباء متخصصين فيها، فيستعين بأطباء يشتغلون بشكل دوري وحسب الحالات المتوفرة. ويصنف المركز الطبي ضمن الجيل الجديد، بحكم استجابته لمعايير الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، ويضم قاعات للعلاج الفيزيائي، كما يحتوي على أحدث الوسائل في تشخيص الأمراض، إذ يضم ثلاثة طوابق، بها العديد من الأجهزة لكشف الإصابات، إضافة إلى قاعات خاصة بطب العيون والأسنان والعظام والأرجل والقلب والشرايين والجهاز التنفسي والصدر والتغذية والطب النفسي، والإعداد البدني وقاعة للياقة البدنية، ومسبح مجهز بوسائل تمكن من معالجة اللاعب المصاب في الماء، وقاعة للتبريد تصل درجة الحرارة فيها إلى ناقص 110، خاصة باستعادة اللياقة البدنية، ويدخل إليها اللاعب لمدة ثلاث دقائق فقط، وتمكنه من استعادة لياقته في نصف ساعة، والفحص بالأشعة والفحص بالصدى، والعلاج الكهربائي وقياس كثافة العظام، والعلاج بالتبريد، فضلا عن وحدة طبية للمستعجلات. ويبدو أن هذه الإمكانيات لا تستغل بالشكل المطلوب، في علاج إصابات لاعبي البطولة الوطنية، وبعض الرياضيين المنتمين لجامعات رياضية أخرى، ما يطرح السؤال إن كان يتعلق الأمر بأزمة ثقة في العلاج، أم انعدام كفاءة الأطر المشرفة على المركز الطبي. التعيينات تفجر أزمة بالمنتخبات فجرت التعيينات أزمة حقيقية بالمنتخبات الوطنية، كما وجد روبيرت أوشن، المدير التقني للجامعة، نفسه في ورطة، جراء الانتقادات شديدة اللهجة التي استهدفت اختياراته التقنية ومدى مطابقتها لمعايير الكفاءة والأهلية. ورغم إخضاع مدربين مغاربة حاصلين على دبلوم "ويفا" برو ووجود آخرين لديهم تجربة ميدانية لا يستهان بها، إلا أن أوشن قرر تعيين البرتغالي بيرنار أروسو على رأس المنتخب الوطني للشباب دون اختباره، علما أنه يفتقد إلى التجربة الكافية التي تؤهله لهذه المهمة، إضافة إلى اختيار الإسباني سيرجيو بيرناس، لمنتخب أقل من 17 سنة، وهو المدرب غير المعروف إطلاقا، في إسبانيا، كما لم يحقق نتائج سارة مع بعض الفئات الصغرى في إسبانيا. في المقابل، عمد أوشن إلى إقصاء مدربين يتمتعون بالخبرة اللازمة والكفاءة المهنية بحصولهم على دبلوم مدرب محترف، الذي يخول لهم تدريب أي فريق أوربي، على غرار عزيز كركاش ورضا حكم ومروان خرباش ووحيد بجعيط، الذي عين مديرا تقنيا بعصبة الشمال في الوهلة الأولى، قبل أن يجد نفسه مبعدا مع سبق الإصرار والترصد، رغم أن الدبلوم الحاصل عليه لا يتوفر عليه كثيرون، ممن يشتغلون حاليا بالإدارة التقنية. وظهر ارتجال المدير التقني واضحا، عندما عين بيرنار سيموندي مدربا للمنتخب الأولمبي، رغم عدم ارتباط هذه الفئة بأي منافسة خلال السنتين المقبلتين، واختيار زكرياء عبوب، وهو الذي حقق نتائج إيجابية بمنتخب الشباب، مدربا مساعدا له، ناهيك عن التعيينات الأخرى غير المجدية والمفهومة، خاصة تعيين الأمريكية كيلينسي، المفتقدة للتجربة والخبرة، مدربة للمنتخب النسوي الأول. كورونا أوقف أنشطة المركز راهنت الجامعة على مركز محمد السادس من أجل احتضان معسكرات المنتخبات الوطني واختبارات الحكام واجتماعات الأطر التقنية والمدربين، خصوصا أنه يتوفر على أحدث التجهيزات الرياضية وقاعات للندوات. ورغم تدشينه منذ دجنبر الماضي من قبل جلالة الملك، كما أثنى جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم على موقعه الاستراتيجي ومواصفاته العالمية وتجهيزاته الرياضية، إلا أن فيروس كورونا المستجد أوقف مختلف الأنشطة المبرمجة به، كما ألغيت معسكرات تدريبية للمنتخبات الوطنية به في الفترة الأخيرة. ولم يسبق للمنتخب الوطني، الذي يدربه وحيد خاليلوزيتش، خوض معسكر تدريبي بمركز محمد السادس منذ تدشينه، بسبب إلغاء الجولتين الثالثة والرابعة من التصفيات الإفريقية المؤهلة إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا، واللتين كانتا مقررتين في مارس وأبريل الماضيين. كما ألغى المنتخب الوطني داخل القاعة معسكرين تدريبيين في الفترة الأخيرة، بسبب إغلاقه لأسبوع نتيجة تسجيل حالتي إصابة بفيروس كورونا، ناهيك عن تأجيل الاختبارات البدنية المتعلقة بالحكام، المرشحين لقيادة ما تبقى من مباريات الموسم الكروي الجاري. وإضافة إلى تجميد مختلف أنشطة مركز محمد السادس، ألغى فيروس كورونا مشاركة المنتخب الأولمبي في الدوري الدولي بتولوز الفرنسية، بسبب الظروف الصعبة والاستثنائية التي يمر منها العالم حاليا. إنجاز: عيسى الكامحي وصلاح الدين محسن الجامعة تسحب البساط من الوزارة المجلس الأعلى يعتبر استغلالها للمركز غير قانوني فاجأ تقرير المجلس الأعلى للحسابات صادر في 2019، بخصوص وضعية وزارة الشباب والرياضة، عن الفترة الممتدة بين 2012 و2016، الجميع بإعلانه أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تستغل مركب محمد السادس، دون سند قانوني. وأثار تقرير المجلس الأعلى واحدة من بين أبرز النقط الساخنة داخل وزارة الشباب والرياضة، بالنظر إلى استغلال مركب المعمورة من قبل جامعة الكرة، منذ سنوات، دون أن يوضع رهن إشارتها بالطرق القانونية المتعارف عليها. ويخضع مركب المعمورة في المرسوم الحكومي إلى المعهد الملكي لتكوين الأطر «مولاي رشيد»، إذ ظل تحت إشرافه من الناحية المالية والإدارية، علما أن المعهد الملكي خاضغ من الناحية الإدارية لوزارة الثقافة والشباب والرياضة. كما يشرف على التدبير الإداري لمركب المعمورة، حسن خربوش، التابع إداريا للوزارة، والموجود رهن إشارة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ومن الناحية التدبيرية، يخضع مركب المعمورة للجامعة، التي أعدت له ميزانية لتدبيره، كما أنها المعنية باستخلاص نفقات استغلاله. وتتصرف جامعة الكرة في تدبير صفقات مركب المعمورة، بعد أن طلبت أخيرا بعض طلبات عروض متعلقة بالبستنة وأمور أخرى متعلقة بالصيانة، رغم أنها اعتبرتها صفقات متعلقة بالمركز الوطني لكرة القدم بالمعمورة، وهي التسمية القديمة لمركب المعمورة، والمعتمدة من قبل الوزارة، أضف إلى ذلك أن إدارة معهد مولاي رشيد اتخذت في الفترة الأخيرة، مجموعة من الإجراءات، من أجل توفير عدادات خاصة بمركب المعمورة، ما يؤكد أن وثائقه مازالت تحت تصرف الوزارة. مواصفات عالمية لإدارة ضعيفة أوشن وفريق عمله فشلا في الاستفادة من تجهيزات مركز المعمورة وتحويلها لمصدر قوة الأطر والمنتخبات لم يساهم افتتاح مركب محمد السادس الدولي لكرة القدم بالمعمورة، في تخلص الإدارة التقنية الوطنية، من المشاكل الكثيرة التي واجهتها، وتجاوز العقبات التي اعترضتها، منذ تعيين الويلزي روبيرت أوشن، مديرا تقنيا وطنيا. وسجل الويلزي أوشن أسوأ انطلاقة لإدارة تقنية وطنية، تابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، رغم توفرها على أحدث التجهيزات، التي يمكن أن يستعين بها إطار تقني في عمله، وأحد أفضل المراكز الخمسة الأولى في العالم، فبعد مرور موسم كامل على تعيينه، لم يقم بما يمكن أن يشفع له في تسلم الأجر الدسم، الذي يتقاضاه شهريا، مدفوعا له من جيوب دافعي الضرائب. ويتوفر مركب المعمورة على العديد من البنيات التحتية، التي بإمكانها أن تساعد الأطر الوطنية على التكوين في أعلى مستوى، غير أن الويلزي جعل من مركب محمد السادس، مجرد كومة إسمنتية ليس فيها أي روح، سيما أنه كان يراهن على أن يعمر مدة لا تقل عن خمس سنوات، من أجل إقناع المسؤولين بنتائج عمله. وحاول أوشن الاستئثار بعمل الإدارة التقنية الوطنية لوحده، ولفريق عمله، إذ حاول استبعاد الأطر الوطنية، التي تملك خبرة كبيرة في مجال تكوين المدربين واللاعبين، وحققت نتائج مهمة مع المنتخبات الوطنية، بل منها من حقق نتائج عجز المدربون الأجانب عن تحقيقها، رغم الأجور العالية التي تقاضوها. وساهم تأخر أوشن في إعلان أسماء مدربي المنتخبات الوطنية، في عدم استفادتها من مركب المعمورة، إذ لم تقم سوى بتجمعات معدودة على رؤوس الأصابع، لم تستغل في اختبار لاعبين يمارسون بأوربا، عدا في مناسبة واحدة. وواجه أوشن العديد من المشاكل مع العصب الجهوية، بعدما حاول فرض أطر معينة على رؤسائها، ونظم لها اختبارات بمركب المعمورة، إلا أن ذلك لم يكن كافيا ليفرض آراءه عليهم، الشيء الذي يؤكد ضعف الإدارة التقنية، التي لم تستطع الاستفادة من مركب يعد الأول، ضمن القارة السمراء، حسب شهادة جياني إينفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم.

مركز المعمورة … معلمة بلا روح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

2000 أورو لـ "الحريك" إلى إسبانيا

بلقيس تغني بالدارجة من جديد

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات