تنامي الإلحاد … عصيد: نخبة المجتمع

3 أسئلة إلى * أحمد عصيد < كيف تبرر تنامي الإلحاد؟ < تنامي الإلحاد في نظري طبيعي جدا، والسبب يعود إلى أربعة عوامل، الأول شخصي، يتعلق بالفرد، الذي يطرح تأملات وجودية بينه وبين نفسه أو في قراءته وبحثه. والمسار الشخصي لكل لفرد يعرف مدا وجزرا في موضوع الإيمان، لهذا نجد الجانب المتعلق بتجارب الأشخاص تختلف من فرد لآخر. السبب الثاني، أن دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تستغل الدين بنسب متفاوتة في حقل الشرعية السياسية، وبالتالي يتحول الدين إلى نظام عام، ويفرض بالإكراه، ورد فعل المجتمع هو المقاومة بالنزعة الإلحادية. فكلما تشددت الدولة في فرض الدين ورقابته، كلما ازدادت نسبة الإلحاد، وهذا ما يقع في إيران والسعودية والسودان، حسب دراسات قام بها باحثون خليجيون، الذين ربطوا بين تزايد الإلحاد بالتشدد الديني، لأنه يمثل مقاومة المجتمع ضد سلطوية الدين الرسمي، كما حدث في أوربا، والتي مهدت لظهور عصر الأنوار. والسبب الثالث ظهور حركة الإسلام السياسي والدعاة على الطريقة الإخوانية والوهابية وغيرهما، جعلت الشباب والنساء ينفرون من الدين، بسبب أن الحركة الإسلامية تقدم نفسها على أنها الإسلام الصحيح، فتتم مقاومة تلك الأفكار بالعودة إلى نصوص، ليكتشفوا أنها تؤكد ما يدعيه الإسلاميون والدعاة فيحدث الإلحاد، بمعنى أن أغلب الناس لم يكونوا يعرفون الإسلام، بعبارة أخرى الحركة الإسلامية لفتت انتباه الناس إلى ما في الفقه القديم من مشاكل عويصة. والسبب الرابع، هو الأنترنت، فسابقا البحث في موضوع معين، كان يتطلب أشهرا من البحث عن المراجع والنصوص، أما حاليا فجميعها تحت تصرف الفرد بنقرة واحدة، وبالتالي صار الشباب يكتشفون أشياء عديدة وبسهولة، مثلا دخلت في نقاش مع شباب حول الجزية، وأكدت أن الطريقة التي كانت تسلم بها عنصرية ضد غير مسلم، بأن يقبضها المسلم وهو جالس، وأن يدفعها الذمي وهو واقف، وعندما ينحني لتأديتها يضرب بالنعال وتوطأ عنقه، فدعوتهم إلى قراءة العهدة العمرية، التي وقعها عمر بن الخطاب مع نصارى القدس، وكتاب "أحكام أهل الذمة"، لابن قيم الجوزية، فصدموا مما اطلعوا عليه، لهذا فالأنترنت ساهم في فتح عيون الشباب على أمور كثيرة أخفاها الفقهاء، من باب أن هناك أمورا لا يجب أن يعلمها العامة خوفا من انحرافهم عن الدين، لكن هذا ما حدث فعلا. < سابقا كان الإلحاد حكرا على اليسار، أما حاليا فانتشر بين الجميع، ما قولك؟ < إلحاد اليسار كان مرتبطا بنسق فكري وفلسفي، هو المادية الجدلية والتاريخية حسب الفكر الماركسي، فماركس اعتبر قراءة البنية العليا وهي الأفكار والإيديولوجيا والدين لا بد أن تنطلق من البنية التحتية، أي كل ما هو اقتصادي واجتماعي، اليوم لم يعد الإلحاد نسقيا، بل صار مرتبطا بتجارب الأفراد وثقافتهم وبفتح نقاش عمومي، ووجود فيسبوك والأنترنت، وتفشي الصراع الطائفي، كما الأمر في سوريا حاليا، والذي ولد قناعة لدى الشباب أن المسلمين لم يوقفوا قط حروبا في تاريخهم، وأن وقف الاقتتال لا يتم إلا بجعل العقيدة محايدة أمام المؤسسات والجميع. < يعاني الملاحدة حملة اضطهاد وتهديدات بالقتل بل وحتى الاعتقال، لماذا؟ < الإلحاد ليس موضوعا للتفكير، بل هو من الطابوهات، لأنه يهدد النسق السياسي للأنظمة التي تستعمل الدين، ويشكل خطرا عليها، وبدل مناقشته، يصبح مدعاة للتحريض والتكفير، وهنا أدعو إلى بذل مجهود لغوي لتغيير مفهوم الإلحاد، إذ يعني لغة الميل عن الحق والانحراف والزيغ والضلال، وهي معان سلبية وضعها المؤمنون، لأن الملاحدة نخبة المجتمع، فهم مثقفون كرسوا جل وقتهم في البحث عن الحقيقة والقراءة، لهذا يستحيل أن تجد أميا أو جاهلا ملحدا. أجرى الحوار : مصطفى لطفي *مفكر وناشط حقوقي

تنامي الإلحاد … عصيد: نخبة المجتمع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الأتراك الأكثر مشاهدة في "دوزيم"

تراجع القيمة التسويقية للبطولة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات