تجار كورونا … مصاصو الدماء

تجار وسماسرة ووسطاء ومصنعون استغلوا أزمة كوفيد19 للغش في الأسعار والجودة والخدمات وراكموا الملايين في كل الحروب والكوارث والأزمات الكبرى، هناك ضحايا ومعطوبون ومشردون ونازحون، وهناك تجار وسماسرة ومقتنصو فرص ومطاردو جوائز، وهم أقوام لا تخلو منهم حقب تاريخية، ولهم "أصل" وامتداد في كل الدول والشعوب عبر العالم. في جائحة كوفيد19، كان لا بد أن يظهر هؤلاء، أيضا، في جبب أصحاب شركات ومصنعين وتجار ووسطاء وناقلين يعرفون، بحدسهم، أن الخوف والرعب يولد "زبناء" من نوع خاص، يمكن أن يقبلوا منك أي شيء، دون تفاوض، أو تدقيق في الأسعار والجودة. فمنذ الأيام الأولى لظهور الوباء، وإعلان حالة الطوارئ الصحية، كان لمصاصي الدماء موعد مع المواطنين الذين لم ينتبهوا، إلا في فترات متأخرة، أنهم كانوا ضحايا عمليات احتكار واسعة وارتفاع في الأسعار لمواد غذائية أساسية، ولا أدل على ذلك من الفوضى التي شهدتها أسواق الخضر والفواكه، إذ تجاوز الفارق بين ثمن الجملة، وثمن التقسيط نسبة 350 في المائة في بعض الأحيان. ومع الإقبال الكبير للمواطنين على التخزين، خوفا من الاحتمالات السيئة لانتشار الفيروس، عمد تجار آخرون إلى فرض أسعار للمواد الغذائية خاصة بهم خارج اللوائح المقررة من الدولة، تحت شعار "هز ولا خلي"، دون الحديث طبعا عن الغش والتحايل في نوعية المواد، ما أظهرته تقارير لجان المراقبة التابعة للمكتب الوطني للسلامة الغذائية. ولم يقتصر الأمر على "مهن البطن"، بل ابتدع تجار آخرون للاستفادة من الهامش الكبير للإقبال على مواد التعقيم ومعداته والكمامات، وهي منتجات حققت أرقام معاملات خيالية استفاد سماسرة الأزمة من حصة منها. وامتد الشره إلى قطاعات أخرى، مثل النقل السري والتأمين والشركات عن بعد، وحتى المجال السياسي، إذ لا صوت يعلو على الاستغلال إلى آخر قطرة دم. يوسف الساكت الاحتكار ورفع الأسعار وزارات الداخلية والفلاحة والصناعة قطعت الطريق على المتلاعبين ينتظر هواة الاحتكار ورفع الأسعار، الفرصة المناسبة للتسلل إلى جيوب المواطنين، وشكلت جائحة فيروس كورونا، فرصة مواتية، مكنتهم من رفع أسعار المواد الغذائية، في كثير من الأسواق التجارية والمحلات، كما لجأ بعضهم إلى تخزين بعض المواد الأساسية، من قبيل القمح والشعير وغيرها، إلا أن هذا الواقع لم يدم طويلا، إذ ابتداء من الأسبوع الموالي لإعلان حالة الطوارئ، استعادت الدولة سيطرتها على الأسواق والمحلات، وزودت جميع نقاط البيع، داخل المتاجر الكبرى وأسواق الجملة، وأفشلت جميع خطط المحتكرين. وعرفت الأيام الأولى من الحجر الصحي، ارتفاعا صاروخيا في أسعار بعض المواد الغذائية، بسبب تهافت المواطنين في المحلات والأسواق، ما أدى إلى مضاربات على أسعار الخضر والفواكه. كما شهدت المطاحن بدورها هجوما كاسحا من قبل الأسر، التي ساهمت في رفع الأسعار، ومكنت المضاربين من بيع المنتوجات بالأسعار التي يريدونها. وعرفت أسعار المواد الأساسية داخل المحلات التجارية في الأحياء أيضا، ارتفاعا طفيفا، كما هو الأمر بالنسبة إلى قنينات الغاز، التي اختفت في بعض الأحيان، وأصبحت عملة نادرة في بعض الأحياء والمدن، من قبيل سلا، إلا أن هذه الوضعية لم تدم طويلة، إذ تدخلت القطاعات المعنية، سواء تعلق الأمر بتواصل وزارة الفلاحة مع الممونين والفلاحين وأرباب الضيعات، وتدخل وزارة الداخلية لضبط أسواق الجملة، والسماح للممونين بتزويد الأسواق الكبرى، كما أن وزارة الصناعة تدخلت لدى المتاجر الكبرى، ونظمت عملها. وقال مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد، في عرض قدمه حول التأثير المحتمل لفيروس كورونا المستجد على قطاعي الصناعة والتجارة، في الأسابيع الأولى من انتشار فيروس كورونا، إنه تمت ملاحظة زيادة طفيفة في أسعار بعض المنتجات الغذائية، وزيادة كبيرة في أسعار مواد النظافة. وأضاف أن سلاسل التموين الصناعية، "لا تتوقع اضطرابات مهمة على المدى القريب، إذ يتم تأمين مسالك بديلة من طرف الفاعلين". من جانبها، أوضحت اللجنة الوزارية المكلفة بالتموين والأسعار وعمليات مراقبة الجودة والأسعار، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية في ماي الماضي، أن العرض يغطي الطلب، والإنتاج كاف لتزويد الأسواق بالمواد الأساسية والغذائية، خلال الأشهر القادمة. وأشارت في بيانها، إلى تسجيل 661 مخالفة في مجال الأسعار وجودة المواد الغذائية، منذ بداية شهر رمضان، مذكرة بمراقبة 34.7 ألف محل للإنتاج وللتخزين وللبيع بالجملة وبالتقسيط بمختلف أقاليم المملكة. وأضافت أن 511 مخالفة من هذه المخالفات سببها عدم إشهار الأسعار، و83 مخالفة متعلقة بعدم الإدلاء بالفاتورة، و48 مخالفة تمثلت في عدم احترام معايير الجودة والنظافة، و15 مخالفة خاصة بالزيادة غير المشروعة في الأسعار المقننة. ونوهت اللجنة بإتلاف ما يفوق 59 طنا من المواد غير الصالحة للاستهلاك، أو غير المطابقة للمعايير المعمول بها، منذ بداية شهر رمضان. وبجهة مراكش آسفي، وحدها أكدت اللجان المختلطة، أنها قامت بتسجيل 57 مخالفة، ووجهت 208 إنذارات لبعض أصحاب المحلات التجارية، موضحة أن هذه المخالفات تتوزع بين 40 مخالفة تتعلق بعدم إشهار الأثمان، و16 مخالفة مرتبطة بعدم الإدلاء بالفواتير، إلى جانب مخالفة واحدة تمثلت في عدم احترام معايير الجودة والنظافة، مشيرة إلى أن لجان المراقبة قامت، خلال الفترة نفسها، بما مجموعه 58 جولة همت 1430 نقطة بيع بالجملة والتقسيط على صعيد عمالة مراكش. عصام الناصيري

تجار كورونا … مصاصو الدماء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إطلاق مسابقة "جائزة سلطان"

السرناني: مدى إلزامية المحامي في مساطر صعوبات المقاولة

مقالات ذات صلة