حافـلات البيضـاء … الطريـق نحـو كورونـا

قلة أسطولها في مدينة مليونية أدت إلى تكديس الركاب وعدم احترام نسبة 50 في المائة التي أقرتها السلطات إذا كانت شركة ألزا الإسبانية قد قررت فتح تحقيق على خلفية الصورة التي تم تداولها على نطاق واسع، على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر حافلة بالعاصمة الاقتصادية تعدت العدد المسموح به ل50 في المائة من طاقتها الاستعابية من الزبناء في إطار الإجراءات الوقائية لمواجهة جائحة كورونا، فإن الواقع لم يتغير إطلاقا، إذ مازال الوضع على حاله بتكديس المواطنين في الحافلات التابعة للشركة نفسها. "ليس من رأى كمن سمع"، فمن خلال الربورتاج الذي أنجزه طاقم "الصباح"، تبين أن ردة فعل شركة ألزا لم تتجاوز البلاغ، بعدما فشلت في تطبيق الإجراء المتعلق بعدم تجاوز الطاقة الاستعابية 50 في المائة، في عدد من الخطوط التي ظلت مستعصية على الحل، من بينها الخط رقم 9 الرابط بين وسط المدينة والنسيم والخط رقم 50 الرابط بين جماعة سيدي بليوط وحي الرحمة المعروف بكثافته السكانية بعدما أصبح مدينة قائمة بذاتها، وهو الوضع نفسه الذي يعرفه الخط رقم 67 الرابط بين حي سباتة وشارع مولاي يوسف بعمالة أنفا. "كاينة ظروف" "مكره أخوك لا بطل"، مقولة يمكن إسقاطها على وضعية ركاب حافلات "ألزا" بالبيضاء، بعدما أصبحوا أمام قلة عددها في ظل ارتفاع الطلب، يضطرون إلى الركوب والتكدس إلى درجة الالتصاق مع بعضهم البعض، في غياب شروط السلامة والإجراءات الاحترازية الوقائية التي أقرتها السلطات للوقاية من عدوى فيروس "كورونا". ورغم محاولة عدد من سائقي حافلات "ألزا" بالبيضاء الالتزام باحترام الطاقة الاستيعابية المحددة في 50 في المائة فقط، وإصرارهم على تجاوز عدد من محطات الوقوف، رغم نداءات الاستغاثة والتوسل، إلا أنه أمام ركض المواطنين وراء الحافلة في مشاهد تدمي القلب، خاصة النساء العاملات وكبار السن، في ظل عدم وجود عدد كاف من الحافلات في الخطوط المعروفة بكثافة سكانها، يضطر سائقون آخرون إلى التعاطف مع مستعملي الحافلة والسماح لهم بالصعود، رغم الازدحام الشديد الذي تكون فيه. وعاينت "الصباح"، احتجاج عدد من الركاب على تجاوز الطاقة الاستيعابية، إذ شرعوا في الصراخ "وا الشيفور واباراكا ما تبقى طلع بنادم راه ولينا وسط حمام ماشي طوبيس"، بينما قال أحد الشيوخ "ما كاين لا تباعد لا والو بنادم لاصق مع لاخر كيفاش بغيتونا ما نتصابوش بكورونا"، وهي الاحتجاجات التي تحولت إلى ملاسنات بين مستعملي الحافلة، بعدما لم يتقبل الأشخاص الذين توقف السائق لأجل السماح لهم بالصعود وإيصالهم إلى وجهاتهم المختلفة، إذ قالت إحدى النسوة "الشيفور طلع ولد الناس مابغاش اخلينا فالشارع ويحرقنا كما داروا اللولين. خاصكم تبقاو تسناو ساعتين فالبلاكة باش تحسوا بنا. راه حتى حنا بغينا نوصلوا لديورنا"، وهو ما أدى إلى صمت المحتجين بعدما تيقنوا أنه لا مفر من الصبر على الازدحام، إذا ما رغبوا في الالتحاق بمنازلهم أو مقرات عملهم، لأن وضعية العاصمة الاقتصادية مختلفة عن باقي المدن والأقاليم الأخرى، كيف لا وهي المدينة المليونية بالمغرب. كورونا بالعلالي "ملي جات شركة ألزا قلنا صافي غادين نتهناو من معاناتنا مع الزحام في الطوبيس، لكن القضية عاد تكفسات، الطلب كثر من العرض"، "رغم خوفنا من الإصابة بعدوى كوفيد 19 إلا أننا نفضل استعمالها على البقاء لساعات في الشارع"، عبارات أجمع عليها ركاب حافلات النقل الحضري التي لا تحمل من الصفة سوى الاسم، فالشركة الإسبانية أبت إلا أن تجعل البيضاويين رهينة لمسلسل معاناة طويل الأمد، فرغم إعلان الطلاق مع شركة "مدينة بيس" التي جعلت "طوبيسات كازا" مرادفا للموت والإهانة، إثر الحرائق والحوادث التي شهدتها شوارع البيضاء وتكديس الركاب من 2004 إلى غاية نونبر 2019، لم تنته قصة حافلات الموت بشوارع "كازا نيكرا"، بعدما أصبحت طريقا سريعا نحو الإصابة بفيروس كورونا القاتل، نتيجة تكديس الركاب في حافلة واحدة، وعدم احترام مسافة الأمان بسبب اضطرار أغلب البيضاويين إلى قبول تكديسهم على شاكلة "قوارب الهجرة السرية" وخوض مغامرة ركوب وسائل غير مؤمنة في زمن وباء قاتل، حتى لا يتم طردهم من قبل أرباب العمل أو البقاء عالقين في الشارع والتأخر في الالتحاق بالبيت، باعتبار أن أغلب مستعملي حافلات النقل الحضري من الفئات غير القادرة على أداء ثمن سيارة أجرة صغيرة لتكاليفها المرتفعة. سخط وتذمر أجمع مستعملو حافلات "ألزا" بالبيضاء على أن مصائب كثيرة تلاحق البيضاويين بسبب عدم قدرتها على الاستجابة لمطالب مشروعة لمواطنين، همهم الوحيد التنقل على متن حافلات تحفظ كرامتهم وحياتهم وتؤمن تنقلاتهم، إذ يؤدي تكديس الركاب إلى تأخر العمال والموظفين في الوصول إلى وجهاتهم، في حين يضطر عدد من النسوة إلى اللجوء إلى حل الاشتراك في أداء ثمن سيارة الأجرة الصغيرة رغم تكلفتها المرتفعة، حتى لا يتم طردهن من قبل أرباب العمل، أو البقاء تحت جنح الظلام، وسط أماكن تشكل خطورة على حياتهن، خاصة أن إجراءات الطوارئ الصحية تحول شوارع العاصمة الاقتصادية إلى مدينة أشباح بعد الثامنة مساء، وهو ما يجعل النساء وكبار السن يعيشون على أعصابهم. محمد بها

حافـلات البيضـاء … الطريـق نحـو كورونـا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

محكمة النقض تسقط رئيس جماعة بآسفي

منح مالية سرية لأطباء بأكادير

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات