بوعويش: لست القاتل

بوعويش العداء السابق قال إن القضاء لم ينصفه ويتمنى لقاء الملك وهذه مؤاخذاته على السجون قال هشام بوعويش، العداء المغربي السابق والمفرج عنه بعد 18 سنة سجنا، إنه بريء من قتل لورون سولير، الدركي الفرنسي براءة الذئب من دم يوسف، متمسكا ببراءته إلى الآن، رغم أنه قضى 18 سجنا نافذا. وتطرق بوعويش، في حوار مع «الصباح»، إلى تفاصيل الواقعة، التي بدأت فصولها في 2000، وبالضبط في سانت اسبري، ضاحية نيم الفرنسية، وانتهت بمطاردته من قبل «أنتربول»، قبل دخوله إلى المغرب بواسطة ثلاثة جوازات سفر مزورة، لتختتم بتسليم نفسه، واعتقاله ثم محاكمته. وتحدث بوعويش عن مواضيع مختلفة متعلقة بمسيرته الرياضية، وعلاقته المتميزة مع هشام الكروج، ومعاناته في السجون، تجدونها في الحوار التالي: أجرى الحوار: عيسى الكامحي وتصوير: عبد المجيد بزيوات (موفدا "الصباح" إلى الخميسات) > العديد من القراء لا يعرفون الكثير عن قصة اعتقالك. احك لنا تفاصيل ما جرى بالضبط في قضية مقتل الدركي الفرنسي. > هو ابتلاء من الله تعالى. سافرت إلى فرنسا، حيث التقيت بعض أصدقاء السوء، دون معرفة مسبقة بنواياهم وتوجهاتهم، وبما أنني كنت معروفا عالميا، كان الجميع يرحب بي، كغيري من الأبطال المشهورين. قصتي بدأت في "بانيور سور سايز"، في فرنسا، حيث هويت القنص والصيد رفقة زميل لي اسمه الشادي الغالي، بحكم أنني لم أتوفر على رخصة أو بندقية، حينها التقيت صديقين آخرين بسانت إيسبري، هما لخضر بلحاج ورشيد العمريشي، إذ كنا نتجاذب أطراف الحديث بين حين وآخر. لكن حدث ذات يوم أن افترقنا في حدود منتصف الليل، عدت بعدها إلى منزلي، وأنا أردد أغنية الراحل محمد رويشة، الذي كان بالنسبة إلي رجل وفنان حكمة، أكثر منه مغنيا. وفي اليوم الموالي فوجئت بخبر مقتل دركي فرنسي، ووجدت صديقي مرتبكين، قبل أن يعترفا لي بارتكاب الجريمة. > إذن أنت لم تكن حاضرا في مسرح الجريمة؟ > طبعا، لقد عدت إلى منزلي، وتركت صديقي وحيدين، إلا أن المفاجأة أنهما حاولا إقحامي، بحجة أن القبعة والقفاز، اللذين أهديتهما لهما، ضاعا منهما أثناء الجريمة، وأن الحمض النووي، سيورطني في هذه النازلة، وهو ما تم فعلا، لكنني أجبت حينها أنني بريء، ولم أقم بأي عمل يدينني، ولن أكترث للأمر، بدليل أنني بقيت في فرنسا أسبوعا كاملا. وأتذكر أن بلحاج والعمريشي حاولا استفزازي من خلال مطالبتي بالهرب، إلا أنني ألححت على عدم القيام بذلك، طالما أن الجريمة ارتكبت في الرابعة صباحا، وهو التوقيت الذي كنت فيه بالمنزل، ولدي ما يثبت ذلك. > وما الذي دفعك إلى الهروب؟ > ما يجب أن يعلمه المغاربة، أن الدافع، الذي جعلني أهرب من فرنسا، أن مجهولين ظلا يلاحقانني، رفقة زوجتي، عبر سيارة سوداء ونحن عائدان من زيارة عائلية، إلا أنني لذت بالفرار، حينها قررت مغادرة فرنسا، خوفا من أي اغتيال محتمل، خصوصا أن منطقة سانت إيسبري معروفة بالإجرام والمتاجرة في المخدرات، وكل هذه المعطيات حقيقية ومثبتة في محاضر التحقيق. > ومتى جرى اعتقالك؟ > غادرت فرنسا صوب بلجيكا، ومنها إلى ألمانيا للالتحاق بأفراد عائلتي، وبالضبط في هامبورغ، قبل أن أقرر العودة إلى المغرب بواسطة جوازات سفر مزورة، لتفادي اعتقالي في أوربا، خصوصا بعدما صرت مبحوثا عنه من قبل "أنتربول"، وبالتالي كان لا بد من تسليم نفسي، بدل الاعتقال في أوربا. > ولماذا اخترت المغرب؟ > أردت أن أحاكم في بلدي وقريبا من عائلتي. لقد بذلت كل ما في وسعي، حتى لا تكون المحاكمة في فرنسا، لهذا قدمت نفسي فور وصولي إلى سبتة. > هل كانت دفوعاتك ضعيفة أمام المحكمة؟ > إن الظروف المالية لم تسعفني أكثر في مواجهة جميع المتطلبات، رغم أن والدي باع شقة، لأجل تدبير المصاريف، كما أنني مدين لشقيقتي حادة، الموجودة في النرويج، وهشام الكروج، الذي تكلف بمصاريف محام فرنسي تبني قضيتي، لكن، للأسف، القضاء المغربي كان بإمكانه إحضار المتهمين الآخرين والشهود، خصوصا أنني طلبت مواجهتهم. وأعتقد أن صديقي المتهمين زجا باسمي في القضية، اعتقادا منهما أنهما سيحصلان على عقوبة أخف، مراعاة لوضعيتي بطلا مشهورا، كما ظنا أن علاقة المغرب مع الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك، ربما ستسعفنا في تخفيف العقوبة، لقد اعترفا لي بذلك، ولم يكن بالإمكان تسجيل أقوالهما، لعدم التوفر حينها على هواتف متطورة، كما هو الحال حاليا. > هل تتهم القضاء بالتقصير؟ > فعلا، لقد كان مقصرا وغير منصف في حقي، إنه لم يحضر الدركي الشاهد، لأجل الاستماع إليه، خصوصا أنه أكد في تحقيقاته في فرنسا أنه شاهد شخصين أثناء تنفيذ الجريمة، رغم أنني طالبت بذلك، لأن المواجهة كانت ستكون مختلفة عن المحاضر. كما استغل البعض نزاعا بسيطا بيني وبين زوجتي، من أجل تأكيد وجود خدوش بيدي، بعد العودة إلى المنزل، علما أنها نتيجة للتداريب الشاقة لا غير. هشام بوعويش... النشأة والتكوين أنا ابن قرية أيت بوكرين سيدي مزيان، جماعة أيت واحي، طريق مكناس، وتبعد عن الخميسات بـ 7 كيلومترات. نشأت وترعرعت فيها محاطا بأهل قبيلتي. هويت الجري منذ صغري، قبل أن ننتقل إلى الخميسات لأجل الدراسة، وبرزت موهبتي في الألعاب المدرسية ومع اتحاد الخمسيات لألعاب القوى. لن أنسى فضل هذا النادي ما حييت، من خلال مساهمته في تكوين الأبطال، نظير حدو جدور، وإبراهيم والغازي، وزهرة واعزيز، والزهراوي، وإبراهيم بوطيب، وغيرهم. مستقبل ألعاب القوى واعد وينبغي دعم أحيزون > كيف تلقيت النطق بالحكم النهائي؟ > لم أكن بميت، أو بحي يرزق، لم أقو على الوقوف إطلاقا، وأتذكر أن رجل أمن احتضنني بقوة، وقال لي «غير 30 عام راك منعتي من المؤبد أو الإعدام»، فما الذي اقترفته حتى أنال هذه العقوبة القاسية، إنني بريء منها براءة الذئب من دم يوسف. لست القاتل الحقيقي، لم أتذوق الطعام لمدة طويلة، حتى صرت نحيفا أشبه بهيكل عظمي. > كيف كانت ردود أفعالك داخل السجن؟ > خضت معارك كبرى لأجل تبرئة ذمتي، بمعية بعض الأصدقاء والصحافيين، لكن في تلك الفترة كان حينها جلالة الملك تولى الحكم للتو، وكانت لديه قضايا أكبر من التي توبعت بسببها، وأنا قدرت موقفه، ومازلت أتذكر أنه عندما قضى القاضي بسجني 30 سنة، أجبته فورا، لا يمكنني الرد عليك بأي كلمة، لأنك نطقت باسم جلالة الملك، وهو «فوق راسي وعيني» ولا يسعني إلا القول إنه القضاء والقدر. لقد قدمت ملتمسات عديدة لأجل إنصافي، إلا أنه للأسف كانت ظرفية حساسة وقتذاك، فأعداء الوحدة الترابية كانوا يتربصون بنا، وبالتالي كان هناك أهم من قضيتي، والحق لو خيرت بين قضية وحدتنا والملف، الذي توبعت بسببه، لاخترت الأولى باعتبارها الأهم بالنسبة إلينا، لأن الوطن فوق كل اعتبار. ومع ذلك أحمد الله أنني استفدت من العفو الملكي في 2005، قبل أن أبعث ملتمسات إلى مقر إقامة جلالة الملك عن طريق شقيقتي حادة، القاطنة في النرويج، ليتكرم علي بالعفو خلال 2016 و2017 و2018 و2019، ثم في 2020 أثناء جائحة كورونا. > ما شعورك الآن بعد كل هذه المعاناة؟ > لقد سامحت الجميع، اعتبارا لقول الله تعالي «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس»، تعودت، في السجن، أن أسامح وأصفح. ما أريده فعلا، هو رد الاعتبار إلي، ولو بكلمة طيبة، فلقاء جلالة الملك سيغنيني عن كل شيء، وأنا رهن إشارة بلدي باعتباري حاملا للسلاح. إن غيرتي على بلدي لا توصف، وأتذكر يوما كيف عوقبت في السجن بـ «الكاشو»، بسبب ضرب سجينين أجنبيين تحدثا بسوء عن هشام الكروج، إذ نهرت أحدهما، وهو إسباني، يدعى خورخي، قبل أن أصفعه، غيرة على بطلنا. > ما هي مؤاخذاتك على سجون المملكة؟ > أعتقد أن الضرورة تقتضي إعادة النظر في تصنيف السجناء وتفعيل العمل الإجباري.إنها رسالة أوجهها إلى جلالة الملك، فلا يعقل أن يستمر السجناء في استنزاف خزينة الدولة، واقتصار التكوين على فئة بعينها، لقد حرمت منه مرارا، بمبررات واهية، في الوقت الذي يستفيد منه «الخارجين والداخلين»، ومنهم من سجن أكثر من 10 مرات، وعندما سألت أحدهم عن هدفه من التكوين، أجاب «باش نضبر على راسي في الحبس ندور كيفما بغيت منين نرجع». أما الطامة الكبرى، التي زلزلت كياني، فإنها قول سجين ثالث «إنه في السجن باش يربي الصحة ديالو». > وماذا تقترح في المقابل؟ > «حشوما» أن يظل السجناء يستنزفون خزينة الدولة. لدينا أقمار اصطناعية نتباهى بها والسدود والجبال والأراضي الشاسعة والوديان والبحار، وكل جهة عليها أن تتكلف بسجونها وتفرض على النزلاء العمل الإجباري في ورشات وضيعات، بعد وضع «أساور» في أيديهم، لأجل مراقبتهم وتتبع خطواتهم، بمعنى ستكون هناك سجون متنقلة، ولدينا كل الإمكانيات للقيام بذلك، وبالتالي سيجد كل سجين نفسه مضطرا للعمل من أجل ضمان قوت يومه، خصوصا أن قانون السجون ينص على العمل الإجباري، إننا محتاجون لإصلاح «أنفكو» و»تونفيت» و»ميدلت» وغيرها، بعدما كان السجين عالة على نفسه وإداراته والمجتمع ككل، سيكون منتجا وغير معفي من العمل، عدا في حال العجز، أو كبر السن، فالسجون ليست فنادق للسجناء. منذ خروجي من السجن وأنا أبيت فوق السطح > عشت سنوات وراء القضبان، وتنقلت بين العديد من المؤسسات السجنية. كيف هي وضعية السجون؟ > لقد تحسنت كثيرا، لم تعد هناك مخدرات، أو هواتف أو امتيازات، عدا استثناءات قليلة جدا، سرعان ما تتدخل الإدارة لرد الأمور إلى نصابها الطبيعي، لكن ما يجب فعله هو التصنيف، الذي يجب إعادة النظر فيه، فلا يمكن أن أقبع في زنزانة واحدة، مع مجرم سجن أكثر من 10 سنوات، وأنا البطل، دون أدنى اهتمام لوضعي الاعتباري إنها حقيقة مرة للأسف، أن يقضي سجين حاجته في فراشه بالقرب منك، فقط لأنه يريد ابتزازك واستفزازك لأجل الحصول على المال مثلا، فهذا شيء غير مقبول، وبالتالي لا بد من إعادة النظر في تصنيف السجناء. وأعتقد أن سجوننا أفضل بكثير من مثيلاتها بالخارج. هل تعلمون قساوة التعذيب الموجود في أمريكا؟، إنه أبشع وأمر، لذلك، لا نحتاج من يعطينا الدروس في الأخلاق وحقوق الإنسان. > كيف هي حالتك النفسية والاجتماعية بعد مغادرة السجن؟ > لا أخفيك سرا أنني أنام فوق سطح المنزل منذ خروجي، لا لشيء سوى أنني سئمت من البقاء بين الجدران الضيقة لمدة طويلة، إنني أفعل ذلك لأجل الاستمتاع بالحرية وبرؤية النجوم، وبزقزقة العصافير في الفجر ونباح الكلاب ومواء القطط ونهيق الحمير وثغاء الخرفان وخوار البقر ونعيق البوم. أكاد لا أنام من فرط شغفي بالحرية والاستشراف إلى غد أفضل، وكذلك من شدة الكوابيس، التي تقض مضجعي بسبب معاناة السجن. > كيف تنظر إلى واقع ألعاب القوى؟ > هناك مستقبل واعد لألعاب القوى من خلال توفرنا على عدائين واعدين بإمكانهم التألق في الملتقيات الدولية، وبالتالي لا بد من تشجيعهم ومؤازرتهم، خصوصا أن كل الإمكانيات متوفرة لديهم حاليا، وبالتالي لا بد من رد الجميل إلى الوطن، فهناك كفاءات وأبطال وتقنيون لهم دراية وكفاءة عالية، والأكيد أن الخلف موجود، ينبغي فقط دعم رئيس الجامعة عبد السلام أحيزون، بعدما قام بعمل جبار، ويتجلى ذلك في إنشاء العديد من المراكز الجهوية. لهذا فالمطلوب الاجتهاد والمثابرة في التداريب، كما يجب أن نتضامن معه ونسانده، طالما علم واحد يجمعنا، لنترك الخلافات ونشتغل سويا، من أجل الوطن وألعاب القوى الوطنية. في سطور الاسم الكامل: هشام بوعويش تاريخ ومكان الميلاد: 16 يونيو 1974 في الخميسات عداء سابق متخصص في 3 آلاف متر موانع مساره 1996: شارك في الألعاب الأولمبية بأطلنطا 1997: خاض دورة بطولة العالم ونهائي الجائزة الكبرى وفاز بفضية ألعاب البحر الأبيض المتوسط 1998: فاز بميدالية فضية في بطولة العالم للعدو الريفي 2000: توبع بتهمة جناية قتل دركي فرنسي وحكم بـ 30 سنة قضى منها 18 سنة 2020: غادر أسوار السجن.

بوعويش: لست القاتل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بودريقة يلجأ إلى القضاء

دياز يدير ظهره للمنتخب مرة أخرى

مقالات ذات صلة