انتحارات في زمن الجائحة

شهدت ارتفاعا في صفوف الرجال لأسباب مادية وأسرية بعد تفعيل الحجر الصحي لم يشكل المغرب الاستثناء هذه المرة، بخصوص ارتفاع حالات الانتحار بالعديد من دول العالم بعد تفشي وباء "كورونا"، إذ في سابقة، عرفت هذه الظاهرة محليا، تزايدا مقلقا منذ تفعيل السلطات الحظر الصحي الشامل منذ 20 مارس الماضي، حتى صار كل أسبوع لا يخلو من حالة أو حالتين، وبمدن عديدة. الملاحظ في هذه الظاهرة، أن نسبة المنتحرين من الرجال فاقت النساء بنسب عالية، بعد أن كان انتحارهن قبل فرض الحجر يفوق المتوقع، ودفع جمعيات نسائية وحقوقية حينها إلى دق ناقوس الخطر، وربطت الأمر بالاضطهاد النفسي والاجتماعي اللذين يعشنهما. وأسقط الحجر الصحي ورقة التوت عن ظروف اجتماعية صعبة ومشاكل نفسية، تشهدها أسر عديدة، إذ بمجرد تفعيل القرار من قبل السلطات، وإلزام الجميع بالبقاء في بيوتهم، تم المس بمدخول العديد منهم، خصوصا الفئة التي تشتغل في قطاعات غير مهيكلة، كما تفاقمت المشاكل الأسرية بعد أن وجد الزوجان نفسيهما وجها لوجه بالمنزل ولساعات طويلة، عجز بعضهما عن تحمل الوضع وفضل وضع حد لحياته. كان أول انتحار خلف ردود أفعال لدى المغاربة خلال الحجر الصحي، انتحار "سودور" بالجديدة، بعد أن قررت السلطات إغلاق محله بسبب الحظر الصحي. الهالك عجز عن توفير أبسط متطلبات أسرته الصغيرة، سيما أن مدخوله اليومي قبل الجائحة، كان على "قد الحال"، ففضل الانتحار على توسل المساعدات لعائلته. بعدها ستتناسل عمليات الانتحار بشكل مثير، بداية بانتحار خمسيني، أب لأربعة أطفال، بمنطقة اشتوكة آيت باها، شنقا بحبل علقه على جذع شجرة، ورجحت التحريات الأمنية، أن تكون الظروف المادية التي يعانيها سبب انتحاره. إلى جانب الأزمات المالية، لم يتأقلم آخرون مع الوضع الجديد، وتزايدت حدة الضغوط عليهم ما دفعهم إلى الانتحار، أبرز هؤلاء، سجين شاب سابق بطنجة استفاد من العفو الملكي الأخير، كان مدانا بخمس سنوات سجنا، إذ دون سابق إنذار، ألقى بنفسه من سطح منزل عائلته ليفارق الحياة. كما تسببت امرأة بشفشاون في صدمة لعائلتها وجيرانها، بعد العثور على جثتها معلقة على حبل ثبت على جذع شجرة قرب منزلها لأسباب قد تعود إلى مشاكل عائلية، ولم تستثن هذه الضغوط أي فئة اجتماعية، إذ حاولت طبيبة بمستشفى بابن جرير الانتحار، رغم أنها حامل، بتناول أدوية، والسبب رفض المندوب الإقليمي للصحة طلبها للحصول على رخصة لزيارة أسرتها بالبيضاء، والتي حالت ظروف الجائحة دون زيارتها لأسابيع. وتبقى أكبر فاجعة خلال الحجر الصحي، انتحار عشيقين بتطوان، يبلغان من العمر 18 سنة و14 شنقا جنبا إلى جنب، بعد معارضة والد الفتاة بشدة لزواجهما، بعد علاقة حب قوية جمعتهما، فقررا الرحيل معا إلى العالم الآخر. مصطفى لطفي

انتحارات في زمن الجائحة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فيل حمد الله يشغل متتبعيه

اختلالات سوق تابريكت أمام القضاء

مقالات ذات صلة