المغرب وفرنسا…رؤية مشتركة للسلام في الشرق الأوسط

لنجعل من النجاح الدبلوماسي لفلسطين في الأمم المتحدة خطوة جديدة نحو السلام ليس من باب الصدفة تصويت المغرب وفرنسا بتاريخ 29 نونبر الماضي بالجمعية العامة للأمم المتحدة، لصالح القرار الذي يخول لفلسطين وضع دولة غير عضو في الأمم المتحدة. وتعكس هذه الوضعية الالتزام المطلق لبلدينا لفائدة إنشاء دولة فلسطينية ديمقراطية، قابلة للعيش وذات سيادة. وتتضمن إشارة قوية لصالح حل الدولتين، في حين أن عملية السلام أتت في هذه السنوات الأخيرة بكثير من العمليات وقليل من السلام. كما تبين أن تطلعات الشعب الفلسطيني في إنشاء دولة ليس أقل شرعية من تطلعات الشعوب العربية الأخرى إلى العدالة والحرية. ينسجم تصويت فرنسا مع التزامها الدائم لفائدة إنشاء دولة فلسطينية، فقد سبق في 1982 أن دعا الرئيس ميتران أمام الكنيست إلى إنشاء دولة فلسطينية. فمنذ ذلك الحين، لم تذخر فرنسا جهدا في تشجيع هذا الحل الذي نعتبره الوحيد الكفيل، بأن يفضي إلى سلام عادل ودائم في المنطقة. فقد صوت بلدنا، إلى جانب المغرب، لصالح انضمام فلسطين إلى منظمة اليونسكو في 31 أكتوبر 2011.فإن لزم أن نعبر عن سرورنا بهذا الوضع الجديد لفلسطين في الأمم المتحدة، والذي يعتبر نجاحا دبلوماسيا حقيقيا، والذي يرجع الفضل فيه إلى الرئيس محمود عباس، فمن الواجب علينا أن لا ننسى أن طريق المفاوضات وحده كفيل بتجسيم هذا الاعتراف الدولي المصوت عليه في الجمعية العامة للأمم المتحدة. إن الإنشاء الفعلي لدولة فلسطينية لا يمكن أن يمر إلا عبر حل متفق عليه من الطرفين. فمن الضروري إثر هذا التصويت، أن يحافظ الطرفان على إمكانية استئناف المفاوضات قريبا. فمن الجانب الفلسطيني يفترض استعمال هذا النجاح الدبلوماسي بطريقة بناءة والحد من المبادرات الأحادية الجانب، ومن الجانب الإسرائيلي، يفترض من الحكومة الجديدة التي ستتشكل بعد انتخابات 22 يناير تجنب كل التدابير الثأرية، والتي هي في الوقت نفسه غير مبررة وغير مثمرة. عبرت جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي عن استغرابها العميق تجاه التصريحات الحديثة المتعلقة بالاستيطان، والتي تهدد كل يوم أكثر مصداقية حل الدولتين. إن توقف إسرائيل عن تحويل الرسوم الضريبية التي تتقاضاها باسم السلطة الفلسطينية، والذي يهدد مكتسبات بناء الدولة الفلسطينية المستقبلية، يعتبر أمرا غير مقبول. لقد استطاعت السلطة الفلسطينية بناء مؤسسات ناجعة بالقدر الكافي، لكي تصبح دولة حسب المؤسسات المالية الدولية، فالأزمة المالية التي تجتازها السلطة الفلسطينية، والتي تعد من أخطر الأزمات عبر تاريخها، تنذر بالقضاء على هذه المكتسبات. إن الاتحاد الأوربي وفرنسا قررا تسريع دفع المعونات للسلطة الفلسطينية في سنة 2013. ينبغي الآن على دول الخليج أن تفي بوعودها بمنح هبات إلى فلسطين، وأن تشرع جامعة الدول العربية في أسرع وقت ممكن إلى توفير شبكة أمان مالية بمبلغ 100 مليون دولار شهريا كما صرحت بذلك. يتوجب على المجتمع الدولي أن يجدد الالتزام بشكل إرادي لصالح السلام. وعلى جامعة الدول العربية والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي أن يجعلوا على رأس أولوياتهم سنة 2013 حماية حل الدولتين. وإني لمقتنع بأن المغرب وفرنسا يتقاسمان مقاربة متوازنة بخصوص هذا الملف، يمكنهما أن يساهما معا بكيفية مجدية في إعادة انطلاق جهود السلام. ويمكن لهذا الانطلاق أن يرتكز على إعادة التأكيد من طرف جامعة الدول العربية على وجاهة مبادرة السلام المقترحة سنة 2002، وتحديد مقاييس تصفية النزاع من قبل المجتمع الدولي وذلك لتسهيل استئناف المفاوضات. وعلينا كذلك الاستمرار في مواصلة المصالحة الداخلية الفلسطينية وراء الرئيس عباس.أشادت فرنسا بقرار صاحب الجلالة ببناء مستشفى ميداني في غزة غداة اندلاع حلقة العنف الأخيرة بين إسرائيل وحماس. ويتعلق الأمر بمبادرة مهمة لمساعدة السكان المدنيين في غزة الذين يؤدون منذ سنوات عدة نتائج نزاع غير مسؤولين عنه. لقد وجه العاهل المغربي في شهر مارس الماضي للأعضاء الدائمين بمجلس الأمن، بصفته رئيس لجنة القدس، رسالة تدين تسريع الاستيطان في القدس الشرقية، والتي مكنت من تذكير إسرائيل بالتزاماتها الدولية تجاه المدينة المقدسة. وأشيد، أخيرا، بالمبادرات التي قام بها المغرب خلال الأيام الأخيرة من أجل دعم المصالحة الفلسطينية، والتي أفضت إلى المصادقة على إعلان الرباط. فرنسا بدورها حاضرة في غزة، حيث تشيد مركزا ثقافيا جديدا، وحيث التزمت كذلك بمبلغ يصل إلى 10 ملايين أورو لبناء مصنع لتحلية مياه البحر. وقد حافظنا على مستوى مساعدتنا المالية إلى السلطة الفلسطينية سنة 2012 بمبلغ 20 مليون أورو، وذلك رغم صعوباتنا الخاصة. وستبقى فرنسا تعارض بكل حزم مواصلة عملية الاستيطان، وستعمل جاهدة على رفع الحصار على غزة. اليوم، ينبغي أن نعتمد على نجاح تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكي تصبح سنة 2013 سنة إنشاء دولة فلسطينية حقيقية تعيش بسلم وأمان بجانب إسرائيل. إن فرنسا والمغرب العضوان معا بمجلس الأمن للأمم المتحدة سيعرفان، وأنا مقتنع بذلك، كيفية مساعدة الطرفين للسير قدما نحو طريق السلام. بقلم: شارل فريز, سفير فرنسا بالمغرب

المغرب وفرنسا…رؤية مشتركة للسلام في الشرق الأوسط

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اكتشاف تلاعبات في استغلال مربعات سوق الجملة

السعيدي ممنوع من دوزيم إرضاء للرميد

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات