ابتدائية عين السبع … جلسات في زمن كورونا

اللجوء إلى المحاكمة عن بعد حماية للعنصر البشري من فيروس فتاك إنجاز : محمد بها / تصوير : (عبد اللطيف مفيق) تواصل المحكمة الابتدائية الزجرية بعين السبع بالبيضاء، برمجة جلسات "المحاكمة عن بعد"، في بادرة استحسنها الرأي العام بصفة عامة وأسرة العدل بصفة خاصة. وتأتي هذه العملية، في إطار مساهمة السلطة القضائية والإدارة القضائية، في تنزيل التدابير الصحية المتخذة لمكافحة تداعيات وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19). الساعة تشير إلى الواحدة والنصف زوالا، بالقاعة 4 بالمحكمة الابتدائية الزجرية بالبيضاء. بعد أن وضع عون المحكمة ملفات التقاضي، بدأ المحامون في التوافد تباعا للالتحاق بالقاعة، في انتظار وصول موعد ملف موكليهم. بعد أن كانت قاعات المحكمة تشهد اكتظاظا من قبل المتقاضين وكذا المعتقلين وعائلاتهم وأشخاص آخرين لا علاقة لهم بالملف سوى الرغبة في الاستئناس والاستفادة، أصبحت جلسات المحكمات في زمن فيروس كورونا القاتل، تتم عبر تقنية "المحاكمة عن بعد" التي يتم فيها التواصل بين القاضي والمتهم المعتقل بالصوت والصورة بحضور محاميه، درءا لكل المخاطر التي تنتج عن التجمعات البشرية. بداية الحكاية بعد لحظات ترقب، كسر هدوء القاعة رئيس الجلسة الذي أعلن افتتاحها باسم جلالة الملك، معلنا عن بدء النظر في الملفات المعروضة أمامه للبت فيها. بالقاعة 4 ترأس جلسة المحاكمة عن بعد، القاضي وممثل النيابة العامة وكاتب الضبط، وبتنسيق مع المسؤولين عن الإعلاميات بالمحكمة ذاتها والمسؤول عن الخلية التقنية بالمديرية الفرعية بالجديدة، وذلك في خطوة متقدمة، لاعتماد المحاكمة عن بعد في الملفات الجنحية المتعلقة بالأشخاص الذين يوجدون في حالة اعتقال. بالقاعة 4 اختار رئيس الجلسة الإعلان عن رقم الملف المعروض أمامه، مناديا في الوقت نفسه على أسماء المتهمين الذين يوجدون في حالة اعتقال، والدفاع الذي ينوب عنهم، قبل أن يظهر موظف السجن الذي ينادي على المتهم بسجن عكاشة. بمجرد جلوس المعتقل فوق الكرسي المخصص له للتواصل مع المحكمة، وبعد التحقق من هويته، يبادر القاضي إلى سؤاله إن كان موافقا على إجراء المحاكمة عن بعد أم يرفض، وبعد الحصول على موافقة المتهم المتابع في حالة اعتقال وكذا ممثل النيابة العامة، تنطلق المحاكمة بشكل عاد عبر تقنية الفيديو، اعتمادا على وسائل متطورة لضمان مرور الجلسة في ظروف عادية كما في السابق. حماية من الوباء رغم أن المحاكمة عن بعد كانت تجربة سابقة تم اعتمادها بعدد من محاكم المملكة في عهد المصطفى الرميد وزير العدل والحريات الأسبق، قبل اختفائها، إلا أن الخوف من انتقال عدوى فيروس كورونا، حتم على السلطة القضائية إعادة العمل بنظام المحاكمة عن بعد باستعمال أحدث التقنيات الإلكترونية، سعيا لحماية المعتقلين احتياطيا من هذا الوباء، وكذا القضاة وكافة العاملين في المحاكم وموظفي الأمن المكلفين بنقل السجناء أو حراستهم داخل جلسات المحاكمة، والمحامين. تواصل لضمان محاكمة عادلة تعتمد فكرة المحاكمة عن بعد، على أساس تقني متطور للتقاضي عن بعد، عبر اتصال حي، صوتا وصورة، بعدما تم تجهيز المحكمة المعنية والمؤسسة السجنية بالبيضاء بأجهزة متطورة لتفعيل للاتصال المرئي بين السجن وقاعات الجلسات. وعاينت "الصباح"، نجاح عملية محاكمة عن بعد بقاعات المحكمة الابتدائية الزجرية عين السبع بالبيضاء، إذ مكنت التقنية من ضمان تواصل فعال بين المتهمين والقضاة المشرفين على سير المحاكمة، إضافة إلى تتبع السجين لمجريات جلسة من شأنها تحديد مصيره إما بالبراءة أو الإدانة، وكذا الإصغاء إلى مرافعات المحامي، وهو ما يجعل المتهم يطمئن، باعتبارها جلسة تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة. ورغم التعب الذي يمكن أن يتسلل إلى القاضي نظرا لطول مدة الجلسة المنعقدة وتعدد الملفات التي يشرف عليها في عز نهار رمضان، إلا أن القضاة وممثلي النيابة العامة وكتاب الضبط يتمسكون بحماسهم لمواصلة الاستماع إلى المتهمين ومحاميهم، بحثا عن خيط رفيع يقود لفك شفرة اللغز والوصول إلى الحقيقة التي من شأنها إحقاق العدالة. ولا يلتفت القاضي الحكيم إلى الوقت، بقدر ما يهمه سبر أغوار الملف الذي بين يديه، ولا ينتقل إلى ملف آخر إلا بعد أن تترسخ قناعته بشأن الحقيقة التي يبحث عنها. ولم تؤثر عملية المحاكمة عن بعد على سير الجلسات، إذ حافظت على إيقاعها العادي الذي كان قبل زمن كورونا، فباستثناء قرار منع حضور عائلات المتقاضين والالتزام بإجراءات التباعد ومسافات الأمان ووضع الكمامة والمعقمات، مرت الجلسات المنعقدة بالمحكمة الابتدائية الزجرية بعين السبع بشكل عاد، إذ تم فيها الاستماع إلى دفوعات الدفاع وكذا إفادات المعتقلين الذين كانوا يجيبون عن أسئلة القاضي بالصوت والصورة بشكل واضح، كما كان رئيس الجلسة يؤجل ملفات ويحدد تاريخ النظر فيها أو النطق بالحكم في شأنها. جلسات أخرى انتقل طاقم "الصباح" إلى القاعة 8 بالمحكمة الابتدائية الزجرية بالبيضاء، إذ تم الوقوف على قضاء الهيأة القضائية والمحامين، ساعات طويلة بمرفق العدالة، بدءا من عرض ملف المتهمين ومثولهم أمام القاضي للاستماع إليهم عبر تقنية الصوت والصورة، حتى موعد تأجيل الملف إلى جلسة لاحقة، إما لمنحهم فرصة توكيل محام للدفاع عنهم أو لمواصلة سبر أغوار ملفاتهم إحقاقا للعدالة. ورغم صعوبة العمل في يوم رمضان بالنسبة إلى الصائمين، بسبب كثرة الملفات، إلا أن رئيس الجلسة وممثل النيابة العامة وكاتب الضبط لا يكترثون للتعب، مفضلين مواصلة أطوار الجلسات لفك ألغاز قضايا وسبر أغوارها، قبل النطق بالحكم وإسدال الستار على فصول ملفات لا تنتهي، أمام قضاة قدرهم البحث عن الحقائق وتطبيق العدالة. رئيسة كتابة الضبط : تدابير لحماية العاملين بالمحكمة قالت فاطمة متمير رئيسة كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية الزجرية بالبيضاء، إنه على مستوى كتابة الضبط تم اعتماد مضامين دورية وزير العدل، المؤرخة في 17 مارس الماضي، المتعلقة باتخاذ بعض التدابير الوقائية الرامية إلى الحد من تفشي وانتشار وباء كورونا المستجد، في إطار الحرص على سلامة العاملين بالمحاكم. وأضافت متمير، في تصريح ل"الصباح"، أنه انطلاقا من مضامين هذه الدورية اتخذت باعتبارها رئيسة لكتابة الضبط بهذه المحكمة مجموعة من التدابير من ضمنها: تقليص عدد الموظفين العاملين بالمحكمة، عبر اعتماد نظام التناوب اليومي للحفاظ على السير العادي للمحكمة خاصة بشعبة الجنحي التلبسي، وإعفاء الموظفات من النساء المرضعات وذوي الأمراض المزمنة من الحضور للمحكمة، بغرض الحفاظ على صحتهم، وتفادي التجمعات داخل المحكمة. وليس هذا فحسب، إذ كشفت رئيسة كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية الزجرية بالبيضاء، أنه في ما يتعلق بتقديم الخدمات للوافد على المحكمة، تم اعتماد مجموعة من التدابير من قبل كتابة الضبط عبر تحيين الجلسات بواسطة التدبير المعلوماتي، وتقديم خدمة السجل العدلي عن بعد، واعتماد رقم هاتف ثابت ورقم "فاكس" لاستقبال مختلف الطلبات والاستجابة لها في حينها. رئيس المحكمة : شروط المحاكمة العادلة متوفرة قال عبد العزيز شقروف، رئيس المحكمة الابتدائية الزجرية بالبيضاء، إن الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد جراء تفشي فيروس كورونا المستجد، جعلت السلطات العمومية تتخذ خطوات استباقية لتطويق هذا الوباء وذلك باعتماد عدد من الإجراءات، ومنها الحجر الصحي، وانطلاقا من هذا المعطى عمدت السلطة القضائية بجميع مكوناتها إلى تنزيل تجربة المحاكمة عن بعد. وكشف شقروف في تصريح ل"الصباح"، أن السلطة القضائية اتخذت جميع التدابير الاحترازية والوقائية ضد تفشي فيروس كورونا المستجد، مستحضرة الأمن الصحي والسلامة لجميع المتدخلين في عملية المحاكمة عن بعد، وهذا ما حثت عليه توجيهات الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية. وأضاف المتحدث نفسه، أن المحاكمة عن بعد، تعتمد على تقنية متطورة، عبر اتصال سمعي بصري بين السجين الموجود بداخل فضاء مخصص ومجهز لهذا الغرض وبين الجلسة المنعقدة بالمحكمة، التي تنظر في قضيته، بحضور محاميه عند الاقتضاء، مشيرا إلى أن جلسات المحاكمات التي تحتضنها رحاب المحكمة الابتدائية الزجرية بالبيضاء تمر في ظروف جيدة، وتتوفر فيها كل الشروط المتطلبة في المحاكمة العادلة. وكشف رئيس المحكمة الابتدائية الزجرية بالبيضاء، أن المحاكمة عن بعد حققت نجاحا بكل المقاييس، ولاقت استحسانا من قبل الفاعلين الحقوقيين وخاصة منهم هيأة المحامين بالبيضاء، مؤكدا انخراط الجميع بحماس كبير لإنجاح التجربة، التي تسعى إلى حماية السجناء وباقي المتدخلين في عملية المحاكمة عن بعد من عدوى فيروس كورونا المستجد. رئيس مصلحة النيابة العامة : تفادي المخاطر قال إبراهيم المزهري رئيس مصلحة كتابة النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية الزجرية بالبيضاء، إنه في إطار إجراءات الطوارئ الصحية لتفادي مخاطر جائحة كورونا، تقوم كتابة النيابة العامة بعملها كما يجب، وكما هو منصوص عليه في التنظيم القضائي للمملكة، رفقة باقي المؤسسات الأخرى لتدبير المصلحة العامة. وأضاف المزهري في تصريح ل"الصباح"، أن الموظفين التابعين لكتابة النيابة العامة يقومون باستقبال محاضر التقديم بجانب نواب وكيل الملك، ويقومون باتخاذ عدد من الإجراءات، التي تدخل في إطار اختصاصاتهم، "كافة موظفي مصلحة كتابة النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية الزجرية بالبيضاء، معبؤون سواء في الأيام العادية وفي السبت والأحد وفي الأعياد وكافة الأوقات، التي يجب الحفاظ فيها على استمرار المصلحة العامة، هناك من الموظفين يباشرون عملهم ويحرصون على استمرار الديمومة رغم المخاطر التي يواجهونها في ظل تفشي وباء كورونا، فنحن مستعدون للتضحية من أجل خدمة وطننا". ولضمان استمرارية خدمات مصلحة كتابة النيابة العامة وتجويد خدماتها في زمن كورونا، كشف المزهري أنه تم توفير وسائل التعقيم والعمل بكافة الإجراءات الاحترازية، سواء في ما يتعلق بالتقيد بمسافات الأمان، أو ارتداء الكمامة الواقية وتعقيم اليدين لتفادي العدوى، إضافة إلى تطبيق دورية وزير العدل الصادرة بشأن الوقاية من الجائحة. تنظيم محكم يكفي زائر المحكمة الابتدائية الزجرية بعين السبع بالبيضاء التنقل بين فضاءاتها حتى يقف بنفسه على التنظيم المحكم، الذي يطبع سير جلساتها، وكذا الهدوء الذي يطبع أروقتها، إذ يحرص الموظفون والعاملون على تقديم شروحات ومساعدات لكل مرتفق مرتبك، أو يسأل عن توقيت انطلاق جلسة ما، وهو ما يؤكد أن المحكمة تحرص على التطبيق السليم للخدمة الإدارية وجودتها، على مدار الأسبوع. تتبع وتواصل عاينت "الصباح" حرص رؤساء مصلحة كتابة الضبط ومصلحة النيابة العامة على تتبع السير العادي داخل المحكمة، والتأكد من نجاح تجربة "المحاكمات عن بعد" التي تقرر اعتمادها في زمن كورونا. ونجح رئيس المحكمة الابتدائية الزجرية بالبيضاء، في ضمان جلسات المحكمات، بعد توفير كل ما يلزم من مساعدات مادية ومعنوية وتتبع وإنصات للمشرفين على هذا النوع الجديد من المحاكمات، الذي كان الوزير الأسبق المصطفى الرميد أول من اعتمده، قبل أن تعود إليه المحاكم لاعتماده في زمن كورونا حرصا على سلامة المتهمين والهيأة القضائية والمصالح الأمنية التي تسهر على نقل المعتقلين والمكلفين بحراستهم وسط قاعة المحاكم وكافة العاملين بالمحكمة. تعاون أسرة القضاء كشف عبد المجيد كموح، المدير الفرعي الإقليمي لدى محكمة الاستئناف بالبيضاء، أنه في إطار التعاون بين وزارة العدل والسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والمندوبية العامة لإدارة السجون، تتم عملية المحاكمة عن بعد. ويبقى دور وزارة العدل، توفير اللوجيستيك والمعدات والقن السري ما بين المحاكم والسجون، أما في ما يتعلق بالمحكمة الابتدائية الزجرية بالبيضاء، فتتم المحاكمة عن بعد من خلال قاعتين في آن واحد، وفي محكمة الاستئناف في ثلاث قاعات في آن واحد، وكذلك بالمحكمة الابتدائية ابن سليمان والمحمدية اللتين تتبعان للدائرة القضائية محكمة الاستئناف بالبيضاء. تعنيف عون سلطة وخرق الطوارئ من بين الملفات التي عاينت "الصباح"، النظر فيها عبر تقنية "المحاكمة عن بعد"، ملف خرق الطوارئ الصحية والاعتداء على عون سلطة، الذي تم عرضه بالقاعة 4. وبعد القيام بالمناداة على المتهم ونيل موافقته في السماح بإجراء المحاكمة عن بعد، وجه القاضي التهمة إلى الشخص الماثل أمامه في الكاميرا، بأنه متابع بخرق حالة الطوارئ الصحية وإهانة موظف عمومي أثناء عمله، بعد الاعتداء على مقدم حضري، وهي التهم التي حاول المعتقل نفيها.

ابتدائية عين السبع … جلسات في زمن كورونا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التحقيق في وفاة قتيلة تاونات

تفكيك عصابة تروج مخدرات بمكناس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات