مركز الغزواني يتجسس على سكان المخيمات

يشهد عمليات الاستنطاق والتعذيب في خنادق وزنازين أشبه بسجن الرشيد السري بقلم: الفاضل الرقيبي منذ بداية تهجير الصحراويين في اتجاه ضواحي تندوف الجزائرية، منتصف سبعينات القرن الماضي، لعبت المخابرات الجزائرية دورا محوريا في السيطرة على الوافدين الجدد، وإحكام الطوق عليهم، من خلال إجراءات حولت المخيمات إلى مربع مكشوف أمام من حرصوا على صناعته، حتى يتمكنوا من ضمان استمراريته، خدمة للأهداف الإستراتيجية والإقليمية، التي وضعها هواري بومدين، يوم استقباله للوالي مصطفى السيد، وتسليمه خيوط التحكم في جبهة "بوليساريو"، محولا إياها إلى دمية ظل يتلاعب بها المتعاقبون على قصر المرادية، إلى اليوم، مطلقين العنان للمخابرات الجزائرية لتصول وتجول بالمخيمات، ولتتحكم في رقاب سكانها، الذين رضعوا مبكرا من "بزولة الخلعة" من قسوة الأمن الجزائري، كما يقال بالمخيم، لدرجة أصبح التهديد بـ "التسليم للسلطات الجزائرية" أنجع سلاح لدى قيادة "بوليساريو" لإسكات معارضيها، أو من يستنكرون فسادها. كل الذين كتب لهم القدر أن ينجوا من القتل والحرق والتعذيب بسجن الرشيد، الموجود بالمخيم، قالوا إن من أشرف على عمليات الاستنطاق والتعذيب كانوا ضباطا من الأمن الجزائري، وثبت، بتواتر الشهادات، أن الاختطافات التي تعرض لها صحراويون من المطارات الجزائرية، وهم يهمون بالانضمام للجبهة، كان ينفذها أيضا أفراد الأمن العسكري الجزائري، الذين لم يكتفوا بتجهيز هذا المعتقل بأعتى أدوات التعذيب، بل حولوا بعض مبانيه التحت أرضية إلى مراكز للتجسس والتنصت على سكان المخيمات، الذين ظلوا، مع مرور السنين، وإلى غاية اليوم، محاصرين، فلا يدخل شخص أو يخرج دون أن يعرف أصله وفصله وغرض قدومه للمخيم، واسم صاحب الخيمة التي يتجه إليها. ومع انكشاف أمر معتقل الرشيد، ومطالبة هيآت حقوقية دولية بزيارته، عملت المخابرات الجزائرية على نقل المعدات والأعوان إلى مقر آخر، وهو مركز "الغزواني"، الموجود غرب "الرابوني"، على بعد 11كيلومترا، والذي كانت تستخدمه "بوليساريو" لتخزين الأسلحة والمعدات والذخائر القادمة من ليبيا والجزائر وكوبا، والذي يحتوي كذلك على أكبر ورشة لإصلاح السلاح، التي كانت تعمل تحت إشراف فرق صيانة جزائرية. وقد ظل هذا المكان شبه مغلق أمام أي شخص عاد ولا تدخله قيادات الجبهة إلا بتصاريح من المنسق العسكري الجزائري، وهو المركز الذي كان الأمين العام السابق لـ "بوليساريو"، محمد عبد العزيز، يعقد فيه اجتماعاته ولقاءاته السرية مع الضباط الجزائريين، وحتى عندما زار الوفد الإيراني المخيمات، في يوليوز 2015، كان لقاؤهم مع صفوة قادة الجبهة قد تم بمركز الغزواني. مركز الغزواني التابع مباشرة لمكتب الأمين العام للجبهة، والذي تتم فيه كل الاجتماعات والصفقات السرية، يحتوي أيضا على كل أرشيف الجبهة الصوتي والمرئي، وأصبح يتوفر اليوم على مقر مجهز بأحدث آليات التجسس والتنصت على هواتف وحواسيب الصحراويين بالمخيمات والمنطقة العازلة، يديره ضباط من المخابرات الجزائرية، بمساعدة صحراويين، تم انتقاؤهم بعناية، ومنحوا امتيازات مهمة، كالتجنيس والحصول على الرواتب نفسها المصروفة للأعوان الجزائريين. ورغم وجود دورية لدرك "بوليساريو"، تتكلف ظاهريا بحراسته، فإن التدابير الأمنية المحيطة بجناح التجسس هذا تثير الكثير من الريبة، خصوصا أن كل عمليات الاستنطاق والتعذيب، وكذلك الأبحاث الروتينية، التي تجريها عناصر الأمن مع الأئمة والخطباء وبعض أذرعها العاملة في التجنيد، لصالح المجموعات الجهادية في الساحل والصحراء، تتم بالمركز نفسه، الذي يتوفر، حسب مصادر مطلعة، على خنادق وزنازين مشابهة للتي كانت موجودة بسجن الرشيد السري. التحولات العميقة التي تعرفها المخيمات، والوقع الهائل لتفاعل الشباب مع التكنولوجيا الحديثة للمعلومات، خصوصا وسائل التواصل الاجتماعي، جعلت قاعدة الغزواني الغرفة الخلفية لإدارة شؤون المخيمات، من قبل مسؤولين بالمخابرات الجزائرية، لهم خط اتصال مباشر بثكنة بن عكنون بالعاصمة الجزائر، ومتمركزون على مرمى حجر من البيت الأصفر بـ "الرابوني"، ما يغذي مخاوف سكان المخيمات من العودة إلى زمن معتقل الرشيد الرهيب، خصوصا في ظل تنامي موجة الغضب لدى الشباب، ولجوئهم لوسائط التواصل الاجتماعي، للجهر بمعارضتهم لقيادة "بوليساريو"، ومعارضة سياسة الحليف، التي تنذر بإطالة أمد معاناتهم بمخيمات لحمادة.

مركز الغزواني يتجسس على سكان المخيمات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قانون "تكميم الأفواه" ... العثماني ينحني للعاصفة

التعايش مع الفيروس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات