مستشفى “لا فوار” … المنقذ

سعته تتجاوز 700 سرير والصحة تراهن عليه لاستقبال مصابي البيضاء أعطت السلطات العمومية والصحية بالبيضاء، قبل أسبوع انطلاقة مشروع مستشفى ميداني، يرتقب أن يخفف الضغط المتزايد على البنيات الصحية للمدينة، بعدما أصبحت تحتوي على أزيد من 30 بالمائة من حالات الإصابة بفيروس كورونا بالمملكة. ويضم هذا المستشفى الميداني المشيد على بعد مئات الأمتار من المستشفى الجهوي مولاي يوسف بالبيضاء، بقصر معارض البيضاء أزيد من 700 سرير، للتكفل بالمرضى والكشف عن حالتهم الصحية، إذ يرتقب أن يجهز بالمستلزمات والأجهزة الطبية الضرورية للاستشفاء، من قبيل الأسرة وأجهزة التنفس وغيرها، حتى يتسنى له إنقاذ العاصمة الاقتصادية، خاصة أن حالات الإصابة بها تعرف تزايدا كبيرا في الأيام الأخيرة. يقع المستشفى الميداني، الذي من المرتقب أن يرى النور مطلع الأسبوع المقبل، قرب مسجد الحسن الثاني، بعدما قررت السلطات العمومية التي تعمل بتنسيق مع المديرية الجهوية للصحة بالبيضاء، استغلال قصر معارض البيضاء ، بالنظر إلى أنه بنية إستراتيجية جاهزة يمكن استغلالها لربح وقت كبير، خاصة أن الظرفية لا تسمح بإهدار الزمن، لذلك قررت السلطات ألا تتجاوز مدة الإنجاز أكثر من أسبوعين، وهو ما سيلتزم به القائمون على المشروع. ولادة الفكرة في نهاية مارس الماضي شرعت سلطات البيضاء في التفكير في بديل يطعم البنية الصحية بالبيضاء تحسبا لزيادة غير متوقعة لعدد الحالات المسجلة، ومن ثم جاء التفكير في مستشفى ميداني، إذ يقول يونس بحار، مدير شركة التنمية المحلية البيضاء للتنشيط والتظاهرات، المكلفة بإنجاز المشروع إلى جانب شركة البيضاء للتجهيز والإسكان "اتفقت السلطات المنتخبة والإدارية بالبيضاء على مشروع مستشفى ميداني قادر على تعزيز البنية الصحية بالبيضاء وقابل للتنفيذ على أرض الواقع بطريقة سريعة، إذ كانت هناك حلول من قبيل بناء مستشفيات عادية، غير أنها كانت ستأخذ منا وقتا كثيرا، لذلك أجمعت السلطات على فكرة مستشفى ميداني"، وأضاف، أن السلطات قررت انتداب شركتي التنمية المحلية، اللتين دأبتا على العمل في ميدان الصحة وتجهيز المعارض، من أجل بلورة حل سريع. وتابع بحار أنه تم استغلال قصر معارض البيضاء، قصد إنجاز المشروع، الذي ينقسم إلى قسمين، الأول عبارة عن خيم كبيرة لاستقبال المرضى، في إطار الحجر الصحي، وتتبع تطور حالتهم الصحية، فيما القسم الثاني مخصص لاستقبال الحالات المشكوك فيها من أجل إجراء التحليلات المخبرية، إضافة إلى غرف للفصل، مخصصة للحالات المرشحة للنقل إلى العناية المركزة بالمستشفى الجهوي، في حال تطلب الأمر ذلك. صفقة المشروع عبر بعض متتبعي الشأن المحلي للبيضاء عن تخوفهم من عدم احترام مساطر الصفقات العمومية المعمول بها، غير أن مدير البيضاء للتنشيط والتظاهرات، يؤكد أن المشروع، احترم كافة البنود والمساطر القانونية المعمول بها في هذا المجال، مبرزا أن شركتي التنمية المحلية، خاضعتان للميثاق الجماعي، الذي أصبح بمثابة قانون تنظيمي، وبالتالي فإن المشروع يحترم قانون الصفقات، والمرسوم الصادر عن وزير المالية، الذي يحدد التعاملات التي تقوم بها الشركات العمومية في إطار مجابهة فيروس كورونا، وبناء على ذلك، أفرزت مسطرة الانتقاء 15شركة، تشتغل في هذا المشروع، لأن السرعة في الإنجاز تقتضي الكثير من المتدخلين. ومن جانبه، أكد محمد الجوهري، المدير العام لشركة البيضاء للتنشيط والتظاهرات أنه، "بعد موافقة سلطات المدينة والمديرية الجهوية للصحة، تم العمل بمساطر استعجالية، إذ كان هناك انتقاء محدود للشركات، إذ تم التقرب من حوالي 20 شركة حسب الاختصاص المطلوب، وانتقاء شركات ومقاولات كبرى وأخرى متوسطة أو صغيرة، لأنه كان من الصعب على سبيل المثال تجهيز خيم التكفل بالمرضى من قبل ممون وحيد، إذ تطلب الأمر انتقاء شركات تتمتع بمستوى مناسب من التعبئة اللوجستية والبشرية، من أجل احترام وقت الإنجاز. ويضيف الجوهري، أن الشركات التي تعمل على المشروع، تشتغل دون انقطاع ليل نهار، كما أنها قدمت بعض التضحيات المادية. كلفة المستشفى بالنسبة إلى تمويل المشروع، فقد كلفت به الإدارات الترابية والجماعات، المتمثلة في مجلس وجهة البيضاء بالإضافة إلى عمالة البيضاء، تحت إشراف السلطات المحلية، ويتعلق الأمر بولاية جهة البيضاء، إذ يقول محمد الجوهري، إن هذه المؤسسات خصصت غلافا ماليا، قدره 45 مليون درهم، والتي لا تمت بصلة لصندوق مجابهة جائحة كورونا، إنما خصصت من ميزانية تلك الجماعات والإدارات الترابية. وتابع الجوهري، أنه بفضل تضحيات الشركات التي تعمل على المشروع، وتجاوب المقاولين، فإن الميزانية الإجمالية للإنجاز لن تتجاوز 75 بالمائة من الغلاف المالي المرصود، وهو ما يعبر عن الروح الوطنية لهذه المقاولات. وأشار المتحدث ذاته، إلى أنه إلى حدود الساعة، لم يتضح أمر الأطقم الطبية التي ستعمل في المستشفى، إذ من المفترض أن تكون من الموارد البشرية التابعة للمديرية الجهوية للصحة، أو تلك التي تعمل داخل المستشفيات العسكرية، أو هما معا، مشددا على أن هذا الأمر يبقى من اختصاص السلطات الصحية، المتمثلة في وزارة الصحة ومديريتها الجهوية. سلسلة صحية متكاملة سيوفر هذا المستشفى بعد انتهاء أشغاله، سلسلة صحية متكاملة مع المستشفى الجهوي للبيضاء، بالنظر إلى قربهما من بعضهما البعض، إذ يؤكد بحار، أن هذا المستشفى جاء لمساعدة البنية الصحية للمدينة، قصد الوصول إلى هدف التغلب على الوباء، خاصة أن عدد الأسرة التي سيتم توفيرها ستكون مهمة جدا، لأنها ستخفف العبء، إذ سيتم تجهيز غرف فردية للمرضى مجهزة بالأكسجين. وشدد بحار، على أن الهدف الأساسي هو تخفيف الضغط عن المستشفيات التي تعنى بالعناية المركزة، وعدم إغراقها بالمرضى، الذين لا يعانون أعراضا خطيرة. وأضاف المتحدث ذاته، أن أشغال المشروع أشرفت على الانتهاء بعدما شيدت خيام كبرى للتكفل بالمرضى، وقاعات خاصة بالأطباء والممرضين، الذين سيكونون حاضرين طيلة 24 ساعة من أجل المرضى، وكذا قاعات للكشوفات المخبرية. لم تقتصر السلطات العمومية على توفير عدد مهم من الأسرة وقاعات للفحوصات، وأخرى لإيواء الأطقم الطبية، بل عملت الشركات التي تشرف على المشروع، على تزويد المستشفى بتقنيات لوجيستية، لمعالجة الهواء داخل الخيم التي يرقد بها المرضى، ومنع تسرب الهواء الملوث بالفيروسات إلى الفضاء الخارجي. على عكس المشاريع الأخرى، التي تعتمد على أشطر في عملية الإنجاز، إذ تشتغل الشركات في فترات زمنية مختلفة، حسب طبيعة التجهيزات المطلوبة، فإن هذا المستشفى، تعمل فيه مجموعة من الشركات جنبا إلى جنب، بعضها يقوم ببناء الخيم وتجهيزها، فيما البعض الآخر مكلف بإعداد تجهيزات الكهرباء والسباكة. خلية نحل جولة "الصباح"، داخل المستشفى الميداني، صادفت حضور عامل عمالة أنفا، الذي كان يقف على تتبع الأشغال، ومراقبة تطور بناء المرافق، إذ كان يطوف بكل مرفق على حدة، ويستقي المعطيات ويتتبع إنجاز المشروع عن قرب. وفي الوقت الذي كانت فيه الجرافات خارج المستشفى، تقوم بحفر خنادق لتثبيت "قواديس" الماء ومحول الكهرباء، كانت شركات أخرى داخل الخيم، تشيد الغرف المنفردة التي سيرقد داخلها المرضى، وأخرى تبني المرافق الصحية، والجميع يشتغل في جو من الالتزام والسرعة، كما أن أطقم العمال تعمل بالتناوب، إذ في الوقت الذي كان فيه جزء منهم منهمكا في عمله، كان فريق آخر يتناول وجبه الغداء، قبل الالتحاق بعمله من جديد. لمسات فنية يقول يونس بحار، مدير شركة التنمية المحلية، البيضاء للتنشيط والتظاهرات، "إن مشروع المستشفى لا يقتصر على خيم عادية للاعتناء بالمرضى، بل هناك نظام متكامل لمعالجة الهواء، أو ما يسمى الضغط السلبي، لا يسمح بخروج الهواء الملوث بالفيروسات من داخل المستشفى، تفاديا لتلوث الهواء ومحيط المستشفى، إذ يعمل المشرفون على المستشفى، على شفط الهواء الملوث بالفيروسات، وضخ هواء نقي من جديد، كما أن المرافق الصحية داخل المستشفى مزودة أيضا بالضغط السلبي، سواء تعلق الأمر بالمراحيض أو الحمامات". ويضيف بحار، أنه بالنسبة إلى نقل المرضى في حال تطور حالتهم الصحية، وكانوا في حاجة إلى عناية مركزة، فإن الأطقم الطبية ترافقهم، ويضعون أجهزة الأوكسيجين. وتابع المتحدث ذاته "هناك أيضا داخل المستشفى، غرف المداومة، التي تؤوي الأطقم الطبية والتمريضية، المجندة للتدخل في أي لحظة، في حال كان المرضى في حاجة إليها، إضافة إلى وجود خيم للأكل والاستراحة". وأما بالنسبة إلى الأسرة وأجهزة الأوكسيجين، والهواء المعالج، وكافة المستلزمات التي سيحتاجها المستشفى، سيتم اقتناؤها، حسب بحار، مبرزا أنه "قمنا بتجهيزات الكهرباء والسباكة، وبالنظر إلى أن قصر المعارض يتوفر على مرافق صحية محدودة، لأنها موجهة فقط للزوار وليس للمقيمين، فإنه تمت مضاعفة هذه المرافق، سواء تعلق الأمر بالمراحيض أو الحمامات". وشدد بحار على أنه من أجل "تجاوز المشاكل التي يمكن أن تحدث بسبب الكهرباء، من انقطاع أو ما شابه، فإنه بتعاون مع شركة التدبير المفوض "ليدك"، وفرنا مولدا كهربائيا، لأن المستشفى لا يمكن أن ينقطع عنه الكهرباء، خاصة أننا نتحدث عن حياة المرضى وصحتهم". رافقت "الصباح"، عددا من مسؤلي شركتي التنمية المحلية، وممثلي السلطات المحلية في جولة داخل المستشفى، الذي كانت فيه الأشغال على قدم وساق، وأكد خلالها بحار أن، جميع الإمكانيات المتوفرة جندت من أجل إنجاح المستشفى، وأن سلطات الجهة بمختلف أصنافها عملت بشكل موحد، بهدف إنجاح المشروع". وأضاف المتحدث ذاته، أنه بعد ثمانية أيام من العمل "تمكنا من تشييد أكثر من نصف العمل، ودخلنا مرحلة وضع اللمسات الفنية الضرورية"، وعاينت "الصباح" تقنية شفط وضخ الهواء، التي دخلت مرحلة التجريب، إذ تتوفر على مخرجين، الأول يقوم بعملية الشفط، والثاني بعملية الضخ. وبمجرد ولوج المستشفى من المدخل الرئيسي، يجد الزائر أمامه الرواق الرئيسي الذي يقسم المستشفى إلى نصفين، إذ توجد خيم على اليمين وأخرى على اليسار، وأكد بحار، أنه في المدخل الرئيسي ستوفر الشركة بوابة للتعقيم، بمعنى أن أي شخص سيلج المستشفى سيتم تعقيمه، قبل التوغل داخل الرواق، مبرزا أن جميع المداخل الأخرى بالمنطقتين "أ" أو "ب"، تتوفر على بوابات التعقيم. عزل المرضى وأضاف بحار أن الأطقم الطبية بالمستشفى، ستعمل على مدار 24 ساعة، مبرزا أنه "إذ قامت المصالح الصحية بجلب أحد المرضى في وقت متأخر من الليل، فإنه لن ننتظر إلى الصباح من أجل استقباله"، مشددا على أن هناك غرفا للعزل، معدة لاستقبال المرضى. وأضاف المتحدث ذاته، أن جميع بنيات المستشفى، يعالج داخلها الهواء، ويخرج بدرجة حرارة مرتفعة، تمنع من تلويث الهواء الخارجي، مبرزا أنه "لا يمكننا العمل على الاعتناء بالمرضى، وتلويث الهواء الخارجي، فلا معنى لهذا الأمر"، وأشار بحار إلى أن الكثير من المؤسسات والأشخاص ساهمت بشكل تطوعي في إنجاز المستشفى، من قبيل مهندسين معماريين ومكتب الدراسات، الذي أنجز دراسة للمشروع بصفر درهم. غرف نموذجية يقول بحار إن المستشفى يحتوي على أربع خيم، يبلغ طول كل واحدة 90 مترا، فيما عرض خيمتين يبلغ 40 مترا، و30 مترا بالنسبة للباقي، موضحا أن طول قصر المعارض، يبلغ 100 متر من الخارج و75 مترا من الداخل، وأنه تم استغلال المساحة بأكملها، إذ "خصصنا مترين للممرات التي تؤدي إلى المرافق الصحية، موضحا أن المرافق بدورها تحتوي على ضغط سلبي، وأن المسار الذي يتحرك فيه المريض كله يتميز بهذه الخاصية، وأما بعد أن يخرج إلى الخارج من أجل الانتقال إلى مستشفى آخر أو إجراء التحاليل، فإنه يزود بجهاز الأوكسجين. وأما بالنسبة إلى غرف المرضى، فيؤكد بحار على أنها موصولة بالكهرباء، من أجل شحن هاتف المريض، وعمل جهاز الأوكسجين، وأما في ما يتعلق بطول وعرض الغرف، فيوضح بحار أن طولها 3 أمتار والمساحة نفسها في العرض، مبرزا أن تعريف الغرفة بالمعايير الأوربية تبدأ من 9 أمتار مربعة، كما هو حال هذه الغرف، وتشبه الغرف المنزلية، مبرزا أن كل خيمة مستقلة عن الأخرى، إذ كل واحدة مزودة بمرافقها الصحية الخاصة، بمعنى أن مريضا يرقد في خيمة "أ"، لن يدخل الخيمتين "ب" أو "ت" أبدا. إنجاز: عصام الناصيري

مستشفى “لا فوار” … المنقذ

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"الدرون" لمراقبة مخالفي الحجر بسيدي بنور

"السورسي" لصحافيين مزيفين بفاس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات