مشاريع مدرة للدخل لسجناء مفرج عنهم بآسفي

المشاريع ترمي إلى إدماج السجناء في النسيج الاجتماعي ومصالحتهم مع المجتمع يبقى الإدماج الاجتماعي للسجناء، بعد قضاء العقوبة، واحدا من أهم المشاكل، التي تواجه العديد من المتهمين بالقطاع والمتدخلين فيه، إذ تجتمع العديد من العوامل، لتشكل عائقا له، وفي طليعتها نظرة المجتمع لفئة السجناء، ووقوف القانون عائقا في ولوجها أسلاك الوظيفة بالقطاع العام أو الخاص، وصعوبة الحصول على رد الاعتبار القضائي وإشكالية تقادم الأفعال الجنائية، وانتهاء بضعف الوساطة الاجتماعية. كان هذا الوضع، دافعا لجمعية مراكز الإصلاح وحماية الطفولة بفرع آسفي، إلى التفكير في آليات تمكن من تحقيق الإدماج الاجتماعي لهذه الفئة، التي ينظر إليها المجتمع بازدراء، وبعد سنتين استطاعت الجمعية، أن تشق طريقها نحو فعل اجتماعي له أثره الخاص، من خلال مشاريع مدرة للدخل، غيرت نظرة الكثيرين لفئة السجناء، وفي الآن ذاته، أحدثت قطيعة لعدد من المستفيدين (إن لم يكن جميعهم حسب إحصائيات الجمعية) مع حياة السجن.وأقدمت جمعية مراكز الإصلاح وحماية الطفولة بفرع آسفي، خلال السنة الماضية، وفي تجربة فريدة من نوعها، على منح مجموعة من السجناء المفرج عنهم ، 13 مشروعا مدرا للدخل، بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بأسفي، وذلك حسب المؤهلات الحرفية والمهنية للسجناء المستفيدين. واعتبرت الفقيدة آسية الوديع الرئيسة المؤسسة للجمعية، آنذاك، أن هذه المشاريع ستساعد هذه الفئة على الولوج إلى عالم الشغل ويؤهلها للاندماج الإيجابي وسط المجتمع.عدد المستفيدين، خلال هذه السنة، ارتفع إلى 29 مستفيدا، رغم أن الجمعية كانت تطمح إلى تجاوز هذا الرقم، وهو أمر تفسره سلوى الحجام الكاتبة العامة للجمعية بآسفي ، بعدة مبررات منها، أن الجمعية لا تتوفر على الإمكانيات الكافية واللازمة لتغطية حاجيات الراغبين في الاستفادة ، ثم أن التجربة مازالت في سنتها الثانية .. التجربة كانت إيجابية بكل المقاييس، برأي أعضاء الجمعية، وكذا السلطات الإقليمية، التي رحبت بالفكرة، واعتبرتها سابقة وطنية تستحق كل التنويه والاحتضان. خلال رمضان الأخير، كانت العديد من دور الشباب، تحتضن من يوم لآخر لقاءات، ليست ككل اللقاءت.. يلتقي فيها أعضاء بجمعية أصدقاء مراكز الإصلاح وحماية الطفولة بفرع آسفي، بسجناء مفرج عنهم حديثا.كانت اللقاءات تستمر إلى ساعات متأخرة، يتم خلالها البوح بكل شيء، وبكل عفوية وتلقائية، بعيدا عن لغة الترهيب أو الوعيد، التي اعتادها السجناء، وهم في ضيافة السجن أو مخافر الشرطة أو المحاكم.يجلس أحد السجناء، ذو بنية قوية، والذي يحمل آثار جروح بيديه، وقد وضع وجهه بين راحتيه، ينتظر دوره للبوح بمسار الجانح ، أيقن أنه لابد من وضع حد له، والاندماج داخل المجتمع.يسرد «محمد» مساره بكل عفوية، ويتحدث عن ظروف اجتماعية وتفكك أسري، قاده إلى غياهب السجون، إذ سرعان ما يعود إلى السجن، بعد أن يكون قد أيقن أن المجتمع لن يرحمه، ولن يغفر له.يتوقف السجين عن الحكي، وسط ذهول أعضاء الجمعية، لعفوية وصدق حديث المعتقل.تحكي سلوى الحجام، الكاتبة العامة للجمعية بفرع آسفي، عن التجربة بالقول، «إن تجربتنا لم تكن سهلة، فأنت تلتقي مع سجناء وتعرض عليهم فكرة إنجاز مشاريع مدرة للدخل، وهم لا يكادون يصدقون، أن هناك من يفكر في مستقبلهم، غير أن قوة العزيمة، تدفعك لتركب قطار المغامرة، وتلتقي مع سجناء، يجرون وراءهم سنوات من السجن، وبتهم مختلفة، فحتى النساء، تضيف سلوى الحجام، قررن أن يبحن بماضيهن، وأن يركبن قطار الاندماج داخل المجتمع والاستفادة من مشاريع مدرة للدخل، تنهي علاقتهن بحياة السجن، وترسم الأمل والفرحة على محياهن».ولا تخفي سلوى الحجام، أنها التقت سجناء طيبين للغاية، رغم أنه يمكن أن تصدر ضدهم أحكام قيمة، من النظرة الأولى، غير أنهم يتوفرون على الرغبة الأكيدة للاندماج داخل المجتمع».وتضيف «كل السجناء المفرج عنهم، ممن التقيناهم، والذين يزيد عددهم عن 120 شخصا، يتوفرون على طموح كبير، ينتظرون متى تتوفر لهم الظروف المواتية للاندماج داخل المجتمع.وتؤكد المتحدثة ذاتها على ذلك، بمجموعة من الحالات، لنساء اكترين محلات ستخصص لبيع الحلويات وأخرى للوجبات السريعة، بالإضافة إلى حالات سجناء اكتروا محلات وقاموا بتهييئها، منذ تسعة أشهر، وينتظرون الاستفادة من التجهيزات، في مجال إعداد محلات لممارسة التجارة والحلاقة والنجارة الخشبية والحدادة والترصيص .. وهي الأنشطة المهيكلة والتي تم الترخيص بمزاولتها، من طرف السلطات المختصة، بعدما قدمت الجمعية الملفات الخاصة بالمستفيدين. وغيرها من النشاطات الأخرى كتجهيز مراكب صغرى... كانت الجمعية تستعين في لقاءاتها مع السجناء، بأخصائي في علم النفس وأطر قانونية، لتذليل كل الصعاب، ودفع السجناء إلى الإيمان بقدرتهم على الاندماج داخل المجتمع. والنتيجة، بعد أزيد من تسعة أشهر، من اللقاءات الماراطونية، والاشتغال على الاستمارات، وانتقاء السجناء، بوضع معايير محددة، تم انتقاء 70 سجينا في المرحلة الأولية. الجمعية تشدد في انتقاء المشاريع، على الكفاءات المهنية أو الحرفية التي يتوفر عليها السجناء المفرج عنهم، وهو ما توضحه كاتبتها العامة للجميعة، في حديثها ل «الصباح»، بالتأكيد على أن نجاح أي مشروع، لابد وأن يراعي رغبة المستفيد منه، وكذا الإمكانيات المهنية أو الحرفية التي يتوفر عليها، ومدى تناسبها مع المشروع الذي يرغب في الاستفادة منه.وبخصوص السجناء الذين لا يتوفرون على أي مؤهلات حرفية أو مهنية، فقد قررت الجمعية، إحالتهم على مراكز لاستكمال التكوين في الشق التطبيقي، كما يجري التفكير في خلق شراكات مع مؤسسسات الدولة لاستيعاب المزيد من ذوي الكفاءات المهنية. محمد العوال (آسفي)

مشاريع مدرة للدخل لسجناء مفرج عنهم بآسفي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تخفيف العقوبات للمتابعين في أحداث سيدي إيفني

المفوضون القضائيون بمراكش يحتجون على اختطاف زميلهم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات