تبييض الأموال… متابعات في حالة سراح

متهمون يحضرون بسيارات فخمة وعقوبات حبسية موقوفة التنفيذ في حقهم ومصادرة ممتلكاتهم إنجاز: عبد الحليم لعريبي تختص المحكمة الابتدائية بالرباط، على الصعيد الوطني بجرائم غسل وتبييض الأموال. ويعتبر وكيل الملك بهذه المحكمة المكلف الرئيسي بقضايا البحث في الموضوع بالتنسيق مع ضباط المكتب الوطني لمكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالبيضاء. هذه الجرائم تختلف كثيرا عن الجرائم الأخرى، ورغم خطورتها تبقى العقوبات الحبسية الصادرة في حق المتورطين فيها مخففة جدالا تخرج عن خانة العقوبات الموقوفة التنفيذ، في الوقت الذي ينجز فيها المحققون محاضر طويلة، ويضمنونها وثائق من مختلف الشركاء المتعاونين كبنك المغرب والمحافظة العقارية، والمحاكم التجارية، ووزارة النقل والتجهيز. بالقاعة رقم 1 بالمحكمة الابتدائية بالرباط، الواقعة بشارع مدغشقر بحي القبيبات بالرباط، كانت الساعة تشير إلى الواحدة زوالا. وصلت سيارات نقل نزلاء المركب السجني العرجات 1 بسلا، المتابعين في حالة اعتقال إلى المحكمة، وظلوا مرابضين بقبو المحكمة، تحت أعين شرطة الجلسات، تمهيدا لعرضهم على القاضي الجنحي المقرر في قضايا التلبس، بالقاعة ذاتها. جانحون يتابعون في حالة اعتقال في قضايا الاتجار بالمخدرات (الشيرا، الأقراص المهلوسة، الكوكايين)، وقضايا الضرب والجرح والسرقات والعنف ضد الأول والنصب والاحتيال وإصدار الشيكات بدون رصيد وخيانة الأمانة...، ملفات هؤلاء لا تتعدى عشر صفحات، نقلها الموظف المكلف إلى داخل القاعة، دون عناء. عاد الموظف ذاته "الجاوش" إلى حمل ملفات ثقيلة للمتابعين في غسل الأموال، أنجزتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية عبر مكتبها المكلف بمحاربة الجرائم المالية والاقتصادية، وتتعدى في الكثير من الأحيان 200 صفحة، إلى جانب محاضر قرارات قاضي التحقيق بالمحكمة ذاتها، الذي حقق في نوازل غسل الأموال ذاتها، بتعليمات من وكيل الملك، واختلط المتابعون في غسل الأموال مع أصحاب الجنح البسيطة. وصول مبيضي الأموال لما وصلت عقارب الساعة إلى الثانية زوالا اقتادت شرطة الجلسات بالمحكمة المعتقلين، في قضايا الجنح التأديبية البسيطة إلى مقر القاعة رقم 1، قصد مثولهم أمام قاضي التلبس، وعائلاتهم تكدست بالقاعة، فيما حضر المتهمون بغسل الأموال عبر سياراتهم الفارهة، ركنوها بمحيط المحكمة حتى لا يثيروا الانتباه، وصعدوا أدراج المحكمة للجلوس وسط جناح الفضوليين وأفراد عائلات المتابعين بالقاعة. نادى رئيس الجلسة على جانحين في قضايا المخدرات والسرقات والضرب والجرح، واستفسرهم عن أسماء والديهم وأماكن سكنهم، وبعدها انتقل للتذكير بالجرائم المتابعين بها، ومنح لهم الكلمة. أغلب هؤلاء المتهمين أنكروا الجرائم التي اقترفوها رغم ما تضمنته محاضر بالضابطة القضائية من اعترافات تلقائية. واعتبر العديد منهم أن طريقة اعتقالهم تصفية حسابات، ومنهم من طلب مهلة لتنصيب محام للترافع عنه، ورافع محامون في الجلسة بعد تنصيبهم في وقت سابق من عائلات المتهمين، ومنهم من أدلى بتنازلات مكتوبة لفائدة موكليهم من قبل الضحايا. الانتقال إلى مبيضي الأموال بعدما انتهى القاضي المقرر في قضايا التلبس من استنطاق المتهمين في الجرائم البسيطة، المتعلقة بالجنح التأديبية، انتقل إلى المتهمين بغسل الأموال. متابعون بألبسة أنيقة ومحامون كبار بعضهم قضاة سابقون بمحاكم مختلفة يرافقونهم إلى القاعة. واجه القاضي بعض هؤلاء المتابعين بالجرائم التي وجهها لهم قاضي التحقيق، في شأن وجود أدلة كافية على غسل أموالهم من أنشطة محظورة تتمثل في الاتجار بالمخدرات وبتبييض العائدات المالية المتحصل عليها من هذه الأنشطة، لكن هؤلاء المتابعين اختبؤوا وراء ممارستهم أنشطة قانونية من قبيل توفرهم على مطاعم ومشاريع بدول أروبية وأراض فلاحية بالمغرب. جاؤوا إلى المحكمة محملين بوثائق مترجمة وآخرون برروا المشاريع المحجوز عليها من قبل النيابة العامة بحصولهم على الإرث أو استفادتهم من إرث زوجاتهم. وفي الوقت الذي برر فيه المتابعون في غسل الأموال أنشطتهم بأنها قانونية، واعتبروا أن ملاحقتهم من قبل المكتب الوطني لمكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، في غير محلها، ولا تخرج عن الابتزاز من قبل الدولة، تدخلت النيابة العامة. دفاع النيابة العامة عن الشرطة المثير في مرافعات دفاع المتابعين في قضايا تبييض الأموال، أنه يضبط مواد القانون الجنائي والمسطرة الجنائية بحذافيرها، ما يدفع المتتبعين إلى الإنصات بإمعان إلى مداخلات المحامين في الموضوع، وتستغرق في بعض الأحيان ساعات، يضع خلالها قضاة سابقون التحقوا بالمحاماة النقط على الحروف، ما يدفع بالنيابة العامة إلى التدخل قصد الدفاع عن الإجراءات التي قامت بها الضابطة القضائية لمعالجة ملفات تبييض الأموال، وذلك في إطار القوانين الجاري بها العمل، سيما أن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط هو المختص ترابيا على الصعيد الوطني في قضايا محاربة تبييض. يستدل دفاع النيابة العامة بالقوانين المنظمة لمحاربة الظاهرة وبفصول القانون الجنائي، ويعتبر دفاع المتهمين أن جر هؤلاء المتهمين إلى ردهات التحقيق والمتابعة سيحرم البلاد من الاستثمار ومن تشجيع أفراد الجالية المغربية من إدخال رؤوس أموالهم إلى أرض الوطن، منبهين أن ما يفعله القضاء يتعارض مع توجهات الحكومة المغربية المشجعة للمهربين على إعادة أموالهم إلى المغرب من أجل الاستفادة منها. عقوبات موقوفة التنفيذ بعد مرافعات الدفاع والنيابة العامة أدخلت المحكمة ملفات متابعين في قضايا غسل الأموال بالمحمدية إلى المداولة، قصد النطق بالحكم فيها. وبعد الساعة السادسة مساء أصدرت أحكاما لم تتجاوز سنتين حبسا موقوف التنفيذ في حق المتورطين وبمصادرة أموالهم وعقاراتهم ومنقولاتهم، فيما نال المتابعون بجرائم الحيازة والاتجار في المخدرات والسرقات والعنف والضرب والجرح، عقوبات حبسية مشددة وصلت في بعض الحالات إلى خمس سنوات في حق متهمين بترويج الكوكايين. الحجز على الممتلكات تصدر النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، قرارات الحجز التحفظي على ممتلكات المتهمين في قضايا تبييض الأموال وبتجميد أرصدتهم المالية، كما تستعين بوحدة معالجة المعطيات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية قصد معرفة مصدر الأموال المتحصل عليها من عائدات الاتجار بالمخدرات. إحالات على التحقيق يتابع جميع المتهمين في قضايا تبييض الأموال في حالة سراح مؤقت، كما تحيل النيابة العامة جميع القضايا على قاضي التحقيق قصد البحث فيها ابتدائيا وتفصيليا، لكن لم تسجل حالات اعتقال، ويحضر المتهمون على متن سيارات فخمة إلى مكاتب التحقيق رفقة محاميهم.

تبييض الأموال… متابعات في حالة سراح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إصابة طبيبين تثير الهلع بتطوان

مختصرات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات