الحملات التحسيسية … “نزلوا العسكر”

استمرار ثقافة "راس الدرب" والاستهتار والتباهي في تحدي قرارات السلطة المحلية استهتار وتهور وعدم الوعي بمخاطر هذا الوباء الفتاك، وعنتريات ضد مسؤولي وعناصر السلطة المحلية، تلك أهم الخلاصات التي وقفت عليها "الصباح" خلال الحملة التحسيسية التي نظمتها السلطة المحلية بعمالة ابن امسيك بالبيضاء أول أمس (الخميس)، إذ رغم الحملات التحسيسية عبر القنوات التلفزية وبلاغات وزارة الداخلية، من أجل ملازمة المنازل إلا في حالة الضرورة، تعامل بعض سكان هذه المنطقة مع هذه الظرفية باستخفاف كبير، أطفال وشباب ومسنون من كلا الجنسين، يتجولون بكل حرية رغم أن الساعة تجاوزت الثامنة والنصف ليلا. في كل حي تعاين تجمعات صغيرة لشباب، والمحزن أنهم رفضوا التجاوب مع نداءات السلطة، ما تسبب في احتقان كبير في بعض المناسبات، استدعى تدخل عناصر الأمن المشاركة في الحملة. إنجاز: مصطفى لطفي و تصوير أحمد جرفي كانت نقطة تجمع وانطلاقة الحملة التحسيسية من أمام الدائرة الحضرية 16 بابن امسيك، شارك فيها كل من الباشا وقياد عمالة ابن امسيك والبالغ عددهم ستة، من بينهم إيمان العمريوي، قائدة الملحقة 58 مكرر، إضافة إلى خلفائهم وأزيد من 30 عون سلطة، وعناصر القوات المساعدة وفاعلين جمعويين. ارتدى القياد زيهم "العسكري" وامتطوا سيارات المصلحة، في حين تنقل الأعوان جماعات على دراجاتهم النارية، في رسالة صريحة إلى أن المغرب يعيش حالة حرب بسبب وباء "كورونا"، وأن على الجميع الامتثال لتعليمات السلطة. كانت الانطلاقة شيئا ما تبشر بالخير بشارع الوحدة الإفريقية، حيث كانت الحركة شبه منعدمة، باستثناء، تجمع أشخاص بمحل تجاري استدعى تدخل أعوان سلطة لإقناعهم بالتزام مسافة الأمان والمغادرة في الحال، في حين استجاب سكان إقامات بالشارع للأمر فورا، بعد أن استرعتهم "قافلة الحملة" ودون وعي منهم قرروا متابعتها عن بعد. لكن بمجرد الاقتراب من أحياء المنطقة، بدا أن قرارات الداخلية بلزوم المنازل، لم يعرها مواطنون أي اهتمام، وما زالت ثقافة "راس الدرب" صامدة أمام قرار الداخلية، إذ تحلق شباب في جماعات مصغرة يشاركون الحديث والتدخين، وأكثر ما أثار حفيظة رجال السلطة، عندما حول حارس ليلي مقر عمله، وهو عبارة عن "كوخ خشبي" صغير إلى مقر لاجتماع ضم أزيد من ثلاثة أشخاص. موقف أثار حفيظة القياد، الذين ترجلوا من سياراتهم محتجين بشدة على هذا السلوك الأرعن، قبل أن يوجهوا خطاباتهم لباقي الشباب بلزوم منازلهم، لكن يظهر أنه لا مستجيب لهذه النداء. التباهي بتحدي السلطة وصلت القافلة إلى شارع النيل، كان المشهد مثيرا للغضب، إذ بدا مكتظا بالمواطنين، لكن ما أثار حنق رجال مسؤولي السلطة المحلية ضبط أشخاص كبار السن منزوين أمام محلات مغلقة وحدائق صغيرة، والذين استجابوا لأمر المغادرة دون احتجاج، لكن سلوكهم ينم عن استهتار كبير بقرارات الدولة. لكن الأمور ستزداد توترا، بعد ولوج شارع 6 نونبر، حيث سيفاجأ رجال السلطة بحركة غير عادية للمواطنين، أطفال ونساء وفتيات وشبابا ومسنون، الكل متجمهر بالشارع وبالمحلات التجارية وأمام أخرى مغلقة، وازداد عددهم بسبب فضول متابعة عمل القافلة، ما اضطر الأعوان إلى الترجل من دراجاتهم النارية ومطالبتهم بالعودة إلى منازلهم، لكن ظهر شيء من التعنت في الاستجابة للأمر، ما دفع القياد جميعا إلى اللحاق بهم والتعامل بصرامة مع الوضع.وبدل الاستجابة للأوامر، قرر البعض التباهي أمام زملائه، بتحدي هذا القرار، كما هو حال شخص في الخمسينات من العمر، وصل به الأمر إلى نهج سلوك استفزازي، عندما أدلى له قائد بهويته وطلب منه المغادرة، فكان الرد "واخا تكون قايد"، بل وصل به الأمر إلى مقاومة أعوان السلطة بشدة أثناء نقله إلى سيارة للقوات المساعدة، متسببا في فوضى بعد أن تجمهر العشرات من المواطنين، من بينهم أطفال، لمتابعة الحادث وشرع بعضهم في الصراخ بأن الموقوف يعاني مرضا مزمنا وطالبوا بعدم اعتقاله، في مشهد علق عليه البعض أن على الدولة إنزال الجيش في الشوارع لتفعيل قرار الحظر الصحي. مسنون يخرقون القانون واصلت القافلة مسارها إلى حديقة الشهيد بنصالح، في حدود الثامنة مساء، فكان الجميع أمام صدمة أخرى، مسنون على كراسي الحديقة، وبمجرد أن عاينوا رجال السلطة، أدركوا خطأهم وغادروا المكان، ما اضطر رجال السلطة إلى القيام بحملة في الحديقة، ومطالبة زوارها بالمغادرة، وعادت لغة التجمهر تغزو الأحياء المجاورة للحديقة لمتابعة حملات رجال السلطة، ورغم التحذيرات من خطورة المرض وضرورة لزوم منازلهم، فإنه لا أحد استجاب للتعليمات على رأسهم مسنات. انتقلت الحملة إلى سوق عشوائي بالمنطقة، وظهر أنه يشهد إقبال المواطنين على التبضع، رغم أن الساعة تجاوزت الثامنة والنصف ليلا، ما دفع أعوان السلطة إلى وضع مسافات الأمان بين كل عربة، وطالبوا البائعين بعدم مشاركة الحديث مع الزبناء وإجبارهم على المغادرة بعد عملية البيع، وأبدى العديد تفهمه لهذا القرار ووعد بتنفيذه بحذافيره، لكن كما علق أحد المشاركين في الحملة سيبقى حبرا على ورق. "وابغينا "كورونا" كانت اللحظات الأخيرة للحملة التحسيسية أكثر قتامة، خصوصا بحي شعبي شهير بابن امسيك، أبدى فيه سكانه موقفا غريبا ينم عن استهتار كبير، وصل الأمر إلى حد أن أحدهم صرخ بنوع من السخرية والاحتقار "وابغينا كورونا". شجع هذا الموقف باقي السكان، أولهم امرأة علقت بنبرة غاضبة بعد أن طلب منها دخول منزلها بالقول "أش غادي ناكل إلا دخلت لداري"، في حين علق شاب، كان منهمكا في إعداد لفافة حشيش، " اللي كي كمي الحشيش ما تقضي فيه لا كورونا لا والو، غير عطيونا التيساع"، فانخرط رفاقه وأطفال والجيران في نبرة من السخرية، تكشف أن الوضع خطير حقا بالمغرب، إذا لم تتعامل الدولة بصرامة مع هذه الحالات التي تظل مع ذلك معزولة.

الحملات التحسيسية … “نزلوا العسكر”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

22 مـــلــــيــــارا

تعزيز الوقاية بالمحلات التجارية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات