العامري… ظلم ذوي القربي

تألق مع «الكاك» والمنتخب في السبعينات والثمانينات وأول مغربي يحترف في البرتغال وعاد منه مشلولا مازال نور الدين العامري، أحد نجوم النادي القنيطري والمنتخب الوطني، يرقد في الدار الكبيرة للعجزة في القنيطرة، حيث يتلقى الرعاية والتطبيب من مرض مزمن استعصى علاجه. حكاية العامري أشبه بسيناريو قصص الأفلام المرعبة، لشاب يافع ووسيم سطع نجمه في ملاعب الكرة، فخطف الأنظار إليه بمهاراته، قبل أن يلج عالم الاحتراف في بداية الثمانينات، ضمن نادي إيبورا البرتغالي، ليكون بذلك أول لاعب مغربي يحترف في الدوري البرتغالي. لكن بعد ذلك، ستتغير حياته رأسا على عقب، ويتحول إلى مجرد اسم، بعد إصابته بشلل نصفي أقعده الفراش وفقد إثره ذاكرته، تماما وتخلى عنه أقرب مقربيه، ضمنهم ابنته الوحيدة. بداية التألق لم يتوقع كثيرون أن يلتحق نور الدين العامري في سن مبكرة بالنادي القنيطري في بداية السبعينات، ليلعب رفقة لاعبين بارزين أمثال بوجمعة بنخريف، أحد ركائز المنتخب الوطني في مونديال مكسيكو1970، ومحمد زويتة، الملقب بكالا واحسينة أنافال وطويحينا وبابام وعبيد الله وشيشا والشرقوني والبوزيدي وغيرهم. لم ينتظر العامري طويلا ليقنع المدرب البرتغالي فيكاس بمهاراته العالية، قبل أن يتوج رفقة الكاك بثاني لقب وطني في 1972، ثم واصل اللمعان مع الجيل الموالي، تحت قيادة المدرب بنخريف، والمتكون من نور الدين البويحياوي ومحمد البوساتي وجمال جبران وخليفة العبد ومصطفى نقيلة وعزيز بوعبيد وعبد اللطيف حمامة وعبد الله سحاسح والحارس الراحل حميد بصيلة واللائحة طويلة. عاش اللاعب العامري أزهى فترات تألقه مع النادي القنيطري، عندما فاز معه بلقب البطولة سنة 1982، كما خاض نهائي كأس العرش أمام الفتح الرياضي في 1976، قبل أن يستدعيه آنذاك محمد العماري، مدرب المنتخب الوطني، من أجل الدفاع عن القميص الوطني، فضلا عن مشاركاته المتتالية مع المنتخب الجامعي ومنتخب الشرطة رفقة جيل من اللاعبين المتميزين. لكن، يظل فوزه بالدوري الدولي للأمن الوطني في 1981 خالدا في مسيرته، بعد التغلب على بطل أوربا سلتيك كلاسكو الاسكتنلندي بهدفين لواحد، أحرزهما زعبيلة ومحمد البوساتي. زملاء الأمس يتحركون لم يجد صاحب اللمسة الساحرة في عقد السبعينات والثمانينات سوى زملاء الأمس، وبعض المسيرين والغيورين، من أجل انتشاله من وضعيته الحرجة، بعدما نقلوه إلى الدار الكبيرة في القنيطرة، حيث خصص له طاقم طبي لرعايته ومتابعة حالته الصحية، فيما يسهر متطوعون على العناية به، سواء من ناحية النظافة أو التطبيب أو التغذية. يقول محمد الحيرش، مسير سابق، إن الحالة الصحية للعامري مستقرة حاليا، بالنظر إلى المجهودات، التي بذلت من قبل زملائه السابقين والطاقم الطبي بقيادة نور الدين سورات، الطبيب المختص في القلب والشرايين، الذي يواكب حالته عن قرب، كما أجريت له العديد من الفحوصات أثبتت أنها في تحسن مستمر. وأضاف الحيرش أن العامري يرقد حاليا في دار العجزة (الدار الكبيرة) لرعاية المسنين في غرفة مخصصة له، كما يخضع للترويض تحت إشراف طاقم متخصص، ومتابعة يومية من لاعبين سابقين، نظير عبد الرحمن قلال وعبد اللطيف حمامة ونور الدين البويحياوي وعزيز بوعبيد وآخرين. ولم يتردد مسيرون سابقون في تقديم يد العون لنور الدين العامري من أجل تجاوز محنته الصحية، من قبيل عبد السلام حرات، مسير رياضي، وحكيم دومو، العضو الجامعي ورئيس عصبة الغرب، إضافة إلى يوسف شيبو، الذي بادر إلى تنظيم دوري تكريمي لهذا اللاعب الخلوق وذي المهارات الفنية، كما لم تتردد مؤسسة محمد السادس للأبطال الرياضيين بالتكفل بحالته الصحية الحرجة، تماشيا مع مبادراتها الإنسانية، التي أحدثت لأجلها. تكريم لأجل الاعتراف أبى قدماء النادي القنيطري إلا أن ينظموا دوريا تكريميا أخيرا بأكاديمية شيبو، للاعتراف بما قدمه نور الدين العامري من خدمات جليلة للنادي القنيطري والمنتخب الوطني في السبعينات والثمانينات. وشكل التكريم مناسبة مواتية للقاء العامري مجددا مع مجموعة من زملائه السابقين، حتى وهو على كرسي متحرك، لا يقوى على الكلام والحركة، مكتفيا برفع رأسه تحية لهم، وكأنه يقول "ها أنا ألتقي بكم مجددا، لكنني مقعد ومشلول لا أتذكر اسم أحد". استجاب معظم الدوليين لدعوة قدماء "الكاك" في مقدمتهم عبد اللطيف حمامة، التي كانت تربطه علاقة خاصة بالعامري، ونور الدين البويحياوي وعزيز العامري ومحمد الحيرش ويوسف شيبو، الذي وضع كل تجهيزات أكاديميته من أجل إنجاح الدوري التكريمي. ومن الدوليين الذين شاركوا في الدوري التكريمي، حسن أقصبي وأحمد فرس ويوسف شيبو وسعيد غاندي والكانة وعروبة والحارس حميد بنحليمة وعزيز بوعبيد وعبد اللطيف حمامة وعبد الرزاق خيري ومحمد شيبو وعبد الجليل حجي، وكانت الفرصة كذلك للالتقاط الصور التذكارية مع أول مغربي احترف كرة القدم في البرتغال. سرير بدار العجزة عاد نور الدين العامري إلى مسقط رأسه بالعرائش مهزوما وفاقد الذاكرة، بعدما قررت ابنته الوحيدة التخلي عنه في لحظة ضعف وانكسار، بدل رعايته والاهتمام بوضعيته الصحية الحرجة. لم يجد العامري سوى شقيقته، التي تكلفت به للوهلة الأولى، قبل أن تنقله إلى المستشفى الإقليمي ودار العجزة بالعرائش، بعدما استعصت رعايته كما يجب. لم يتلق العامري الاهتمام اللازم والعناية المطلوبة، فساءت أحواله، وتضررت صحته ونفسيته أكثر من ذي قبل، بعدما تخلى عنه الأقارب في أشد اللحظات قسوة. خبر مرض محبوب جماهير "الكاك" انتشر كالنار في الهشيم بين عشاق ولاعبي الكاك، ممن اقتسموا وإياه سحر الكرة على أرضية الملعب البلدي، فهرول نور الدين البويحياوي وعزيز بوعبيد وعبد اللطيف حمامة وخليفة العبد، صوب مستشفى العرائش، بحثا عن زميل طال انتظاره، واختفى عن الأنظار منذ أزيد من 37 سنة، ليجدوا العامري ملقى على سرير، وحيدا مهملا يحملق في وجوهم وأعينهم، التي ذرفت الدموع من صدمة اللقاء، وحزنا وشفقة على حال صانع ألعاب فريقهم الأصلي. الاحتراف بالبرتغال لم يكن نور الدين العامري يدرك أن حلم الاحتراف سيتحقق بعد مشاركته مع النهضة القنيطرية في دوري دولي في إسبانيا، بشكل استثنائي وتطوعي، بعدما خطفه فريق إيبورا البرتغالي، بعد معاينة مهاراته عن قرب. واصل فتى "الكاك" المدلل تألقه في الدوري البرتغالي ونجح في مساره في أغلب الفرق، التي لعب في صفوفها، قبل أن يقرر الاعتزال في 1989، بعد زواجه من برتغالية، وأنجب منها ابنته الوحيدة. ورغم علاقته الوطيدة بزملائه السابقين، إلا أنه قطع صلته بهم منذ احترافه في البرتغال، وانقطعت أخباره كليا إلى حين عودته مشلولا ومنكسرا، بسبب المرض. إنجاز: عيسى الكامحي

العامري… ظلم ذوي القربي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مقترح لإنهاء العصبة بـ "جابوما"

الاتحاد العربي يحدد موعدا جديدا لنصف النهائي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات