الاستثناء الصحي

في ظل التوقعات المخيفة بتضاعف أرقام الإصابات والوفيات خلال الأيام المقبلة، لن يكون أمام المغاربة أي سبيل آخر للنجاة من هلاك مؤقت سوى الالتزام بأقصى درجات الوقاية والحذر وتجنب الاختلاط والذهاب إلى الأماكن العمومية وفرض الحجر الذاتي في المنازل، وتجنب كل ما من شأنه الاحتكاك بأماكن وجود أعشاش الفيروسات. وفي هذا الإطار، نؤكد على أهمية قرار وزارة الداخلية إغلاق المقاهي والمطاعم والقاعات السينمائية والمسارح وقاعات الحفلات والأندية والقاعات الرياضية والحمامات وقاعات الألعاب وملاعب القرب في وجه العموم وحتى إشعار آخر، وهو القرار الذي دخل حيز التنفيذ في الساعة السادسة من أمس (الاثنين). إن قرارا من هذه الدرجة من الصرامة، "قد" يعزز الإجراءات السابقة للحكومة المتعلقة بتعليق جميع التظاهرات والمهرجانات الكبرى والمواسم، وتوقيف الدراسة وإنشاء صندوق لمواجهة تداعيات "كورونا"، لكنها تظل إجراءات غير كافية: أولا-، في ظل استهتار عدد من المواطنين بالخطر المحدق بنا جميعا، إذ مازالوا يتعاملون مع هذه القرارات مثل "امتيازات" ومنح من الدولة، يستفيدون منها على نحو انتهازي، وأبشع مثال على ذلك، تحويل توقيف الدراسة إلى عطلة استثنائية وراحة وخروج وتجوال وفسحة ولعب في الأزقة والشوارع، بدل أن تتحمل الأسر مسؤوليتها وتمنع أبناءها من الخروج. ثانيا-، باستمرار بعض السلوكات المريضة، وثقافة "اللهطة" و"بوهيوف" والأنانية في الأسواق والمحلات التجارية، رغم أن الحكومة حرصت على الإبقاء على هذه الأسواق والمتاجر ومحلات عرض وبيع المواد والمنتجات الضرورية للمعيشة اليومية للمواطنين مفتوحة، وكذا المطاعم التي توفر خدمة توصيل الطلبات للمنازل، مع حرص مصالح الداخلية على ضمان التموين المستمر والمنتظم للسوق الوطنية بمواد التموين الأساسية وعدم المساس بمسالك التوزيع وتأمين توفر العرض الكافي من هذه المواد بمختلف نقاط البيع وبمجموع أسواق المملكة. ثالثا-، في غياب قرار صريح وصارم من الحكومة بالدخول إلى مرحلة "الاستثناء الصحي" الذي يتطلب تنفيذه تعبئة أدوات الضبط العمومي، مثل أفراد القوات الملكية المسلحة والدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة، الذين عليهم النزول إلى الشوارع، في أقرب وقت، حتى يفهم المستهترون أن الأمر جدي للغاية. إن "الاستثناء الصحي" يعني أن البلاد في حالة حرب غير معلنة مع كائنات غير مرئية، وعلى الجميع أن يفهم أن هناك جهات ستتحرك لتطبيق صارم لقواعد هذا الاستثناء، ومنها منع أي خروج إلى الشارع، إلا في ثلاث حالات قصوى ومبررة، وهي العمل والتسوق الضروري، والذهاب إلى المستشفى، أو جلب الأدوية. خارج هذه الحالات، سيكون على القوات العمومية تحمل مسؤوليتها لضبط الفضاء العام، ومنع جميع احتمالات تنقل الوباء والتحكم في أرقامه خلال الأسبوعين المقبلين على الأقل، حيث يوجد الفيروس في فترة حضانة لدى مرضى محتملين. إن الوضع خطير فعلا. وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته، قبل فوات الأوان.

الاستثناء الصحي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أخبار الصباح

عائدون: خلية اليقظة لا ترد

مقالات ذات صلة