الخائفون من الإصلاح يجتازون سنة أولى دستور

التحول السياسي لم ينعكس على ما هو اجتماعي واستفاد المنتفعون من الفساد والريع من العفو الحكومي انقضت سنة كاملة على أول انتخابات تجري، في بلادنا، على قاعدة المنهجية الديمقراطية. هي اللحظة التي جاءت بحزب العدالة والتنمية على رأس الحكومة، وما رافق ذلك من ترافع حزبي وتدافع سياسي، ساهم في إعادة بناء الدولة، دستوريا، في انتظار أن يكتمل البناء بتنزيل القوانين التنظيمية. مرت سنة، على الانتخابات التشريعية ، التي جرت في ظروف استثنائية وبأجندة مختلفة تماما، هذه المرة، فقد كانت استحقاقات سابقة لأوانها، ولحظة تأسيسية بامتياز، أعادت الاعتبار إلى السياسة، وسط حراك الشارع الذي أعطى زخما كرس الاستثناء المغربي.بعيدا عن السياسة، سألت واحدا من الناس، عن الجديد الذي لمسه بعد كل هذا الحراك، وفي ظل تجربة حكومية مختلفة تماما، فكان الجواب صادما، حكيما، وساخرا من الواقع، كما هو حال المغاربة دائما، حين يملون الأشياء يجعلون منها موضوع تفكه وتندر. يحكي قائلا: «في منطقتنا، ويقصد إحدى القرى العابرة على الحدود شرق البلاد، حين يقظ الجو وتشتد الحرارة، يدخل الواحد منا إلى غرفة معزولة، كانت قد بنيت لأجل أن تحتفظ بالبرودة في عز الحر، وحين تستلقي للراحة، تسمع بين الفينة والأخرى أزيز ذبابة تحلق في فضاء البيت. عبثا تبحث عنها دون أن تراها.. فأنت تسمع ولا ترى شيئا». هذا هو الحال عندنا..إنه زمن الذباب، كما يؤرخ بعض الجيولوجيين لهذه الحقبة التي نعيشها، عطفا على حقبة البراكين وقبلها التنين. فقد استهلك الناس الشعارات حد التخمة، وقبل الانتخابات تنابزت الأحزاب في ما بينها، وخرج الناس إلى الشوارع يطالبون بالإصلاح داعمينه ومنتصرين له ولمن والاه، ثم في مرحلة أخرى استجابت الدولة لمطلب الإصلاح، وبدت كمن كان يترقب هذا التدافع ليجد سببا يبرر به لنفسه الانخراط في مسلسل الإصلاح، بدءا بتعديل الدستور ومرورا إلى حل البرلمان وتأسيس حكومة جديدة، بصلاحيات دستورية أقوى.لقد شكلت الانتخابات التشريعية، التي جرت قبل سنة، انتصارا لقوى الإصلاح، والدفع في اتجاه تحديث مؤسسات الدولة وخلخلة بنياتها التقليدية المختفية وراء ثوب القداسة. وفعلا استجابت الملكية لهذا المطلب، بدت منتشية بهذا الانتصار، وكأنها تنتصر لقوى الإصلاح وتمنع عن البلاد كل ارتداد إلى الخلف، أو تردد من شأنه أن يزرع الشك في الجدوى من كل هذا الانتقال. لكن هذا التحول السياسي، لم ينعكس على ما هو اجتماعي، فظلت الانتظارات في مكانها، واستفاد المنتفعون من الفساد والريع من العفو الحكومي، وأبرأ رئيس الحكومة ذمته بإعلانه «عفا الله عما سلف»، وتنفس الخائفون، المتوجسون من الإصلاح، الصعداء، بعد أن أدركوا أن كل ما وقع، كان أزيز ذباب ليس إلا... تسمعه ولا تراه.إن أكبر التحديات التي تواجه الحكومة، بعد انقضاء سنة على الانتخابات التشريعية، هو أن يتحول الزمن إلى عامل مقاوم للإصلاح نفسه، فالتردد يولد الارتداد، ومسؤولية العدالة والتنمية قائمة، لحجم الوعود الانتخابية التي قطعتها، على نفسها وأمام الناخبين، وهامش الخطأ تقلص هذه المرة، بالنظر إلى أن الدولة نفسها استنفدت أوراق احتفظت بها منذ بداية الانتقال الديمقراطي، نهاية التسعينات، والبديل قد لا يكون دائما في الانتخابات.. إحسان الحافظي

الخائفون من الإصلاح يجتازون سنة أولى دستور

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتقال إمام بمراكش اغتصب أربعة أطفال

زيادات مرتقبة في رواتب القضاة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات