بنكيران… رجل فكاهة في الجلسة الشهرية

إذا كان الدستور الجديد وسع من صلاحيات البرلمان في مراقبة الحكومة، ومنح المعارضة وضعا متميزا تكريسا لمبدأ فصل السلط وربط المسؤولية بالمحاسبة، والطابع البرلماني للنظام السياسي المغربي، رغم استمرار الملك رئيسا للدولة وممارسا لجزء من السلطة التنفيذية إلى جانب رئيس الحكومة، إلا أن المواكبة القانونية والسياسية لتفعيل الفصل 100 من الدستور القاضي بمثول رئيس الحكومة لزوما مرة كل شهر أمام البرلمان، ماتزال مفتقدة، إذ وفي انتظار تعديل النظامين الداخلي لمجلسي النواب والمستشارين لملاءمتهما مع الفصل 100 من الدستور وضبط توزيع الحصص الزمنية بين الفرق فضلا عن عقلنة مثول رئيس الحكومة أمام ممثلي الأمة، كي لا تظل الجلسة سجينة فرجة سياسية للمغاربة الذين يرى أغلبهم في رئيس حكومتهم رجل دعابة ومرح، في تدخلاته خلال الجلسات الشهرية الثلاث التي تمت لحد الآن، أكثر من رجل دولة ملم بما يجري حوله، قادر على تقديم إجابات شافية وقطعية على العديد من القضايا التي تشغل بال الرأي العام.سيناريو الفرجة الذي عكسه مثول رئيس الحكومة أمام غرفتي البرلمان، كان مع ذلك عاكسا لصورة أخرى أضحت تطبع المؤسسة التشريعية، التي لم يكن جزء مهم من المغاربة يعيرون أي اهتمام لجلساتها الشفوية، ذلك أن اهتمام المغاربة بالجلسة الشهرية لبنكيران، كما تعكسه نسب مشاهدة التلفزيون المقدمة في هذا الصدد، يعكس مدى حرص المغاربة اليوم على تتبع كل ما يتعلق بحكومة بنكيران، لأن شخصية الرجل هي التي زكت هذا الاهتمام بالشأن العام لدى شرائح واسعة من المواطنين، خاصة أنه حافظ على بساطته في الكلام أمام أعضاء البرلمان وشعبويته التي تفوق كل تصور فضلا عن جرأته في قول ما يريد دون تحفظ، ما أعطى لهذه الجلسات الشهرية نكهة خاصة لدى كل المتتبعين، ومنح بنكيران رصيدا إضافيا في شعبيته التي تعد في الآن ذاته سكينا ذا حدين.إلا أن تهميش رئيس الحكومة لمحاور النقاش التي تطرحها المعارضة مقابل تمسكه بتلقائيته في الأجوبة عن الأسئلة التي يتوصل بها قبلا، أخرج هذه الجلسة الشهرية المهمة من طابع المساءلة وحولها إلى "مونولوغ" يقوم به رئيس الحكومة ويسعى من خلاله إلى بعث رسائل إلى من يهمهم الأمر، والمرور سريعا، عبر لغة الأرقام التي يتقنها، على أهم محاور السياسة العامة.كما أن الإشكال الدستوري المتعلق بإلزامية حضور رئيس الحكومة شهريا للبرلمان للإجابة على أسئلة ممثلي الأمة، حسب الفصل 100 من الدستور، دون أن تحدد هذه المادة هل الأمر يتعلق بغرفة واحدة في كل شهر أم بالحضور أمام الغرفتين معا خلال شهر واحد، ما يزال عالقا. وسبق للوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان الحبيب الشوباني أن تشبث أثناء حضوره ندوة رؤساء الفرق البرلمانية، بتأويل الحكومة لهذه المادة بحضور بنكيران مرة واحد في الشهر أمام إحدى غرفتي البرلمان. وقال الشوباني لرؤساء الفرق إن الحكومة ستحيل المادة 100 من الدستور على المجلس الدستوري لتفسيرها.يمكن القول إنه لحد الآن لم تعكس الجلسة الشهرية لرئيس الحكومة أمام أعضاء البرلمان الأهداف التي توخاها المشرع لإدراجها في الدستور، فهي تهدف إلى تقوية مراقبة العمل الحكومي ومساءلة الحكومة عن توجهاتها واختياراتها، وتأصيل الحوار ومأسسة العلاقات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في إطار تفعيل مختلف الإصلاحات السياسية والمؤسساتية والقانونية التي جاء بها دستور المملكة، كما أكد ذلك رئيس مجلس النواب كريم غلاب في ندوة صحفية سابقة تمهيدا للمثول الأول لبنكيران أمام مجلس النواب.كما يسود لبس في تعامل الأغلبية مع الجلسة باعتبارها امتدادا لجلسة الأسئلة الشفوية، علما أنه يفترض أن تخصص لمناقشة أهم محاور السياسات العامة للحكومة خاصة في مجال تنفيذ التزاماتها في ما يتعلق بالمخطط التشريعي، ومحاربة اقتصاد الريع والحكامة، وفي مجال التشغيل والتخفيف من ظاهرة البطالة....وهي أسئلة ومحاور ظلت عالقة، ولم تحظ بحيز مهم في جلسات مساءلة بنكيران السابقة، الذي يقرأ كل ما يكتبه له الأزمي والبركة في هذا الصدد، دون تمحيص. رشيد باحة

بنكيران… رجل فكاهة في الجلسة الشهرية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سـكـان بـمكـنـاس يـطـالـبـون بـإحـداث مـقـبـرة

تنزيل الدستور لا يقتصر على الحكومة والبرلمان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات