قانون المالية ل2020: أموال الدولة … فيتو الحجز

جدال قانوني بشأن المادة 9 من مشروع الميزانية ومطالب بإلغائها أثارت المادة 9 من مشروع قانون المالية ل2020، والتي تقيد الحجز على أموال وممتلكات الدولة لتنفيذ الأحكام، جدالا قانونيا بين الحكومة التي تتبناها وتجد لها مبررات في شأن ضرورة الحفاظ على توازنات والتزامات الدولة والسير العادي للإدارة، والذي يمكن أن يختل مع إمكانية الحجوز على أموالها، وبين الرافضين لذلك والذين يعتبرون أن تلك المادة تمس بحق دستوري، وبحق المواطن في تنفيذ أحكامه، ويعتبرون أن الدولة ملزمة بتحمل مسؤوليتها وتنفيذ الأحكام الصادرة في حقها. ودخل المحامون والقضاة على خط الرفض، معتبرين أن الأمر يشكل تراجعا ومخالفة للتوجيهات الملكية التي ما فتئت توصي بضرورة وأهمية تنفيذ المقررات القضائية وسريان مفعولها على المحكوم ضدهم، بما في ذلك الإدارة وكل مرافق الدولة، في إطار المبدأ الدستوري القاضي بمساواة الجميع أمام القانون والقضاء، ودعا الرافضون لوجود المادة 9 إلى إعادة النظر في مقتضياتها، لما تشكله من تراجع واضح عن المكتسبات الحقوقية الدستورية، ومس باختيارات المجتمع المغربي. في حين ترى الحكومة من خلال محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، أن "هذه المادة يتم العمل بمضمونها في دول عديدة كفرنسا وبلجيكا وسويسرا وكندا وغيرها من الدول التي ترفض أن تكون حساباتها ضمانة للدائنين". في الوقت الذي تجاوز فيه مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، صلاحياته، وأعلن عن إلغاء المادة 9 من مشروع قانون المالية ل2020، رغم أن القانون لا يخول له هذا الحق، لأن تعديل أي مادة يتم لحظة الشروع الفعلي في إجراء التعديلات التي تضعها الحكومة والبرلمان، وليس عبر التصريحات. ك . م تـعـنـت وشـطـط عدم تنفيذ الأحكام ضد الدولة يترجم تخلف العقليات أمام تطور القوانين احتل موضوع تنفيذ الأحكام النهائية ضد شخوص القانون العام، أو ما يندرج تحت وصف الدولة، حيزا مهما من خطابات جلالة الملك، إذ دق ناقوس الخطر بشأنه، أكثر من مرة، كما ألح على أن تكون مساطر نزع الملكية لأغراض لا يمكن التوسع فيها، وبصفة خاصة للمنفعة العامة، ولا يمكن أن تكون محل مضاربات عقارية أو استغلال تجاري، وهو ما أشار إليه في خطاباته الأخيرة لهذه السنة. ولعل هاجس تنفيذ الأحكام ضد الإدارات العمومية، قديم حديث، إذ انتبه الملك إلى تقاعس الإدارة في احترام القانون، في أولى خطاباته، بعد اعتلائه العرش، ففي دجنبر 1999، ألقى خطابا أثناء افتتاح دورة المجلس الأعلى للقضاء، قال «لن يتحقق المبتغى إلا إذا ضمنا لهيآت القضاء الحرمة اللازمة والفعالية الضرورية بجعل أحكامه الصادرة باسمنا الشريف تستهدف الإنصاف وفورية البت والتنفيذ»، وجريان مفعولها على من يعنيهم الأمر». وعاد جلالة الملك في 2016، في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية للتأكيد على هذا التوجه إذ قال: «... كما أن المواطن يشتكي بكثرة، من طول و تعقيد المسا طر القضائية، ومن عدم تنفيذ الأحكام، وخاصة في مواجهة الإدارة». مضيفا أنه «من غير المفهوم أن تسلب الإدارة للمواطن حقوقه، وهي التي يجب أن تصونها وتدافع عنها. وكيف لمسؤول أن يعرقل حصوله عليها وقد صدر بشأنها حكم قضائي نهائي؟». فتنفيذ الأحكام القضائية ضد الدولة تعتريه صعوبات، بعضها يرجع إلى عقليات المسؤولين، المبنية على التعنت والتعالي، وأخرى تعود إلى مسببات تقنية مرتبطة بالأغلفة المالية المحكوم بها، وبعدم قدرة الإدارة المعنية على تنفيذها، وما يمكن أن ينعكس عن التنفيذ من تأثير على السير العادي للمرفق العام. وهناك حالات كثيرة من الامتناع في تنفيذ الأحكام الصادرة في مواجهة الإدارات العمومية، أو التماطل في التنفيذ، ولعل أبرزها عدم وجود اعتمادات مالية لتنفيذ الأحكام الإدارية، والتعقيدات المتعلقة بقانون المالية لأجل برمجة المبالغ المالية المحكوم بها. وبعيدا عن الأحكام المتعلقة بالتعويض، والتي تسبب مآسي لأسر انتظرت سنوات دون جدوى، وبعض الضحايا مات دون أن يقبض درهما، فهناك أحكام أخرى تتعلق بإلغاء القرارات الإدارية التي تصطدم بدورها بتعنت المسؤولين، بل تدفعهم إلى نهج أساليب لا يمكنها إلا أنه توصف بالشطط في استعمال السطة، وتتحول بعض الملفات من مشاكل مرتبطة بالإدارة والمواطن، إلى ثلاثة أطراف بعد حلول شخصية المسؤول محل الإدارة، ومواجهته للحكم بأساليب ملتوية تضرب في العمق كل الخطابات الرامية إلى تأسيس دولة الحق والقانون، ناهيك عن مفوضين قضائيين تعرضوا للإهانة عند توجههم لإدارة من أجل تبليغ المسؤول عنها. إن تنفيذ الإدارة للأحكام القضائية، ليس انتقاصا منها، ولم يكن يوما ما كذلك، بل هو تعبير على سمو القانون ونفاذه على الجميع، إدارات ومواطنين، ولعل أساليب التعنت والتذرع والتماطل وضع المطبات لعرقلة التنفيذ، لا يمكن اعتبارها إلا تخلفا وحالة نشاز، تخالف جهودا متواصلة للتخليق والترشيد وتوطيد قيم المواطنة. المصطفى صفر

قانون المالية ل2020: أموال الدولة … فيتو الحجز

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حرق العلم الوطني ... "فيسبوكيون": قتلتم كل مبادرة نبيلة

حرق العلم الوطني ... تصريحات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات