دورات أكتوبر … عبث المجالس

قوانين تنظيمية لم تنفع في إنهاء زمن السيبة وتوسيع صلاحيات المنتخبين أجج الصراع لم تشفع القوانين التنظيمية الجديدة في إنهاء عبث تدبر المجالس الترابية ، ولم يسفر توسيع مجال مشاركة المنتخبين، إلا عن مزيد من المعارك التي تشل الجماعات الترابية وتراكم انتظارات المواطنين، إذ يتقاضى حوالي 32 ألف منتخب الملايين من الدراهم تعويضات شهرية عن القيام بالمهام، وأخرى تهم استغلالا انتهازيا لسيارات الدولة، والسفريات إلى الخارج، في قطاع غير منتج يشغل أيضا 150 ألف موظف. هيمنة الجدال وهزالة الحصيلة 32 ألف منتخب يكلفون خزينة الدولة الملايين رفقة 150 ألف موظف في قطاع غير منتج أضحت المجالس الترابية تشكل عبئا ماليا ثقيلا، رغم أنها لا تلبي حاجيات المواطنين، ويتسابق عليها الأعيان القدامى ممولو الأحزاب، والأعيان الجدد الحاصلون على رضى السلطات المركزية بالرباط، حتى وإن كان هؤلاء لا يشتغلون بسياسة القرب، ولا يساهمون في تطوير المدن، وضواحيها والمراكز القروية، إنهم ينتجون ثقافة البؤس، ويشجعون على « ترييف» المدن بسلوكات البوادي. إن ما يجري في المجالس الجهوية، ومجالس الأقاليم والعمالات، والمقاطعات والبلديات والجماعات القروية، يتطلب إجراء ثورة فكرية وسياسية هادئة ترتكز على تغيير القوانين لتقليص المنتخبين 32 ألفا والموظفين 150 ألفا على الأقل إلى النصف لضمان النجاعة والفعالية في العمل، ما جعل أغلب المؤسسات المنتخبة، مؤسسات مشلولة تتأخر في إنجاز المشاريع التنموية. وتأخرها هذا أدى إلى بروز الحراك الشعبي في الحسيمة، وجرادة، وتنغير، وطاطا، وسيدي افني، وزاكورة، وفي أغلب ضواحي المدن التي تعاني مشاكل اجتماعية لا حصر لها. إن ما يجري في مجالس الجهات والعمالات والأقاليم والبلديات فوضى عارمة في التسيير والتدبير والصراعات السياسية المتخلفة التي تنتج العراقيل وتناهض المشاريع التنموية، التي لا «يربحون» منها، خاصة إذا كانت صفقات وطلبيات عمومية، وأشغال روتينية مدرة للدخل ومباني وشقق ومحلات تجارية، فكم مرة تم هدم مدن صفيح على الورق، لأن المنتخبين وممثلي السلطة حصلوا على الأراضي التي كانت مخصصة لإيواء قاطني القصدير في عمارات سكنية لائقة، وكم مرة تم وضع مئات الهكتارات مخصصة للمناطق الصناعية التي تحولت بقدرة قادر إلى عمارات سكنية، وكم مرة تحول مشروع سياحي على البحر إلى شاليهات، وفيلات للسكن. إن سياسة الدولة عودت المغاربة أنها هي كل شيئ، وعليهم أن يعولوا عليها كي تمنحهم كافة مطالبهم وقتلت فيهم المبادرة الإنتاجية وجعلتهم ينظرون إلى المال العام أنه مال « سايب» وربتهم على الكسل والتسول والبكاء والنحيب، ومد اليد، ولم تجعل منهم شخصيات قوية تحب الحياة وتطور ذاتها وتحقق التنمية المستدامة. وسقط رؤساء مجالس جهوية تباعا، منهم من « هرب» خارج التراب الوطني، وبينهم المدان في محاكم مالية بتهمة جرائم تبديد أموال، ومنهم الأشباح التي لا يظهر لها آثر، والبعض الآخر يعاني « بلوكاج» لأنه لم يحسن تدبير العلاقة بينه وبين الأغلبية والمعارضة والولاة والعمال. وتعاني جهة درعة تافيلالت، جمودا في تنزيل المشاريع التنموية، إذ دخل رئيسها الحبيب الشوباني، القيادي في العدالة والتنمية في صراع مع معارضيه في إطار حرب استنزاف سياسية أضرت بمصالح المواطنين الذين سيصوتون ضد كل هؤلاء المنتخبين. وانزعج بوشعاب يحضيه، والي الجهة محذرا من ضياع 1700 مليار سنتيم، جراء تأخر تطبيق مشاريع ذات أهمية، إذ تأكد أن 23 مشروعا من أصل 42 تلامس نسبة الإنجاز فيها الصفر. وتم تعليق أشغال الدورة العادية لمجلس جهة كلميم واد نون ، وذلك بعد رمي منصة الرئاسة بالبيض والطماطم الفاسدة بشكل مفاجئ، أثار استغراب المنتخبين والحاضرين من ممثلي السلطة، ما دفع بوالي جهة كلميم واد نون ورئيس الجهة إلى الانسحاب، وإرجاء الدورة المقبلة التي تأجلت كثيرا وعرقلت المشاريع التنموية. وتم حل مجلس جهة كلميم واد نون، بعد أن استعصى على عبد الرحيم بوعيدة، التفاهم مع المعارضة طيلة سنتين من ضياع المشاريع التنموية حول أسماء الشركات التي ستستفيد من « كعكة» 1200 مليار سنتيم المخصصة لهذه الجهة في إطار صفقات تنموية، وحلت محله وزارة الداخلية لمدة نصف سنة، ليعاد انتخاب مباركة بوعيدة. ويظهر أن جهات تعاني وجود رؤساء أشباح من قبيل مصطفى الباكوري، القيادي في الأصالة والمعاصرة، الذي لا يظهر له أثر في مشاريع تنمية أقاليم الجهة الكثيرة، فيما ظهر البعض بشكل باهت أو محتشم مثل امحند العنصر، أمين عام الحركة الشعبية، رئيس جهة فاس مكناس، أو محمد مجاهد، رئيس جهة خنيفرة بني ملال. "الحريك" السياسي لن تتمكن وزارة الداخلية بعد من حل معادلة إلياس العماري، القيادي السابق في الأصالة والمعاصرة، رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة، الذي « هرب» أو غادر أرض الوطن، إلى أوربا، في إطار ما أطلق عليه سكان أقاليم الجهة « بالحريك السياسي» وأعلنت مصالح الولاية بالجهة شغور مقعده، وإعلان إجراء انتخابات لاختيار من سيعوضه، في منطقة عرفت احتجاجات بإقليم الحسيمة، وشهدت مشاريع تنموية على الورق بمساهمة صينية، يرجى أن يتم إنجازها. وتعاني جهة الشرق وجدة، جمودا في تدبير عملها، رغم محاولات عبد النبي بعيوي، القيادي في « البام»، ورئيس الجهة، استكمال أوراش فتحها، جراء صدور حكم قضائي قضى بإدانته بسنة حبسا نافذا بتهمة تبديد أموال عمومية تخص التهيأة الحضرية، وكذا عمر حجيرة، رئيس جماعة وجدة القيادي في الاستقلال بسنتين حبسا نافذا، وحل فرع العدالة والتنمية، بالإقليم، بعدما انتفض منتخبوه، ضد قيادتهم الحزبية التي التمست منهم عدم التنسيق مع منتخبي» البام» لإقالة رؤساء لجان. أحمد الأرقام

دورات أكتوبر … عبث المجالس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مخدرات تطيح بإسباني وإنجليزي وبحارة

الإدمان على الأجهزة الإلكترونية ... "باي باي" التركيز والنظر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات