بركان … البرتقالة المرة

بنيات تحتية هشة وأسواق عشوائية وقلة المساحات الخضراء وأسطول نقل متهالك واجهت بركان العديد من المشاكل في تدبير مجموعة من المرافق الاجتماعية منذ سنوات، ساهمت بشكل كبير في تعطل مختلف المشاريع، التي بإمكانها أن تنقل المدينة من طابعها البدوي، إلى مدينة حديثة، كغيرها من المدن الموجودة في المنطقة الشرقية.ولم تعرف بركان الكثير من التحديث، إذ ظلت المشاريع حبيسة الصراعات الجانبية بين مختلف الأحزاب السياسية في مجالات النظافة والبنيات التحتية والنقل والمساحات الخضراء والأسواق النموذجية. ويحاول المجلس الجماعي الجديد، إعادة النظر وإحياء مجموعة من الإصلاحات، خاصة بعد الإشعاع الأخير الذي تعرفه المدينة على المستوى الرياضي والفلاحي. إنجاز: صلاح الدين محسن وتصوير (عبد المجيد بزيوات) (موفدا الصباح إلى بركان) كشفت الفيضانات الأخيرة هشاشة البنيات التحتية التي تتوفر عليها بركان، إذ تسببت في إغلاق جميع الطرق وسط المدينة، وشارعها الرئيسي. هشاشة البنيات التحتية وقفت «الصباح» على معطيات خطيرة، تؤكد أن مشكل الفيضان عانت بسببه المدينة منذ سنوات، وبشكل خاص، خلال الفترة التي تسجل فيها تساقطات مهمة من الأمطار، إذ أن بركان تتخبط في هذا المشكل كلما حل فصل الشتاء، علما أنها مدينة فلاحية بامتياز. وأبدى المواطنون ببركان استياءهم من تكرار الوضع ذاته كل موسم، إذ لا يعقل أن يعيشوا المشاكل ذاتها، كلما سقطت الأمطار، ما يعرض الحركة بالمدينة للاختناق، سيما أنها تقع في منطقة منحدرة وتجرف الأمطار السيول من المياه والأوحال، دون أن تتوفر على مسالك لتحويل اتجاهها إلى وادي شراعة الموجود بمحاذاة المدينة. وما يثير الاستغراب، أن مشروع حماية المدينة من الفيضانات موجود منذ 20 سنة، غير أن السلطة المحلية والمجلس الجماعي لم يتحركا من أجل تنفيذه... كما أن البنيات التحتية وسط المدينة لم يتم تحديثها منذ سنوات كثيرة، ولا تخضع للصيانة أو التجديد، بحكم أن الأوحال تتراكم سنة بعد أخرى، إلى أن أصبحت المدينة وأحياؤها مرتعا للأوحال. ضعف خدمات النظافة يعتبر قطاع النظافة الوحيد الذي يستأثر بإجماع جميع المسؤولين عن الشأن المحلي ببركان، بأنه دون المستوى، وأن المدينة غارقة في الكثير من الأوساخ، بسبب عدم قدرة الشركة المتعاقد معها، على توفير أسطول قادر على جمع الأزبال وحملها إلى مطرح النفايات. ومنذ إسناد المهمة إلى الشركة المذكورة، لم يتطور شيء، رغم مساهمة مجلس الجماعة بحوالي ملياري سنتيم سنويا، إذ سجلت السلطات المحلية عدم احترام دفتر التحملات، علما أن الشركة المخول لها جمع النفايات لبنانية وليست مغربية، ما يساهم في إعطاء الأموال المذكورة إلى شركة أجنبية، دون أن تقوم بالدور المنوط بها. وتغرق المدينة في الكثير من الأزبال، إذ أنها لا تتوفر على حاويات بالإمكان أن يتم جمع النفايات بها، كما أنها تفتقر إلى العمال الكافيين، الذين يشتغلون في جمع النفايات، باستثناء بعض العمال المشتغلين في إطار الإنعاش الوطني، وحدهم من يتكفلون بجمعها في بعض المناطق المحددة فقط. أضف إلى ذلك، أن كلفة جمع النفايات مرتفعة، الشيء الذي يرهق كاهل المسؤولين، إذ أكد محمد بويعلاوي، رئيس القسم الثقافي والرياضي بالمجلس في تصريح لـ «الصباح»، أن قطاع النظافة يعاني مشكلا كبيرا، الشيء الذي دفع المسؤولين إلى إحداث شركة التنمية المحلية لمرافق بركان، وهي شركة عمومية، ستعنى بمشكل النظافة في المدينة، ويرأس مجلسها الإداري العامل، وأن الهدف من إحداثها ليس الربح، وإنما لإنجاز خدمة. وأضاف بويعلاوي أن الأسبوع الماضي فتح المجلس طلب عروض لاختيار متعهد، لتدبير مشكل النظافة، وشاركت فيه أربع مؤسسات، وهو ما سيساهم في تقليص النفقات إلى النصف، مشيرا إلى أنه سيتم إحداث أربعة أقطاب لجمع النفايات من المناطق والجماعات المجاورة. 50 مليارا للطرقات والإنارة حظيت بركان بميزانية تبلغ 50 مليارا لتزفيت وتبليط الطرقات وإعادة شبكة الإنارة المتهالكة، وتستفيد من العملية جميع أحياء المدينة. وأوضح بويعلاوي أن الميزانية المرصودة وضعت في إطار شراكة بين العديد من المؤسسات، إذ تساهم وزارة السكنى ب 12 مليار سنتيم ونصف مليار، ومثلها من المديرية العامة للجماعات المحلية، و25 مليارا من المجلس، غير أن الدفعة الأخيرة تبقى مجرد شكلية، وستتكفل بها مديرية الجماعات. أسطول نقل متهالك يعد مشكل النقل من أكبر المشاكل التي تعانيها المدينة منذ سنوات، بحكم أن الشركة المتعاقدة معها لم تجدد أسطولها منذ ما يربو عن 30 سنة، علما أن الحافلات تعد وسيلة أكثر استعمالا من قبل تلاميذ المدينة والقرى المجاورة. وما زاد في تعقيد الأمور أن العقد الذي يربط شركة النقل بمجلس الجماعة، يدخل في إطار عقد امتياز وليس في إطار التدبير المفوض، الذي يرهن الشركة بمدة زمنية محددة، وجدد مرتين. ولم يتغير شيء في قطاع النقل بالمدينة، رغم أنها عرفت تطورات مهمة في السنوات العشرين الماضية، إذ أن النقل في بدايته كان مرتبطا بالنقل المدرسي، بالنظر إلى غياب مدارس في القرى المجاورة، إضافة إلى فك العزلة عن الجماعات القروية. ولم يعمل مجلس الجماعة على فرض بعض الشروط على الشركة التي تنشط في هذا المجال، بحكم أنها ظلت دائما تستعمل الأسطول نفسه، الذي يعاني الكثير من الاختلالات، في غياب مراقبة صارمة من قبل المسؤولين. كما أن العاملين في هذا القطاع البالغ عددهم 200 شخص، يشتغلون في الظروف ذاتها منذ 20 سنة، ولم يفكر مجلس الجماعة يوما في تحسين ظروفهم الاجتماعية. كما تواجه حركة النقل العشوائية في انتشار محطات خاصة بسيارات الأجرة الكبيرة، وانتشار النقل المزدوج والسري، رغم وجود محطة طرقية بمدخل المدينة من جهة وجدة، والتي لا تعمل بالشكل المطلوب. ضعف الطرقات والإنارة تعاني بركان ضعف الشبكة الطرقية على مستوى المدينة، في الوقت الذي قطعت أشواطا كبيرة في إعادة تجديدها في جميع مداخل المدينة، بالنظر إلى الأشغال التي عرفتها على مستوى وزارة التجهيز. وتكاد كل أحياء المدينة تشكو من انتشار الحفر، ومن اختناقها لضيقها، فضلا عن عدم توفرها على بنية تحتية تمكنها من صرف الأمطار بسلاسة دون وقوع مشاكل، ناهيك عن عدم تناسبها مع حركة المواصلات الكثيفة، خاصة في فصل الصيف، الذي يعرف اكتظاظا، بسبب دخول الجالية المغربية من أوربا إلى المنطقة، وما تعرفه من رواج، بحكم قربها من منتجع السعيدية. وتكاد تكون الإنارة شبه منعدمة وغير واضحة في جل أحياء المدينة، باستثناء مدخل المدينة من جهة وجدة، الذي تبدو فيه الإنارة والطرقات جيدة نسبيا، بعد الإصلاحات التي عرفتها الطريق الرابطة بين المدينتين، علما أن جميع أعمدة الإنارة أصابها التلف وغير كافية، في الوقت الذي تعاني فيه الأحياء الجانبية غياب الإنارة. قلة الحدائق بالنسبة إلى المساحات الخضراء، واجه المجلس الجماعي مشاكل عديدة في إيجاد عقارات بإمكانها أن تحولها إلى مساحات خضراء، كما عانت مع الباعة المتجولين في احتلال بعض المناطق الخضراء، كما هو الشأن بالنسبة إلى ساحة محمد السادس، التي تعد رمزا للمدينة، ودخلت في صراعات معهم، إلى حين تخصيص سوق نموذجي ووضعهم فيه، ورغم ذلك، مازال مشكل الباعة المتجولين مستفحلا بالمدينة. وواجه المجلس مشكلا مع لوبي العقار، الذي كان يسعى إلى الترامي على العقارات الشاغرة لتحويلها إلى عمارات وبنايات معدة للسكن، علما أن بعض المساحات الخضراء تحولت إلى مرتع لقطاع الطرق والنشالين، إضافة إلى مروجي المخدرات وتعاطي الكحول. المثقفون يحتجون تفتقر بركان إلى دار الثقافة الشيء الذي دفع العديد من المثقفين بالمدينة إلى الاحتجاج على مجلس الجماعة، رغم أن الملك دشنها في 2009، ولم تر النور إلى اليوم.وأوضح بويعلاوي، رئيس لجنة الثقافة أن صاحب المشروع المجلس الإقليمي، وأن على المسؤولين عنه الإسراع بإحداث دار الثقافة، بعد الاحتجاجات والشكاية التي تقدم بها عدد من المثقفين في هذا الجانب. مشاريع رياضية تنتظر بركان مجموعة من المشاريع الرياضية، أبرزها إحداث 12 مركزا للقرب سوسيو رياضي، ومسبحان أحدهما نصف أولمبي، ويوجد الآن في مراحله النهائية.كما يعمل المجلس على إحداث قاعة مغطاة قرب إعدادية الحسن الثاني، وهي تدخل ضمن المشاريع المنجزة بشراكة مع المديرية الإقليمية لوزارة الشباب والرياضة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. أسواق عشوائية تنتشر الكثير من الأسواق العشوائية بسبب عجز مجلس الجماعة عن إيجاد عقارات بإمكانها احتضان أسواق نموذجية، والحد من انتشار الباعة المتجولين. ويشكل سوق «بايو» النموذجي إحدى أبرز النقط السوداء بالمدينة، خاصة أنه يتعرض في كل مرة إلى الحرائق، إضافة إلى وقوع أحداث مأساوية به، قبل أن يعمد المجلس أخيرا إلى ترحيل التجار الموجودين به، ونقلهم إلى سوق نموذجي بعد إحصائهم. كما يعاني سكان بعض الأحياء انتشار الأسواق العشوائية، كما هو الشأن بالنسبة إلى حي القدس قرب سوق الجملة، إذ سبق لهم أن اشتكوا من تأثيره على سلامتهم، سيما أن الباعة الموجودين فيه، لا يعملون على تنظيفه، في الوقت الذي تعاني فيه المدينة مشكل النظافة. وأحدث المجلس سوقا نموذجية بالحي المذكور، إلا أنه اصطدم بمعارضة الكثير من التجار، الرافضين إلى الانتقال إليه، وهو ما شكل عائقا أمام المسؤولين. بويعلاوي: سنعيد تجهيز المدينة الأمطار الأخيرة ساهمت في إحياء مشروع حماية بركان من الفيضانات كشف محمد بويعلاوي، رئيس لجنة الشؤون الثقافية والاجتماعية والرياضية بمجلس الجماعة، أن الأمطار الأخيرة ساهمت بشكل كبير في إعادة إحياء مشروع حماية المدينة من الفيضانات. وأوضح بويعلاوي في تصريح لـ «الصباح» أن المشروع نوقش على هامش الفيضانات الأخيرة التي عرفتها المدينة، إذ وقع المجلس اتفاقية شراكة مع وزارة التجهيز ومجلس جهة الشرق ووكالة تنمية الأقاليم الشرقية والمديرية العامة للجماعات المحلية لتفعيله. وأضاف بويعلاوي أنه تم الاتفاق على إتمام الجدار الواقي الذي بدأ العمل به منذ 20 سنة، ووضع المسالك المائية المقرر أن تنقل الماء إلى واد شراعة، عوض أن تصب الأوحال والمياه في وسط المدينة، مشيرا إلى أن المشروع حظي بالإجماع من قبل جميع الأعضاء. كما سيتم وضع مسالك مائية ضخمة، وحاويات لجمع المياه وتحويلها إلى وادي شراعة، باتفاق مع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، بجهة المسجد الكبير. وقال بويعلاوي إن العامل أصدر قرارا بإخلاء وسط المدينة من أسطول النقل، واستغلال المحطة الطرقية التي دشنت منذ ثلاث سنوات، وتمت العملية بالنسبة إلى العديد من وسائل النقل، إذ أن المجلس أصبح يتوفر على محطة في المستوى العالي، ويستغلها بشكل جيد، بحكم أنه يستفيد من مدخول قار يصل إلى 100 مليون سنتيم سنويا، وتم تجهيزها بوسائل استقبال المواطنين، ويجري حاليا التفكير في تعزيز خدماتها، لتشمل النقل الدولي. وصرح رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية أنه أعطيت انطلاقة الشطرالأول من تأهيل جل أحياء المدينة، على أن ينجز الشطر الثاني في 2020، بحكم أن الاعتمادات متوفرة بهذا الشأن، وفي 2021 ستكون بركان مدينة نموذجية من حيث الطرقات والإنارة وغير ذلك. وأكد المتحدث ذاته أن مجلس الجماعة تمكن من حل مشكل سوق الجملة، بعد أن قام بتفويته إلى الخواص، مقابل 650 مليونا سنويا، ومكنت العملية من الحصول على دخل قار، بعدما كان يدر 600 مليون سنتيم، ناهيك عن أن المجلس تحرر من أداء فاتورتي الماء والكهرباء وتأدية أجور 30 موظفا به، يعملون في استخلاص الجبايات والنظافة وتنظيم العمل.

بركان … البرتقالة المرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إعصار محاسباتي مرتقب بجامعة ابن زهر

الدولة ترفض تنفيذ الأحكام

مقالات ذات صلة