الحكومة غير قادرة على إنتاج أفعال

الباحث اسليمي قال إن مؤشرات التعديل الحكومي واردة على المدى القصير قال عبد الرحيم منار اسليمي، إن التحالف الحكومي القائم مُقبل على اهتزازات كبيرة نتيجة التحولات التنظيمية التي يعرفها حزب الاستقلال، وتزايد مطالب الحركة الشعبية، إلى جانب الصراعات الدورية وبطء العمل الحكومي والصراع حول منهجية العمل، وطريقة اختيار الموارد البشرية المفترض تعيينها من طرف رئيس الحكومة في تسيير الإدارات العمومية. وأضاف المحلل السياسي في حوار مع «الصباح»، أنه إما أن حزب العدالة والتنمية سيستجيب لشروط باقي مكونات التحالف، وإما أن التحالف الحكومي سينهار، إذ أن مؤشرات التعديل الحكومي واردة على المدى القصير أو المتوسط. من جهة أخرى، أكد المحلل السياسي أن المعارضة الحالية لا تزال تحت وقع صدمة نتائج انتخابات 25 نونبر، مشيرا إلى أن بعض مكوناتها ما تزال في طور تأمل الموارد البشرية المنتخبة الموجودة لديها داخل مجلس النواب، والتي لا يمكنها القيام بالمعارضة وتبحث لها عن حلول. في ما يلي نص الحوار: بعد مضي تسعة أشهر على تنصيب الحكومة الحالية، هناك من يتحدث عن فشل في أدائها، وهناك من ينتقد الحكومة بالتركيز على النوايا والشعارات عوض العمل والفعل، كيف تنظرون إلى هذه المسألة؟أعتقد أن المسافة الزمنية الممتدة على تسعة أشهر كافية لتقييم عمل الحكومة، انطلاقا من ثلاثة مداخل على الأقل:المدخل الأول، يرتبط بطريقة توظيف رئيس الحكومة للمساحات الدستورية الموجودة أمامه للاشتغال، مقارنة مع الوزير الأول في الدستور السابق، ويبدو هنا أن رئيس الحكومة أغلق خلال التسعة أشهر الماضية جميع النوافذ السياسية المفتوحة أمامه. «عبدالاله بنكيران» لا يزال يلبس جلباب الوزير الأول القديم، وليس الجلباب الدستوري الجديد لرئيس الحكومة، الشيء الذي يعني أنه بعد تسعة أشهر لا يزال هناك التباس دستوري كبير يُحيط بتنزيل مؤسسة رئيس الحكومة، وقد لوحظ أن بطء عمل الحكومة مرتبط بالمساحات الدستورية التي تخلى عنها رئيس الحكومة نفسه كحالة القانون التنظيمي للتعيين في الوظائف العليا الذي بدا فيه رئيس الحكومة في وضعية تراجع دستوري يسلم فيها كل السلطات إلى الملك. المدخل الثاني، وهو منهجية الاشتغال في عمل الحكومة، فحزب العدالة والتنمية الحاكم في المغرب بدءا بعد مرور تسعة أشهر يكتشف بالملموس أن هناك فرقا بين كلام الدعوة وإدارة الدولة، فالحزب يقود حكومة تكتشف الأخطاء بعد إطلاق التصريحات، ويكتشف أنه لا يمكن إدارة الدولة بدعوات احتجاجية لأغلبية برلمانية تعمل بأسلوب المعارضة في مجلس النواب، وأنه لا يمكن إدارة الدولة بغياب أجندة تشريعية والاستمرار في النقاش طيلة أربعة أشهر حول نص مرسوم تطبيقي للقانون التنظيمي للتعيين في المناصب العليا، الشيء الذي يجعلها حكومة تشتغل إلى حد اليوم بإدارة قديمة موروثة عن الحكومة السابقة. المدخل الثالث مرتبط بطريقة تفكير الحكومة في الملفات المعروضة أمامها، فالسيد «عبد الاله بنكيران» جاء إلى البرلمان والى التلفزيون ليطلب من المغاربة «الصبر» ومحاكمة حكومته بعد خمس سنوات. و»الصبر» خطاب دعوي وأخلاقي، وليس تدبيريا، فالشارع بعد تسعة أشهر يحتفظ في ذاكرته بقرار وحيد هو قرار الزيادة في أسعار المحروقات، ولا أحد يعرف اليوم سر وجود خطابات وغياب السياسات. الحكومة لا تدار بالدعاية وتهييج الجماهير، فسيكولوجية الجماهير قد تفهم الفرق بين الخطاب والفعل في الميدان، ولكنها تكون غير قادرة على استيعاب الوعود بدون فعل ، فالعديد من المغاربة الفقراء فتحوا حسابا وحازوا دفتر التوفير الوطني ومازالوا ينتظرون، فهم يسمعون عن العفاريت والشياطين التي تتحدث عنها الحكومة ولكنهم لا يربطون بين الشياطين والسياسة. فالحالة بعد تسعة أشهر، تُبين بوضوح أننا أمام حكومة غير قادرة لحد الآن على إنتاج أفعال في شكل سياسات عمومية في الميدان. اكتفت المعارضة، حسب بعض المحللين، منذ مباشرة الحكومة عملها، بأداء يمكن أن يقال عنه لم يرق إلى مستوى معارضة بناءة وهجومية، هل تعتقدون أن بإمكان هذه المعارضة أن تواجه فشلا محتملا للحكومة الحالية، خاصة من خلال ملتمس رقابة مفترض؟من الواضح أن المعارضة الحالية لا تزال تحت وقع صدمة نتائج انتخابات 25 نونبر، ومنها من لايزال يتأمل الموارد البشرية المنتخبة الموجودة لديه داخل مجلس النواب التي لا يمكنها القيام بالمعارضة ويبحث لها عن حلول. أكثر من ذلك، فهي معارضة لاتزال تبحث عن طريقة معارضة الحكومة، فالطريقة التي يشتغل بها فريق العدالة بمجلس النواب بالإشارة المستمرة إلى الماضي يبدو أنها «ترعب» بعض فرق المعارضة التي كانت موجودة في الحكومة السابقة، وقد كان من الممكن أن تواجه هذه المعارضة إشارات فريق العدالة والتنمية للماضي بتقديم سياسات عمومية تُغطي الفراغ الموجود اليوم، بدل أن تنجر إلى صراعات مع نواب العدالة والتنمية حول ملفات الماضي. العدالة والتنمية موجود اليوم في الحكومة، ولا يمكن أن يظل يواجه المعارضة بعد تسعة اشهر بملفات التدبير في الماضي، وإلا سنُصبح أمام حكومة وأغلبية تُثير الفضائح بدون تدبير، مقابل معارضة صامتة، فالحالة التي عرفها مجلس النواب في سنته التشريعية الأولى شبيهة بمسرحية عنوانها «صك اتهام للمعارضة»، رغم أن نسبة كبيرة من نواب ونائبات المعارضة نخب جديدة لاعلاقة لها بالماضي الحكومي، أضف إلى ذلك، أن المعارضة لا تعرف حقوقها، فالذين حضروا في صياغة النظام الداخلي لمجلس النواب اشتغلوا بعقلية دستور 1996، ولم ينتبهوا إلى أن الفصل العاشر يعطيهم إمكانية تحديد كيفية ممارسة حقوقهم (أي المعارضة) بموجب قانون تنظيمي ،وهو الشيء الذي لم تنتبه إليه المعارضة وكان من الممكن أن تتحول الى مؤسسة داخل مجلس النواب لها رئيسها. كثر الحديث منذ تنصيب الحكومة عن غياب التجانس بين مكوناتها، بل هناك من تحدث عن تناقضات، وعن تفرد وزراء العدالة والتنمية في الإدلاء بتصريحات لا تراعي وحدة وانسجام وتضامن الحكومة، مارأيكم؟ التحالفات الحزبية في تشكيل الحكومة ليست دائما مبنية على عنصر التقارب الإيديولوجي، فهي قد تبنى على برامج أو سياسات عمومية رغم التباعد الإيديولوجي، لكن المثير للانتباه في حكومة «عبد الاله بنكيران»، أنه بعد ابتعادها عن برنامجها ظل هذا التحالف مبنيا على ميثاق مُصاغ بمفردات عامة تسهل عملية فكه، وعلى مصطلحات فضفاضة تروج في خطاب الفاعلين الحكوميين مثل «المصلحة العامة الوطنية» و»حسن النية»، وهي مصطلحات غير قابلة للتنزيل، ولعل هذا ما يفسر عدد الحالات التي عرف فيها التحالف الحكومي مشاكل قادت «بنكيران» إلى التدخل، خاصة ظاهرة تصريحات وزراء العدالة والتنمية أو برلمانييه ضد باقي مكونات التحالف. يبدو أن التحالف الحكومي مُقبل على اهتزازات كبيرة نتيجة التحولات التنظيمية التي يعرفها حزب الاستقلال وتزايد مطالب الحركة الشعبية، وأمام حالات الصراعات الدورية وبطء العمل الحكومي والصراع حول منهجية العمل، وطريقة اختيار الموارد البشرية المفترض تعيينها من طرف رئيس الحكومة في تسيير الإدارات العمومية، فإما أن حزب العدالة والتنمية سيستجيب لشروط باقي مكونات التحالف وإما أن التحالف الحكومي سينهار، فمؤشرات التعديل الحكومي واردة على المدى القصير أو المتوسط. أجرى الحوار: ج . ب

الحكومة غير قادرة على إنتاج أفعال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التحالف الحكومي... هل حان وقت الطلاق؟

شباط يتطلع إلى تعيين وزراء استقلاليين جدد في الحكومة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات