هاربون من منفى المعارضة

اضطر المكتب السياسي للاتحاد الدستوري إلى الخروج عن صمته، من أجل نفي الأخبار التي روجتها العديد من وسائل الإعلام حول إبعاد الحزب من الأغلبية الحكومية الحالية. وكذبت الأمانة العامة للحزب في بلاغ لها ما تناقلته بعض المواقع الالكترونية، من أن الحزب يستعد لمغادرة حكومة سعد الدين العثماني، معتبرة أن كل تلك الأخبار لا أساس لها من الصحة. وفتح التعديل الحكومي المرتقب وتقليص عدد الوزراء، الباب أمام التكهنات والسيناريوهات المختلفة وطبيعة حكومة الأقطاب المروج لها، وما تفرضه من حذف كتابات الدولة التي فرضتها الهندسة الحكومية، بسبب تشكيل الأغلبية من ستة أحزاب. وأعاد الجدل حول التعديل تفجير الخلافات داخل الاتحاد الدستوري، بين دعاة الاستمرار في الحكومة، والتشبث بالتحالف، والذي يقودهم محمد ساجد، الأمين العام، والوزير في حكومة العثماني، ومعه عدد من أعضاء المكتب السياسي، وأعضاء آخرون تبخر حلمهم في الاستوزار في الحكومة سابقا، ليتبخر من جديد مع التعديل المرتقب، والذي يبدو أن حصة الحزب فيه لن تتعدى حقيبة واحدة، كما أشارت إلى ذلك التسريبات الأولية. وما أثار هذه الفتنة داخل حزب "الحصان"، هو دعوة البعض إلى تقليص عدد الأحزاب المكونة للأغلبية، من ستة إلى أربعة أحزاب فقط، بحثا عن الفعالية والانسجام، في إشارة إلى التخلي عن التقدم والاشتراكية والاتحاد الدستوري، خاصة مع الخلافات القائمة داخل الفريق البرلماني المشترك بين التجمع والاتحاد الدستوري، والتي لم تنفع تدخلات زعيمي الحزبين في تجاوزها. ولم تمنع مشاركة الحزب في الحكومة قياديين من التعبير عن مواقف تنتقد أداء الحكومة، في علاقة بالنظام الانتخابي الذي ظهرت عيوبه السياسية وأعطابه التقنية، من خلال الفشل في إفراز تشكيلة أغلبية حكومية متماسكة وتحالفات منسجمة، قادرة على الوفاء بالتزاماتها الإصلاحية. ووجه عبدالله الفردوس، القيادي في الاتحاد الدستوري، في مقال سابق نشره موقع الحزب، انتقادات إلى حكومة العثماني، انطلق من طرح سؤال الحاجة إلى تعديل المنظومة الانتخابية، مؤكدا أن التشكيلة الحكومية الحالية تفتقد إلى ملامح سياسية مشتركة بين أطيافها الحزبية، أبرزها غياب رؤية ناظمة ومنسجمة لعملها، لاختلاف مرجعياتها، وهو الشيء الذي تسبب في إهدار الزمن السياسي في خلافات حول مشاريع قوانين حيوية ظلت حبيسة الأخذ والرد إلى غاية اليوم. واتهم القيادي في الحزب الدستوري، الحكومة بالتنصل من التزاماتها، وتعطيل عدد من القوانين، كما اتهمها بالفشل الذريع في تدبير وتنزيل عدد من المشاريع، بسبب انقسام الفاعلين الحكوميين أنفسهم حولها، والتخبط في الحسم الإيجابي فيها، وهو ما أثار أسئلة حارقة حول أسباب ارتباك عمل الأغلبية في تدبير السياسات العمومية ذات الطابع الإستراتيجي الوطني. وذكر الفردوس بما أسماه العسر في الحياة السياسية، وتعذر تشكيل الحكومة الثانية، بسبب ما سمي "البلوكاج"، أو التعثر الحكومي، الذي وصلت فيه مشاورات تشكيل الحكومة إلى باب مسدود كادت تدخل آنذاك شهرها السادس دون نتيجة وبفراغ حكومي مهول، لولا التدخل الملكي الذي تم بموجبه إعفاء رئيس الحكومة المكلف عبد الإله بنكيران، وتعيين رئيس حكومة جديد من الحزب نفسه، الذي تصدر نتائج الانتخابات. ويرى الفردوس أن ترنح الأغلبيات الحكومية المشكلة منذ إقرار الإصلاحات الدستورية في2011، سببه أن المنظومة الانتخابية التي أفرزت الخريطة الانتخابية الهجينة، هي التي يتعذر معها تسريع وتيرة أي عمل حكومي مستقبلي. وخلص الفردوس إلى أن التفكير في تعديل الفصل 47 من الدستور ليس أمرا مشبوها حتى ينعت من يفكر فيه بالخلفيات المشكوك في أمرها، أو بانعدام المصداقية، أو باستهداف تجربة ديمقراطية، مؤكدا أن التفكير في تعديلات الدساتير والقوانين وتجويدها لم يكن عند المشككين في يوم من الأيام عملا مشبوها، إذ طالما دعوا إلى ضرورة إفراز النظم الانتخابية أغلبية منسجمة وخريطة سياسية غير مبلقنة، ومعارضة واضحة قادرة على المدافعة والتميز بمرجعياتها وخطابها وبرامجها. برحو بوزياني

هاربون من منفى المعارضة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لائحة التعديل الوزاري جاهزة

التعديل الوزاري ... الشروط المسبقة لـ"بيجيدي"

مقالات ذات صلة