إحصائيات التطليق تكشف السر

زيجات لم تتجاوز ستة أشهر ونساء دخلن القفص من أجل الأمومة فقط الإحصائيات التي تسجلها محاكم الأسرة في الحواضر الكبرى، تحمل أسرارا كثيرة، عجز المتخصصون في علم الاجتماع وعلم النفس عن حل ألغازها، فمحكمة الأسرة بالبيضاء، سجلت لسنتين متواليتين، نسبة تطليق بلغت أزيد من 1000 حالة تطليق، نسب طلبات النساء فيها بالتطليق للشقاق، تتزايد سنة بعد أخرى. ولا تعزى أسباب الطلاق المسجلة إلى القدرة المالية أو الكفاءة، بالقدر الذي تترجمها تحولات جديدة للمجتمع، يصطدم فيها طموح المرأة مع عوائق البيت الأسري والتزامات الزوجية، وتتوقف فيها مشاريع ما قبل الزواج بمجرد اختلاء الزوجين ببعضهما وتحملهما أعباء ومسؤوليات العيش بمفردهما، لتتغير الأوضاع وتكسر صخرة الواقع الأحلام الوردية لما قبل الاقتران رسميا. وما يفسر التوجه الجديد، هو لجوء المرأة أكثر إلى مسطرة التطليق للشقاق، من دون أنواع الطلاق الأخرى المعروفة كالضرر والخلع وغيرهما، إذ في التطليق للشقاق لا يشترط إثبات أو دليل، والنتيجة الحتمية تكون هي التطليق ولو تمسك الزوج برفض الطلاق. وأثبت التوجه الجديد للمجتمع، أن رابطة الزواج لم تعد بذلك التماسك الشرعي، الذي قاعدته العامة هي البقاء واستثناؤه هو الطلاق، سيما مع المد المتنامي للتطليق بعد فترة قصيرة من الزواج، أو التطليق مباشرة بعد الإنجاب، إذ أن نساء فضلن العودة إلى العزوبية، بعد تحقيق أمنية الأمومة، وفوجأ أزواجهم باستدعاءات محكمة الأسرة لحضور جلسات التطليق للشقاق، بعد رفضهم الطلاق الاتفاقي. ويرى البعض أن ما يحدث للأسرة والتحولات الجديدة، اقتباس غربي، مرتبط أيضا بالنمط الاقتصادي، فالمرأة اليوم لم تعد "مولات الدار"، بل أصبح مفروضا عليها الخروج للعمل، وأصبحت تتمتع باستقلالية مادية وحقوق يضمنها القانون، تشفع لها بألا تبقى تحت سقف لا تطيقه أو أن تتحمل أكثر مما تحلم به. وإن كانت هذه الحالات في عموميتها لا تشكل التوجه الغالب، فإنها أصبحت تعاش وتلمس، بل حتى الأسر لم تعد تحمل الأفكار المسبقة المذلة للمطلقة، وأصبحت تتمتع باحترام وقبول، أكثر من ذلك أن الأسر سيما الوالدين، لم يعودا ذلك الكابح المانع للمرأة من تحقيق اختيارها، إذ أنهما يشجعانها على اختيارها، بل ويقدمان لها الدعم النفسي والمادي. وما يؤكد أكثر ذلك أن أحكام التطليق للشقاق لا تتم إلا بعد استدعاء الطرفين لغرفة المشورة، وبحضورهما تحاول المحكمة البحث عن سبب الشقاق. وسمح المشرع للمحكمة أن تقوم بكافة الإجراءات التي تراها كفيلة بحل النزاع بين الطرفين كانتداب حكمين أو عن طريق مجلس العائلة، إلا أن النتائج تكون سلبية ولا ينتج أي صلح، لأن تلك الإجراءات تظل أمورا شكلية يتطلبها القانون، ولا يكون لها أي تأثير في قرار التطليق. من جهة أخرى، تختلف بطبيعة الحال الأسباب والدوافع من فئة اجتماعية إلى أخرى، إذ أن نساء أخريات دخلن الزواج، ليس لتكوين أسرة ولكن للحصول على صفة مطلقة، وهي الصفة التي تجعلهن متحررات أكثر من قيود العائلة المحافظة. المصطفى صفر

إحصائيات التطليق تكشف السر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الزواج ... رباط فقد قدسيته

ذكور مرابطون في قلعة العزوبية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات