لزرق: صرامة في تنزيل الأوراش الكبرى

رشيد لزرق قال إن الديمقراطية المغربية تكرست في العقدين الأخيرين رغم التحديات الاجتماعية سجل رشيد لزرق، الخبير الدستوري المتخصص في الشؤون البرلمانية والحزبية، على أن الملك نجح خلال عقدين في وضع البلاد على سكة الاختيار الديمقراطي، رغم التحديات الاجتماعية، بالتزام صريح بمواصلة التجربة من خلال دعم قدرات المؤسسات والمنظومة الحزبية، واعتماد نهج الصرامة في تنزيل المشاريع الكبرى ومواصلة فتح الأوراش التنموية. كيف يمكن تقييم المسار السياسي للمغرب في عهد محمد السادس؟ وضع الملك البلاد على مسار الاختيار الديمقراطي، ووجهه نحو تكريس مؤسسات تمثل الإدارة الشعبية، بالتدرج عبر استثمار تراكمات وتثبيت ثقافة ديمقراطية، إلى حد أن المغرب أصبح نموذجا خرق القاعدة، على الصعيد الإقليمي، على اعتبار أن الخيار الديمقراطي لا رجعة فيه، أسس له عن طريق التفاهم والاتفاق بين الملكية والمعارضة السياسية، التي نجحت في إثبات وجودها خلال الفترة الماضية، وكان الدافع الرئيسي، لبناء تجربة إيجابية في الحياة السياسية وتجنب الانحدار نحو مواجهة حتمية مليئة بالمخاطر، تهدد حلم تحقيق التداول السلمي للحكم والذهاب في اتجاه الملكية البرلمانية. هل يعني ذلك صمود مقولة الاستثناء المغربي؟ على خلاف باقي الدول العربية، فإن الملكية نجحت بتعدد شرعياتها، التاريخية والدينية والديمقراطية وتعدد وظائف الملك رئيسا للدولة وممثلها الأسمى ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة. ألم يكن هناك اختلال في التوازن بين السياسي والاقتصادي؟ اختار المغرب ترسيخ الديمقراطية رغم التحديات الاقتصادية والتنموية التي تعرفها البلاد ورغم التعقيدات التي يعرفها الوضع الإقليمي والدولي، بهدف إقامة دولة ديمقراطية ترتكز على مؤسسات ديمقراطية وتحترم الحقوق وتضمن الحريات والمساواة لجميع المواطنين، بشكل يساير الجهود المبذولة للنهوض بالاقتصاد وتحقيق التنمية الشاملة والاستقرار الاجتماعي. هناك من يقول إن هناك تأخرا في الانتقال المغربي نحو الديمقراطية، هل تتفقون مع هذا الطرح؟ لقد قطع المغرب أشواطا كبرى خلال العشرين سنة الأخيرة، التي تمكن خلالها من تخطّي صعوبات داخلية وخارجية، لكن استمراره على سكة التحول الديمقراطي عزز أمن واستقرار المنطقة ما يفسر الاهتمام الكبير الذي وصل إليه بين الديمقراطيات الناشئة بالنظر لتجربته المتميّزة في المنطقة، بالتزام صريح بمواصلة التجربة من خلال دعم قدرات المؤسسات والمنظومة الحزبية والممارسة الديمقراطية، خاصة مرحلة الانتخابات التشريعية والجماعية. هل يعني ذلك أن الأحزاب لم تكن في مستوى المرحلة؟ بالنظر إلى الديمقراطية مسارا طويلا وشاقا، فقد حقق المغرب الأهم بالتنصيص على تعاقد دستوري، أطره خطاب 9 مارس، الذي وضع دستور 2011 وفق سبعة مرتكزات عبر تعيين رئيس الحكومة على أساس نتائج انتخابات مجلس النواب. ضمن هذا السياق كان مأمولا، أن تواكب العقليات الحزبية تطور النصوص الدستورية من خلال تكريس صراع سياسي بواسطة البرامج الحزبية و مشاريع تكرس لبدائل تقوية المنافسة الحزبية، وتعمل على تطوير أساليبها التأطيرية َبغية تجسيد الاختيار الديمقراطي بضمانة من المؤسسة الملكية باعتبارها حكما أسمى بين المؤسسات وضامنا للتأويل الديمقراطي لأحكام الدستور. لكن الواقع الحالي يشير إلى أن الممارسة الحزبية، مازالت تعاني بأعطابها في مجاراة هذا المكسب الدستوري واستيعاب دلالاته، من خلال ترجمة الإرادة الشعبية بشكل عقلاني، ما أظهر أن قوة التجربة المغربية تتمثل في محورية مكانة الملكية وقوة مشروعيتها الدينية والتاريخية والشعبية كذلك. كيف تردون على سؤال فشل النموذج التنموي؟ لقد كان الهدف من الإعلان عن مراجعة النموذج التنموي، الرفع من دائرة تقاسم الثروة بتعزيز العدالة الاجتماعية، وإدخال كافة الشرائح الاجتماعية في دائرة المستفيدين، والقطع مع زمن ريع الفئات المحظوظة، برفع معدلات النمو الاقتصادي وتحسين آليات توزيع الدخل، والارتقاء بالتالي بالمستوى المعيشي للمواطنين. لكن الديمقراطية العميقة تستوجب تضافر عوامل اقتصادية واجتماعية لضمان التطور الديمقراطي، بالنظر إلى أن الهدف بعيد المدى، ويتطلب توفير شرط الاستقرار السياسي ودوران عجلة التنمية الاقتصادية، والتصدي للأسباب الجذرية للإقصاء الاجتماعي والكراهية اللذين تثيرهما الإيديولوجيات العدمية. كيف السبيل إلى تجاوز معضلة عجز القطاعات الاجتماعية؟ ركزت الخطب الملكية، الأخيرة، خاصة في خطاب العرش على جانبين أساسيين، وهما الشأن الاجتماعي والاقتصاد، بتبني الصرامة في تنزيل المشاريع الكبرى ومواصلة المشاريع التنموية من أجل تقدم المغرب، وبلوغ مصاف الشعوب المتقدمة، إذ طالب الملك الحكومة والأحزاب السياسية، بالالتفاتة لهذين القطاعين، باعتبارهما يصبان في مصلحة المواطن، وعاملين أساسيين للنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. بلوغ مصاف الدول الصاعدة اتسم العقدان الماضيان بحرص ملكي على المبادرة وتوضيح الرؤى بتطلعات ثاقبة تدعمها إرادة سياسية جادة وقوية، لبلوغ مصاف الدول الصاعدة عبر تعزيز وتعميق الخيار الديمقراطي ودعم مسارات الإصلاح، على أساس مفهوم المواطنة، وفي طرق التعاطي مع الأحداث والمجريات والتغييرات المتسارعة على الساحتين الإقليمية والدولية، بشكل يقدم المغرب دولة مؤسسات ترتكز على السلام والتسامح والعيش المشترك واحترام وضمان التعددية وحماية الحقوق والحريات. فقد تحركت في عهد محمد السادس أكبر الأوراش الاجتماعية، خاصة التعليم الذي يواجه تحديات حتمية فرضت الرفع من قيمة الإبداع لدى المتعلمين وطرح ماهية المناهج المطلوبة التي تحفز التفكير العلمي والمنطقي للمتعلمين وأهم الوسائل العلمية، التي يمكن تطبيقها في العملية التدريسية، بغية تأسيس مغرب الطاقات والكفاءات وإخراج جيل واع يتميز بارتفاع منسوب الفهم والتفكير والنقد والابتكار والابتعاد عن التلقين والقدرة على المشاركة في الانتاج والعمل والمساهمة في إحداث التغيير والتقدم ومواكبة العلم والتكنولوجيا، ورش يجب أن يشمل المدرسة والجامعة مع التركيز على العمل الايجابي وعلى جعل التميز يكون في الاختراع والعلوم والرياضة والفنون بأنواعها وتشجيع لغات الحوار وتقبل الرأي الآخر . أجرى الحوار : ياسين قُطيب

لزرق: صرامة في تنزيل الأوراش الكبرى

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مؤسسات حكامة لمحاربة الفساد

اعتقال مروجي "هيروين" بالحسيمة

مقالات ذات صلة