عـودة الخلافـة … أحـلام يقظـة

حنين الإسلاميين إلى أيام السلف الصالح يكبح التطور والمصالحة مع الحاضر يحلم ملايين المسلمين عبر العالم بعودة أمجاد الخلافة الإسلامية، وسيطرة الحكام المسلمين على أجزاء كبيرة من الأرض بفضل الإسلام، وازدهار الثقافة والحضارة العربية، واستفادة المسلمين من المغانم المختلفة، وشعورهم بالعزة والأنفة، إذ بمجرد سقوط قلاع الإسلام في مناطق متعددة، وانتهاء حكم الخلفاء، وصعود قوى وحضارات جديدة، أصبح المسلمون يعيشون على حلم عودة أمجاد الخلافة، والإيمان بأن توحيد المسلمين تحت راية واحدة، هو السبيل لاستعادة القوامة، وقيام الحضارة الإسلامية، والعربية خاصة، على نقيض الدول "الكافرة"، التي تعادي الإسلام و"تشن" عليه الحملات، و"تحاول" سرقة الإيمان من الناس، كما يعتقد جزء كبير من المسلمين. وبالإضافة إلى أن حلم الدولة الواحدة الموحدة المسلمة يعيش داخل أذهان أغلب المسلمين، من خلال تلقي تربية إسلامية، أو التأثر بالإسلام، واعتماده أسلوبا للعيش، فإن العالم الإسلامي والغربي -بدرجة أقل-، عرف نمو وظهور جماعات إسلامية، تحلم بعودة أمجاد الماضي، وتنادي بتطبيق التعاليم الإسلامية في المجتمعات المعاصرة، ضاربة بعرض الحائط التطور الهائل الحاصل في العالم منذ 14 قرنا، سواء تعلق الأمر بالقوانين أو الوسائل التكنولوجية أو العلوم، وتوهم المسلمين أنه ما زال هناك أمل العودة إلى الأيام التي كان فيها عمر بن الخطاب يطوف على الأسواق، وهو خليفة المسلمين وأميرهم، لمراقبة جودة السلع والأغذية، ومعاقبة الغشاشين، الذين يضيفون الماء للبن، كما كتب المحدثون. وفي وقت أجمع فيه العارفون أن الأديان شأن شخصي، تقتصر على مجال محدد، يتجلى في علاقة الشخص بمعتقده ودينه وربه، ما يزال الإسلام والمسلمون يخوضون معركة إثبات الذات، ومحاولة الانتقام من التطور الذي بلغه العالم وتسفيهه، وتكفير من يقدم العلم على الدين، والحياة على الآخرة، ولعل أبرز مثال على ذلك، ما تقوم به الفيالق الإرهابية التابعة للجماعات الإسلامية المتطرفة على الأرض، عبر الاستهداف المباشر للبنيات التحتية "للعدو" والمختلف في الاعتقاد، بل يدفع بها حقدها على المجتمعات المعاصرة، إلى الانتقام من وطنها وتخريبه، على اعتبار أنه لم يبن على الأسس الصحيحة، المتمثلة في الاحتكام إلى قوانين الدولة الإسلامية، التي يسود فيها الإسلام ومظاهره بين رعايها. ويشتغل الفقهاء في المساجد، والشيوخ في القنوات الفضائية، على إيهام المسلمين بحلم عودة الخلافة، وسجنهم في أحلام يقظة ممتدة في الزمان، وهو ما يغذي حماس الشباب، للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية، خاصة المنبوذين في محيطهم، والذين يعانون قلة الاهتمام وصعوبة الاندماج في المجتمع المعاصر، والذي يتحول إلى حقد ورغبة في الانتقام من مظاهر التحديث في الدولة. ويتساءل متتبعون متى يقتنع المسلمون بأن عودة الخلافة ضرب من ضروب الوهم والأحلام, وتتوقف الجماعات الإسلامية المتطرفة على إيذاء الأبرياء، وتصنيف المواطنين على أساس مؤمنين أو كفار، والكف عن تدمير البنيات الاقتصادية والحضارية للمجتمعات، واغتيال الأصوات الحرة التي تنتقد سلوكات وتصرفات المسلمين، خاصة أن جميع الأديان اقتصرت على المجال الفردي، وابتعدت عن السياسة والشأن العام للمواطنين؟ . عصام الناصيري

عـودة الخلافـة … أحـلام يقظـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رئيس جماعة يتحدى القضاء انتصارا لزوجته

آراء الآخريـن ... تأثـر ولامبـالاة

مقالات ذات صلة