قضايا الارتشاء … تخليق أم انتقام؟

كمائن تتأرجح بين الجد والكيد ووقائع أثارت استفهامات حول مشتكين مشبوهين أظهرت قضايا تتعلق بالرشوة، لجوء البعض إلى ركوب التبليغ لتصفية الحسابات أو لتعطيل تنفيذ القانون في حقه. فمع اتساع انفتاح النيابة العامة وعملها على تلقي التبليغات لدرجة فتحها رقما مباشرا لأجل ذلك ومساعدة المبلغين، في إطار سياسة التخليق وتطهير الإدارة من الفساد، إلا أن قضايا كثيرة، تطرح علامات استفهام من مغزى لجوء المبلغ وهدفه الحقيقي من الخصم. فهناك قضايا رام فيها أصحابها محاربة الفساد الإداري عندما طالبوا بالحصول على حق قانوني، وووجهوا بامتناع موظف ومطالبته برشوة، ما دفعهم إلى التبليغ، كقضية موظفة جماعية ضبطت بحوزتها 20 درهما، أو قضايا المرور التي لا تتجاوز رشاويها 200 درهم، فأغلب القضايا التي تسجلها المصالح المختصة وتعلق بالملايين، تطرح علامات استفهام، سيما أن المشتكي يكون في وضعية غير قانونية ولا يمكنه الحصول على ما يريده من الإدارة، بل إن الكمائن نصبت من قبل أشخاص على علاقة صداقة ومعرفة بالمشتكى بهم، ما يعطي الانطباع أن الأمر لا يتعلق أساسا بالرشوة، وإنما استعملت طعما للانتقام، إذ أن المشتكي نفسه دأب على قضاء مآربه بتلك الطريقة. المساطر التي تباشرها النيابة العامة، تظل قانونية، وإجراءاتها سليمة، بدءا بالكمين وانتهاء بحالة التلبس، لكن بين الكمين والتلبس، كمين آخر ينسجه المشتكي نفسه لا يعلمه إلا الله والمتهم، ولا يجدي حين الإيقاف، البحث عن تبريرات، وذكر العلاقة القوية بالطرف الثاني، فهو في نظر القانون مبلغ وجب حمايته. قضايا أخرى أظهرت سوء نية المشتكي، الذي يكون في وضعية "الغريق" ولا يجد من وسيلة سوى اتهام الموظفين بالارتشاء، وتكون الشكاية وسيلة للانتقام لنفسه، من قبيل واقعة كانت المحكمة المدنية مسرحا لها، حين اتهم متقاض مأمور تنفيذ بمطالبته برشوة، وبعد نصب الكمين لم يتحقق مراده، لصده من قبل الموظف الذي لا علم له بما نسج من حوله.... وقائع كثيرة تتأرجح بين نوايا حقيقية لمحاربة الفساد وإبعاد الظلم، وأخرى عبارة عن شكايات كيدية للانتقام وتصفية الحسابات.... تلفـيـق التـهـم وقائع كشفت زيف ادعاءات والتعامل السلبي يشجع على التبليغ الكاذب كشفت وقائع تبليغ قبلي عن مرشين افتراضيين، محاولات لتضليل العدالة والتهرب من تطبيق القانون، وشجع أكثر على التعاطي لهذا النموذج من الجرائم المتعلقة بالتبليغ عن جرائم وهمية، عدم متابعة المشتكي سئ النية، الذي نسج سيناريو وضلل النيابة العامة وجند رجال الضابطة القضائية، قبل أن يفتضح أمره، بعدم تحقق النتيجة، التي كان ينتظرها والتي كانت ستمكنه لا محالة من الزج ببريء في السجن والتهرب من تطبيق القانون. وضمن القضايا التي لن ينساها موظفو المحكمة المدنية بالبيضاء، تلك التي استهدفت مأمور تنفيذ بهدف عرقلة مسطرة تنفيذ حكم، والتي للأسف لم يتم فيها القصاص من المبلغ عن جريمة خيالية، وتسببه في تجنيد رجال الشرطة وتضييع وقتهم، تلك التي شهدتها المحكمة المدنية قبل سنتين، واستهدفت مأمور تنفيذ مشهودا له بالاستقامة. وكان مأمور التنفيذ أمام مقلب ماكر للزج به ظلما في السجن، تنفيذا لرغبات متقاض، اختار صنع جريمة خيالية لتضليل العدالة وتحوير القضية. انطلقت القضية بشكاية مرفوعة إلى ممثل النيابة العامة، يشير فيها محررها إلى أنه تعرض للابتزاز في ملف مدني بلغ مرحلة التنفيذ، وهي الشكاية التي استجابت لها النيابة العامة وجندت لها فريقا من رجال الشرطة لتتبع مراحلها وإيقاف الموظف المشكوك في أمره في حالة تلبس. وفي ساعة الصفر، تقدم المشتكي نحو مأمور التنفيذ، وشرع يطلب منه مرافقته إلى المقهى، الشيء الذي رفضه في البداية وعندما ألح عليه بمرافقته للاختلاء به، واجهه الموظف بصرامة، مخبرا إياه أنه لن يتحرك من مكانه إلى أن يظهر الطرف الآخر، وهو طالب التنفيذ الثاني، وباءت كل المحاولات التي نهجها المشتكي لاستمالة الموظف ودفعه لابتلاع الطعم بالفشل، إلى حد أن الموظف دفع المشتكي حين حاول الهمس في أذنه، ليتبين لعناصر الشرطة الذين كانوا بعيدين عن الموقع، أن الواقعة تجري عكس التصريحات التي تلقوها من المشتكي قبل حضورهم مسرح الجريمة المفترضة، فالموظف لم يستسغ تلقائيا طريقة تعامل المشتكي وظل يبتعد عنه كلما حاول الاقتراب منه، بخلاف ما صرح به المشتكي من أنه على اتفاق معه لتسليمه مبلغا من المال. وتدخلت بعد ذلك عناصر الشرطة لتحرر محضرا بما عاينته وتحيل المعلومات على النيابة العامة، التي اكتفت بالنتيجة السلبية للتدخل، دون أن تأمر بإجراء بحث مدقق مع المشتكي لمعرفة مسوغات نسجه القصة الخيالية، ووضعه على الأقل رهن الحراسة النظرية. مقابل ذلك انتابت الموظف حالة هستيرية عندما أدرك خطورة ما كان يحاك ضده للنيل منه والزج به في السجن، مستعيدا شريط الأحداث والوقائع، التي كادت تعصف بسنوات من الجد والإخلاص في أداء مهامه، وتلطخ سمعته أمام معارفه وتحول حياة أبنائه إلى جحيم. حالات أخرى نفى فيها موظفون طلبهم رشوة، وعمد المشتكون إلى نسج الكمين بشكاية كيدية حركت النيابة العامة والشرطة، لكن الأبحاث انتهت إلى أنها شكايات كيدية، كما أن قاضيا سبق أن انتحر، إثر اتهامه بتلقي رشوة قيمتها 5000 درهم تسلمها من صديق له، إذ رغم أنه أنكر قبوله الرشوة وأن المبلغ هو مستحقات زوجته المحامية، وأن المشتكي اتصل به ليخبره أنه يريد تسليم المستحقات للزوجة، فنزل عنده، لكن ما أن التقاه وتسلم المبلغ حتى حاصرته عناصر الشرطة وممثل النيابة العامة، وهي المكيدة التي أدخلته في حالة نفسية انتحر إثرها. المصطفى صفر

قضايا الارتشاء … تخليق أم انتقام؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

1.5 مليار لتأهيل المنازل القديمة بالحاجب

أفارقة ولاد زيان ... "للصبر حدود"

مقالات ذات صلة