متحف الدمى…العالم في رمشة عين

قصة مغربي وفرنسية جمعا 2500 دمية من القارات الخمس قبل أسابيع كانت زنقة "نخلة"، الواقعة بين دروب المدينة العتيقة بالرباط، على موعد مع استقبال ضيوف جدد ومن نوع خاص، "كوبل" مغربي- فرنسي، يحمل معه تراثا عالميا منقطع النظير، يعبق بنسمات التاريخ والثقافة. إنه متحف يضم أزيد من ألفين و خمس مائة دمية، تتحدر من 90 دولة عبر العالم، ومن مختلف القارات، إذ امتدت عملية التجميع لأزيد من 50 سنة، وشارك فيها الزوجان في بداية المشوار، واستأنفه أبناؤهم الذين عشقوا بدورهما هذا الفن، بالإضافة إلى بعض الأصدقاء الذين زودوا الأسرة بمجموعة من الدمى، قبل أن تفكر في مشاركة هذا التراث الزاخر بالثقافة والأزياء وعادات وتقاليد شعوب العالم مع باقي عشاق هذا الفن، من خلال تنظيم بعض المعارض، وختم هذا المسار الطويل بمتحف دائم، يفتح أبوابه وذاكرته لعشاق التاريخ وثقافة شعوب العالم. إنجاز: عصام الناصيري - تصوير: (عبد المجيد بزيوات) افتتح متحف دمى العالم أبوابه بزنقة نخلة شارع بوقرون بالمدينة العتيقة للرباط، مطلع يونيو الماضي، وشرع في استقبال الزوار من مختلف الأعمار، لاكتشاف نوع جديد من المعارض والمتاحف الجديدة على الثقافة المغربية، فرغم أن الدمى أو ما يسمى "العريسات" محفورة في ذاكرة المغاربة، إلا أن الاهتمام بهذا الفن في مستواه الاحترافي، يبقى ضعيفا، لكن ليس قبل افتتاح معرض دمى العالم، الذي يضم حوالي 40 دمية مغربية، بأزياء تقليدية مختلفة، بعضها تدخل ضمن القطع النادرة، إذ منها من صنعت أيام الحماية الفرنسية على المغرب، كما أن المتحف يضم دمى تعبر عن الثقافة والعادات المغاربية، بالنظر إلى توفره على أنواع من الجزائر وتونس وموريتانيا وغيرها. دمى العالم لعل أول ما يتبادر إلى ذهن الشخص، حينما يسمع بمتحف للدمى، هو زمن الطفولة واللعب مع الأقران بدمى مصممة للترفيه، غير أن عبد الجليل حفار، مالك المتحف، يوضح أن دماه غير مصممة للعب كما أنها ليست حكرا على الأطفال، بل يؤكد أنها دمى صنعت بطريقة احترافية وكبيرة الحجم، وترتدي أزياء تقليدية لمختلف شعوب العالم، وهو ما يجعل زائر المتحف يتوه وسط كم هائل من عادات اللباس والإكسسوارات والأنشطة، بالإضافة إلى الدمى الفردية، هناك مجموعات تعبر عن فكرة معينة أو نشاط معين، من قبيل الفلاحين والصناع والحرفيين. ويقول حفار، إن المتحف عرف إقبالا عقب الافتتاح، بفضل التغطية الصحفية للتلفزيون، إلا أن الزوار الذين حلوا بالمعرض، كان جزء منهم يعتقد أنه مجاني أو تابع لإحدى المؤسسات العمومية، بينما هذا المشروع هو استثمار خاص، ورغم ذلك فإن الرسوم المفروضة توجه إلى التسيير فقط، لأنه ليس بمشروع ربحي، مبرزا أن تعريفة الأجانب لا تتجاوز 30 درهما، فيما المغاربة أو الأجانب المقيمون بالمغرب يلجون المتحف مقابل 20 درهما، و10 دراهم بالنسبة إلى الأطفال الذين لم يتجاوزوا 12 عاما، وأما بالنسبة إلى المجموعات التي تود زيارة المتحف، فيحبذ حفار ألا يتجاوز أفراد الوفد أكثر من عشرة أشخاص، مسجلاضعف الزوار الأجانب بعد الافتتاح، مبرزا أن المتحف مقبل على إعداد إستراتيجية لجلب الزوار، من قبيل التنسيق مع دور الضيافة والفنادق والمدارس والمؤسسات وغيرها. ويشرح صاحب متحف دمى العالم لـ "الصباح"، أن الدمى التي صنعت بالمغرب، لا ترقى إلى المستوى الاحترافي المطلوب، موضحا أنه في المستقبل القريب ينوي التعاقد مع صناع احترافيين من أجل إعداد دمى في المستوى المطلوب، مبرزا أنه فخور بالزي التقليدي المغربي، ويرى أنه لم يأخذ المكانة التي يستحقها، مؤكدا أنه يتوفر على حوالي 40 دمية مغربية، بعضها بلباس "الكراب" بإكسسوراته المعروفة، بالإضافة إلى أزياء المرأة المغربية "الجبلية" بلباسها الملون وقبعتها، والمرأة المغربية التقليدية بالجلباب والنقاب وغيرهما. قصة ملهمة بدأت قصة متحف دمى العالم قبل خمسين عاما من الآن، حينما تلقت فتاة في سن الخامسة هدية من جدها في ليون الفرنسية، وكانت عبارة عن دمية "احترافية"، ومن ثم بدأ اهتمامها بهذا الميدان، وهو ما لاحظته الأسرة فشرع أفراد عائلتها في إهدائها بعض الدمى، واستقرت على النهج ذاته، إلى حدود لقائها بشريك حياتها، القادم من قلعة السراغنة، في اتجاه ليون الفرنسية، لإتمام دراسته العليا، وقرر "الكوبل" الزواج والعودة إلى المغرب، وشرعا في جلب دماهما، كما اهتما بالتراث المحلي، إذ كانا يزوران مجموعة من القرى بالمغرب وخارجه، وبدأ فصل جديد من جمع الدمى من مختلف العالم، كما ساهم الأبناء الثلاثة في جمع جزء كبير، إذ أتموا بدورهم دراستهم بفرنسا، وكان لهم دور مهم في عملية الجمع. وتقول إيمان حفار، وهي طالبة باحثة، "أتذكر أني في أيام الطفولة، كنت أزور منزل عمي في حي النهضة بالرباط، وكانت جدران منزله مليئة بـ"فترينات" الدمى المختلفة والرائعة، ولم نتمكن من رؤية لون الجدار بالنظر إلى حجم الدمى المعلقة عليها". وتضيف إيمان أنه في 2012، تم التفكير في أول عرض لهذا التراث النفيس الذي تمكنوا من جمعه، في المكتبة الوطنية بالرباط، وشهدت إقبالا كبيرا، وكانوا دائما ما يسألون عن المكان الذي يعرضون فيه دماهم. ويستعرض مالك المتحف هذا المسار قائلا "كانت المشاركة الثانية في كوب 22 بمراكش إذ استعرضنا بضاعتنا في مسرح محمد السادس بمراكش، ولقي العرض استحسانا كبيرا خاصة من قبل الأجانب، وهو ما دفعنا إلى التسليم بضرورة التوفر على مكان ثابت للعرض".

متحف الدمى…العالم في رمشة عين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حركة انتقالية بدرك برشيد

العبودي: القانون يشجع على تهريب الأدوية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات