الإهمال يهدد شارع الحسن الثاني بفاس

يهدد الإهمال مستقبل شارع الحسن الثاني بفاس، أجمل شارع في إفريقيا، تفتخر المدينة باحتضانه. وأضحى مرتعا خصبا لممارسات «شاذة»، بعدما رصد المجلس البلدي، ميزانية ضخمة تقدر بملايير السنتيمات، لإنجازه وتهيئته قبل سنتين، بمواصفات لا تقل أهمية عن شوارع مشهورة عالميا.ظل الشارع الذي يشبهه البعض بحديقة الإيليزيه لجماليته، في أبهى صوره طيلة أشهر أعقبت تهيئته. واعتبر رئة يتنفس منها أهل فاس وزوارها، بما يوفره من شروط الراحة والاستراحة وإمتاع العين ونفائس تستحق المشاهدة والتفقد، خاصة في غياب وسائل الاستجمام والاصطياف والترفيه. وهو بذلك قلب نابض للمدينة الجديدة، كذب كل المشككين في أهميته وحاجة فاس إلى مثله، بقدر حاجتها إلى كل ما من شأنه أن يقطع حبل فقر وبطالة أبنائها، مما صدحت به الحناجر الغاضبة التي لاكت الكثير من الكلام، ولم تستسغ صرف أموال باهظة في مشروع قد لا يعود بالنفع على السكان. تجهيزه بأسدين نحاسيين ومقاعد رخامية مستوردة من الخارج ونافورات وحدائق ممتدة وإنارة خاصة على شكل زراب مصباحية غطت مساحة مهمة منه، لم يكن ليرضي معارضيه ممن لم يرقهم التركيز على «المظاهر» على شاكلة المثل الشعبي القائل ب»المزوق من برا أش اخبارك من الداخل». انتهت حلقات مسلسل «الغضب» التي لم تمتع متتبعيها، بنهاية صامتة دون سيناريو مسبق. ووجد زواره، فيه شيئا لم يعتادوه، فأضحى قبلة للمئات منهم لتزجية لحظات أنس واستئناس بالمكان، والتقاط صور للذكرى، بجانب أسديه ونافوراته خاصة المتراقصة على إيقاع الموسيقى المنبعثة. لكن هذا «الربيع» من الزمن الجميل للشارع الأجمل بالقارة السمراء، لم يدم طويلا، بعدما رفع المسؤولون أيديهم عنه وقللوا اهتمامهم به، خاصة بعد «ربيع» و»خريف» احتجاجات حركة 20 فبراير، فاسحين المجال واسعا للعبث بتجهيزاته، بعد اختفاء عمال الصيانة لعدم تسديد تعويضاتهم. واقع حال أجمل شارع في إفريقيا، لا يسر أحدا اليوم، بعدما ذبل عشب حدائقه ونال العطب من الأعمدة المنبعثة منها مختلف أنواع الموسيقى خاصة المغربية، وتعرض بعض تجهيزاته وفي مواقع مختلفة، إلى السرقة والإتلاف من قبل بعض منعدمي الضمير، في غياب المراقبة الضرورية. مشاهد غريبة تثير التقزز والاشمئزاز والامتعاض والاستنكار، أضحت مألوفة على طوله من أمام المركز الجهوي للاستثمار إلى مقر ولاية الجهة. أطفال وشباب وأسر بكاملها، حولوا عشبه وحدائقه، إلى ملاعب مفتوحة للعب الكرة، أو أسرة للنوم والاستمتاع بلحظات أنس بين العشيقات والعشاق. بائعات هوى من مختلف الأعمار والأحجام والألوان، يتخذنه ماخورا وقاعدة خلفية لمهنتهن الأقدم في التاريخ. يضعن صناراتهن بأهم مواقعه، لاصطياد «فيكتيمات» اللذة، في الهواء الطلق، إعدادا للحظات تذوب فيها الأجساد في بعضها بعيدا في منازل أو فنادق معدة لذلك، أو على مرمى حجر منه.منحرفون يتصيدون ضحاياهم، على طوله ولا يتوانون في سلبهم ما يملكون على مرأى الجميع، وظواهر شاذة استشرت به دون سابق إنذار، وأطفال حولوا نافوراته إلى مسابح يطفؤون فيها حرارة أجسادهم ليل نهار في هذا الصيف الحارق، دون وعي بمخاطر ذلك خاصة على صحتهم.نسبة مهمة من الحواجز الحامية للأعشاب والورود، تعرضت إلى السرقة ليلا، في غياب حراس يحمونها، في ظاهرة قلت نسبيا مع تثبيت كاميرات على طوله، ووضع يتطلب تعاون وتكاثف جهود الجميع، للحفاظ على هذه المعلمة التي ذبلت وتنتظر إرادة حقيقية لإعادة الروح إليها. كل ذلك يتم على «عينك يا ابن عدي» ودون ناه ولا منته، فيما يستغرب الرأي العام، سر هذا الإهمال غير المستساغ لشارع تحول إلى مرتع للمشردين والباعة المتجولين ممن دخلت الجهات الأمنية بالمدينة، في حرب حقيقية لإخلاء شوارعها وأزقتها منهم بعدما احتلوها أشهرا. المسؤولون بمجلس المدينة، ينفون وجود إهمال للشارع، دون أن ينكروا ما يحضنه من ظواهر وسرقات وعبث بتجهيزاته وتحويل النافورات إلى مسابح، فيما رد شباط على سؤال في الموضوع، بقوله «نحن نهيكل وننمي ونعد أشياء، والناس ملزمون بالتعاون معنا. وشباط لا يمكن أن ينجز كل شيء». ويجد عمدة المدينة، في هذا الشارع الأجمل إفريقيا، إنجازا مهما للمدينة، مخبرا ببناء أكبر قوس في العالم بطريق مكناس على علو 54 مترا، و20 مترا في فراغ بابه، على غرار قوس النصر، لكنه يفوقه بمترين ويحوي طبقات ومقاه ومتحفا، ليكون مزارا للسياح من مختلف بقاع العالم. إنجاز مثل هذه المشاريع يتطلب تخصيص ميزانية خاصة للصيانة والتتبع والمراقبة والحراسة، كي لا تتعرض إلى ما تعرض إليه شارع الحسن الثاني، من ما هو فيه من ترد وإهمال، يهدد مستقبله إن لم يتم التدخل العاجل لإعادة إحياء روح الترفيه فيه وحماية تجهيزاته من «الفضوليين». حميد الأبيض (فاس)

الإهمال يهدد شارع الحسن الثاني بفاس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

150 ترشيحا لنيل جائزة الشيخ زايد للكتاب

لجنة تفتيش بسوق السمك بمراكش

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات