التبرع بالأعضاء البشرية … رفيقي: أنبـل الصدقـات

رفيقي قال إن على رجال الدين الدعوة إلى التبرع ورفع الحاجز النفسي عنه قال محمد عبد الوهاب رفيقي إن قضية التبرع بالأعضاء البشرية تعد أنبل الأفعال الإنسانية التي يمكن أن تساهم في منح الحياة للآخرين، وتوقف الباحث في الشؤون الدينية، عند مسألة تقاطع فعل التبرع مع مبدأ امتلاك الجسد من عدمه أو حرية التصرف فيه، معتبرا أن هذه المسألة تنطوي على أمور غير دقيقة، وأن الأصل هو المقصد النبيل من فعل التبرع، وهو ما لا يتعارض مع قيم الدين. < تطرح مسألة التبرع بالأعضاء في المجتمعات الإسلامية مجموعة من الإشكالات منها ما يتعلق بتعارضها مع مبدأ فقهي يقول إن الإنسان ليس حرا في جسده حتى يتبرع بأجزاء منه؟ < في ما يتعلق بمسألة المبدأ الفقهي أود أن أوضح أن أنظار الفقهاء ظلت دائما مختلفة وتتأرجح بين المدرسة التقليدية التي تركز على الجزئيات الخاصة، مما يؤدي إلى توسيع لائحة المحرمات والممنوعات، والمدرسة المقاصدية التي تغلّب المصلحة العامة، وتنتصر لروح النص، انطلاقا من مبدأ يقول إن النصوص الدينية جاءت لتيسير الحياة الإنسانية. وقضية التبرع بالأعضاء البشرية تندرج ضمن هذا السياق، إذ أن الناظر إلى الدين وروح النصوص لا يمكن إلا أن يشجع الأمر، خاصة إذا اعتبرنا أن التصدق على شخص بشيء من المال أو أي شيء مادي يعتبر صدقة بما تحمله هذه الكلمة من حمولات أخلاقية ودينية، فكيف إذا تعلق الأمر بأن يتصدق المرء بشيء من بدنه، فهذه المسألة من حيث الرؤية المقاصدية أشد نبلا، وأجرها عظيم وأكثر فاعلية من حيث النظر الأخلاقي. < وماذا عن تعارضها مع قضية امتلاك الجسد؟ < الإشكال أن القول إن الإنسان هنا يتبرع بما لا يملك، هو قول غير دقيق وغير مقنع، لأننا إذا قلنا إن الجسد ملك لله، فإن كل ما في السماوات والأرض ملك له وليس فقط الأعضاء البشرية، حتى المال الذي نعتبر أننا نتصدق به، فامتلاكه نسبي، من الناحية الدينية، فكل شيء لله فلماذا سنستثني منه الجسد البشري، ما دام التبرع سيرفع الضرر وينقذ حياة إنسانية أخرى. < هناك اجتهاد فقهي آخر مبني على قواعد ومقاصد الشريعة الإسلامية، قائم على مبدأ المحافظة على الحياة الإنسانية، إلى أي حد يساير هذا المبدأ قضية التبرع بالأعضاء البشرية؟ < إن هذا التبرع من أكثر السلوكات البشرية نبلا، لأنه يساهم في إنقاذ حياة الكثير من الناس، بل إنه يفعّل مبدأ دينيا ينطلق من الآية القرآنية التي تقول "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" (سورة المائدة). < وماذا عن مسألة حرص العديد من المسلمين، وغيرهم، على أن يدفن جسد الإنسان كاملا غير منقوص من أي عضو؟ < بطبيعة الحال أن انتهاك حرمة الميت مسألة مرفوضة تماما، والشريعة تنهى عن التمثيل بجسد الميت وعدم المس به. كل هاته مبادئ نبيلة لا أحد يختلف عليها، لكن نحن هنا نتحدث عن حالة خاصة تتعلق بإحياء كائن بشري من خلال فعل التبرع بالأعضاء، أي لأجل مصلحة أعظم، في ما يتعلق بفقه المقاصد الشرعية، عند تعارض المصالح وتقديم مصلحة على أخرى. < هناك مستويات في قضية التبرع بالأعضاء بين أهل وذوي ميت يتبرعون بأعضائه وبين الفرد الذي يفعل ذلك بمحض إرادته ويوصي به بعد وفاته كيف يمكن التمييز بينها؟ < لا شك أن الأمرين معا لا إشكال فيهما، سواء قرر المرء أن يتبرع وهو على قيد الحياة بجزء من جسده مثل كلي أو أي شيء يمكنه من إنقاذ حياة شخص آخر والحفاظ على حياته في الوقت نفسه، أو أن يوصي بالتبرع بأعضائه بعد وفاته، أو يقوم أهل الميت بفعل ذلك بدلا عنه، كلها أمور تنطوي على مستوى عال من النبل والتفكير في ضمان حياة أخرى لبقية البشر، فتظل الأمور بمقاصدها كما يقول الفقهاء. < هل هناك حدود بين التبرع والاتجار في الأعضاء البشرية؟ < كل المجامع الفقهية التي تطرقت إلى موضوع التبرع بالأعضاء البشرية واستفاضت في تحليله، اتفقت على تحريم وحظر الاتجار في الأعضاء البشرية، في المقابل يمكن تصنيف التبرع بمفهومه النبيل ضمن سلوك البذل والصدقة. < الملاحظ أنه منذ أزيد من تسع سنوات على أول حالة تبرع بالأعضاء في المغرب، ما زال هذا الفعل يمارس بنوع من الحذر والتحفظ ما سبب ذلك؟ < ثقافة التبرع بالأعضاء منتشرة في المجتمعات الغربية أكثر من مجتمعاتنا، خاصة أن هناك حواجز نفسية ودينية تحول دون انتشارها بالشكل المطلوب، وعلى النحو الذي يسهم في تعزيز ثقافة إنقاذ الآخرين ومنح الحياة لهم، وهنا دور الفقهاء ورجال الدين من أجل رفع هذه الحواجز النفسية بالتشجيع على التبرع في مختلف المنابر والخطب وعبر حملات توعية. أجرى الحوار: عزيز المجدوب

التبرع بالأعضاء البشرية … رفيقي: أنبـل الصدقـات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الطفل عدواني في الـ 20 شهرا

الحمل المتأخر يؤخر الشيخوخة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات