رواسب وثنية قديمة

3 أسئلة إلي محمد مرفوق * < بماذا يمكن تفسير استمرار طقس شعبانة من الناحية السوسيولوجية والأنثربولوجية؟ < في اعتقادي، يجب أن نفهم أولا طقس "شعبانة"، و فيما بعد سيمكن تفسير استمراره. يندرج طقس "شعبانة" ضمن مكونات التدين الشعبي في المغرب، حيث تتم ممارسة هذا الطقس قبل بداية رمضان، أو في الأسبوع الأول منه وبالضبط في اليوم الثاني، ويمكن تجاوزا اعتباره أحد طقوس المرور من سنة إلى أخرى. يختلف طقس "شعبانة" من مدينة إلى أخرى، ففي الرباط مثلا لا يكتمل الطقس إلا بحضور "كناوة" و القيام بالعادة، و في مراكش لا يستقيم إلا على أنغام الشيخات وحلوى الغريبة الممزوجة بالمعجون، وفي فاس يحتفلون بالمفرقعات، كما يرتبط هذا الطقس بالجن والذات البشرية. هذه العلاقة التي تربط بين عالمي المقدس والمدنس، تتقاطع في طقس شعبانة، إذ يقوم المحتفلون بجلد الذات أو حرقها بالشمع، أو الخنق الذاتي، وذلك لتطهيرها قبيل هلال رمضان وقبيل تصفيد الجن الذي يمارس تأثيره على الحياة الاجتماعية للمحتفلين، و أيضا للغوص في عالم الغيب واستطلاع مستقبل ما بعد رمضان طيلة السنة. أما تفسير استمرار هذا الطقس، فالمسألة تتعلق بإيمان صادق بقوة الجن في التحكم في تلابيب الحياة اليومية للأفراد. هذا الخوف من المستقبل وغموض تفسير الحاضر واستعصاؤه على الفهم، كلها عوامل تطيل اللجوء إلى هذا النوع من المعتقدات، على اعتبار أن الأفراد يسلمون ذواتهم لمخلوقات غيبية لتحقيق مآربهم أو لحمايتهم من الكوارث، ويتفرغون في رمضان لفعل الخير والإحسان، اعتقادا منهم أن الجن مسجونون و لن يطلق سراحهم إلا ليلة القدر. < هل يتعلق الأمر باستعداد نفسي لشهر رمضان بحمولته الرمزية و الدينية ؟ < الأمر أكثر من الاستعداد، بل يتعداه إلى طقس للتطهير يبتدئ بشعبانة وينتهي بعيد الفطر، فكما أشرت سابقا ففكرة أن الجن يتم سجنهم طيلة شهر رمضان، توحي أن شهر رمضان هو شهر الملائكة، و هذا ما يجعل المحتفلين بطقس "شعبانة" يقومون بحفل توديع الجن الساهرين عليهم من جهة و من جهة ثانية يستعدون لشهر المغفرة والبركات وفعل الخير بحضور الملائكة طيلة الشهر. وهذا يدل أن المحتفلين يعتقدون أنهم لا يكونون هم أنفسهم إلا في شهر رمضان، و في ما سواه يعيشون في عوالم تقاطع الجن والبشر، ويستمدون قوتهم في العيش داخل البنية الاجتماعية أو الفئة التي ينتمون إليها من طلبهم العون من الجن. < كيف تتقاطع شعبانة مع الطقوس وعالم الغيب ؟ < أنثربولوجيا، يمكننا تعميق فهمنا لهذا الطقس بالعودة إلى التاريخ الإنساني، وبالخصوص لدى الثقافات الوثنية القديمة، التي تبنين عوالم الواقع المتقاطعة مع عوالم الجن والغيب، و تجعل من تلك العوالم المقدسة مركزا للتحكم في العالم الأرضي المدنس، و للتكفير عن مدنس الواقع يتم تقديم قرابين يختلف موضوعها باختلاف درجة التأثير و العلاقة المطردة بين المقدس والمدنس المترسبة، وحتى تتم شرعنة البنية فإن الطقس المنظم للتطهير من المدنس يتخذ شكل مقدس من مستوى ثان، ويصبح الطقس في حد ذاته رمزا للتحول أو اكتماله. طقس شعبانة لا يخرج عن هذه الطقوس، إلا أنه يمارس داخل منظومة دينية/ ثقافية تجد أصولها في التدين الشعبي، والذي يتخذ أنماطا من الاعتقاد والفعل ترتبط بالتاريخ الاجتماعي للمجموعات البشرية. أجرى الحوار: عزيز المجدوب * باحث في السوسيولوجيا

رواسب وثنية قديمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"شعبانة" ... ممنوعـة علـى الرجـال

التحقيق في اختلالات بالملايير بجماعة بآسفي

مقالات ذات صلة