«شعبانة» … “ماركوتينغ ديني”

مبروكي قال إن بائعي الأوهام ينتعشون مع اقتراب المناسبات الدينية ينتعش المشعوذون وبائعو الأوهام مع اقتراب المناسبات والأعياد الدينية، إذ يوهمون ضحاياهم بقدرتهم على استحضار «الجن»، في طقوس من الجذبة و»المجامر» والبخور، مستغلين رضوخ جزء كبير من المجتمع للدين، الذي يستغلونه لإضفاء القداسة على خطابهم وأنشطتهم، خاصة حينما يستدلون ببعض الآيات القرآنية والأحاديث «النبوية»، وهو ما يجعل ضعاف النفوس والجهلة ينساقون لتعليمات وإرشادات رواد الدجل والشعوذة، ضاربين بعرض الحائط، موروثا غنيا من العلم الإنساني الحقيقي، الذي يشرح ويفسر الظواهر النفسية عملا بمناهج البحث العلمي، واستنادا إلى التجارب العلمية. وتبقى مسألة إيمان المجتمعات بالخرافات والأساطير مسألة معقدة جدا، خاصة عندما تكون الضحية من المتعلمين والمثقفين ونخب المجتمع. ولا يقتصر هذا الأمر على الدول العربية والإفريقية، بل شهد العالم حالات مماثلة تتعلق برؤساء دول غربية عظمى. وفي هذا الإطار يقول الدكتور جواد مبروكي، الخبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي، في بحث، «ألاحظ على الدوام أن المغربي من مختلف المستويات الاجتماعية والثقافية، بما في ذلك المهندس والطبيب والأستاذ الجامعي، يقص تجارب خرافية عن الجن والشياطين والزوايا والأضرحة وبركة «الشرفا» و»المجاذيب» والعين» و»التوكال» و»الفال»، ويؤكد من خلالها صحة هذه الأساطير، وعجز العلم أمامها»، مضيفا أن الشخص المؤمن بالقدرات الخارقة للمشعوذين، يعزز موقفه بالجملة «جوكير»: «راها مذكورة في القرآن»، مبرزا أنه بطبيعة الحال مع المؤمن بالخرافات كامل الحق أن يقول إن العلم يعجز أمام هذه الأساطير، لأن العلم يستند في نتائجه إلى التجارب. وتساءل مبروكي، «كيف يمكن لمجتمعنا أن يتقدم إذا كان حتى المثقفون يؤمنون بالخرافات، ويضعون برامج التعليم والإصلاح الاقتصادي والصحة بأذهان تغزوها المعتقدات الخرافية؟ مضيفا كيف يمكن محاربة الجهل والجهلاء والمشعوذين والمسؤولون يؤمنون بخرافاتهم؟. ويرى المتخصص في التحليل النفسي، أن استمرار انتشار الخرافات في المجتمع راجع إلى أربعة أسباب رئيسية، لعل أبرزها أن دماغ المغربي ما زال حبيس مرحلة «الفكر الخيالي»، موضحا أن الطفل يمر بمرحلة يسلم فيها بجميع المعلومات التي يتلقاها، من قبيل «الغول» و»عيشة قنديشة»، مؤكدا أن هذه المرحلة تنتهي تدريجيا بدخوله المدرسة، إذ تمكنه من التمييز بين الخيال والحقيقة، غير أن مبروكي، يشدد على أن غياب هذه الأساليب في نظامنا التعليمي، يجعل الطفل حبيس مرحلة الفكر الخيالي. ويتابع مبروكي، في سرد أسباب تشبث المغاربة بالخرافات قائلا إنه من بين الأسباب الأخرى، نجد غياب الفكر النقدي، في وقت تحارب فيه التربية المغربية هذا الفكر، وتعتبره قلة أدب وابتعادا عن طريق الله، بالإضافة إلى التربية الدينية الخاطئة، إذ يقول مبروكي، إنه «مع الأسف أرى أن الذين يعتبرون أنفسهم رجال دين يركزون في دروسهم على القصص التي تغلبها عليها الخرافات، وأن جل كلامهم يكون حول جهنم وعذاب القبر، وهو ما يؤدي بالمغربي إلى تقوية فكره الخيالي، إذ يصنع في دماغه صورا خياليا مطابقة لمحتوى القصص الخرافية. وخلص مبروكي، إلى أن ما يساعد على انتشار هذا الفكر، هو «الماركيتينك الديني»، من خلال اعتماد المشعوذين أساليب تجارية متطورة لتسويق منتجاتهم السامة، عبر سلوكهم ولباسهم وكلامهم، المستلهم لقصص دينية، ومن نماذج نمطية رسخت عند المغربي منذ صغره، من قبيل «رأيت في المنام وليا صالحا كله نور وكلامه كله قرآن ولباسه أبيض وله لحية طويلة...». عصام الناصيري

«شعبانة» … “ماركوتينغ ديني”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

توقف البث يكشف خبايا صفقة بالمستشارين

أوناجم حاضر بجنوب إفريقيا

مقالات ذات صلة