عربات معطوبة بقطار التنمية

استثمارات بـ34 مليار درهم تائهة في حسابات المجالس الجماعية ما زالت المدن حصى في حذاء التنمية، رغم الإجراءات والجهود المبذولة من قبل الحكومات المتعاقبة، في سبيل تفعيل دور المجالس المنتخبة، وتطوير مساهماتها في السياسات العمومية، ذلك أنها لم تتمكن من التكيف مع التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تسارعت وتيرتها خلال السنوات الأخيرة، بسبب ضعف التكوين وغياب منظومة للحكامة، ذلك أنه رغم تدعيم مجالس جماعات المدن بشركات للتدبير المفوض، إلا أنها فشلت في بلوغ أهداف برامج التنمية الحكومية الرئيسية. وتكرس مؤشرات المالية العمومية الأخيرة، صورة الارتباك وضعف التكوين لدى رؤساء مجالس المدن والمنتخبين، رغم توفرهم على صلاحيات مهمة في إطار القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، ذلك أن نفقات الاستثمار المنجزة من قبل الجماعات، لم تتجاوز 5.3 ملايير درهم خلال نصف سنة، من أصل 30 مليارا مبرمجة في قانون المالية، ما يمثل نسبة إنجاز لم تتعد 18 %. وتظهر هذه المعطيات عجز مجالس المدن على تنفيذ برامجها الاستثمارية، رغم توفرها على الاعتمادات المالية الكافية، إذ وصل إجمالي حجم الاعتمادات المرحلة من سنوات سابقة إلى ما يناهز 34 مليار درهم، ولذلك يلاحظ أن مجالس الجماعات لم تتمكن من إنفاق الاعتمادات المخصصة للاستثمار، رغم الضعف الذي تعانيه أغلبها في ما يخص البنيات التحتية والخدمات الأساسية، ما يطرح تساؤلات حول كفاءة الموارد البشرية في الجماعات، خصوصا رؤساءها الجماعات، الذين بإمكانهم إعداد مخططات تنموية ومشاريع قابلة للتنفيذ. وبالعودة إلى القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، حمل هذا الإطار التشريعي مستجدات مهمة في توسيع صلاحيات رؤساء المجالس الجماعية، وأطرت تدخلاتهم في التعيينات والمصادقة على صفقات الجماعات، وإمكانية تفويض الإمضاء على الوثائق المتعلقة بالمداخيل والنفقات، إذ استفادوا من تقليص وحصر المراقبة الإدارية، التي أصبحت مرتبطة بمشروعية القرارات، إلى جانب مقتضيات أكثر أهمية، تتعلق باعتماد البرامج والمشاريع في تبويب الميزانية، في انسجام مع مقتضيات القانون التنظيمي للمالية، واعتبار النفقات المتعلقة بتنفيذ القرارات والأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعة، والمخصص الإجمالي لتسيير المقاطعات بالنسبة إلى الجماعات، ذات نظام المقاطعات، نفقات إجبارية. ويتيح الإطار التشريعي لرئيس المجلس الجماعي، إعداد قوائم محاسبية ومالية، تتعلق بالتسيير والوضعية المالية لمجلس الجماعة والهيآت التي تسير مرفقا عموميا تابعا لها، إذ يتم إطلاع العموم على هذه القوائم، موازاة مع إلزام الجماعات بالخضوع لتدقيق مالي سنوي، ينجز إما من قبل المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية، أو بشكل مشترك بينهما، أو من قبل هيأة للتدقيق، وهي الصلاحيات التي لم يتم استغلالها من قبل رؤساء الجماعات على النحو، الذي كان يستهدفه المشرع. رقابة قبلية على نفقات الجماعات لم يتمكن القانون من تعويض غياب الخبرة والتكوين لدى أغلب رؤساء الجماعات، ما حد من حجم تدخلاتهم وحضورهم، لتعود زمام الأمور مرة أخرى إلى الداخلية، التي حجرت عليهم، ذلك أن المرسوم التنظيمي للمحاسبة العمومية للجماعات ومجموعاتها، يكرس ضعف موقع رئيس المجلس الجماعي في تدبير الشأن المحلي، إذ يلزمه باعتباره آمرا بالصرف بالحصول على تأشيرة المحاسب العمومي المختص قبل الالتزام بأي نفقات، فيمارس المحاسب هنا، الرقابة على مطابقة النفقات المقترح الالتزام بها من قبل الآمرين بالصرف بالجماعات الترابية، للتشريعات التنظيمية للمالية العمومية، كما يمارس سلطة الرقابة على الميزانية في ما يتعلق بالاعتمادات المفتوحة والأغراض المحددة لها، وتصنيفات ميزانية الجماعات. وهكذا أصبحت الداخلية من خلال المحاسب، تمارس رقابة قبلية على نفقات الجماعات وعلى قرارات رؤساء المجالس الجماعية، الذين يعتبرون الآمرين بصرف ميزانيتهم. بدر الدين عتيقي

عربات معطوبة بقطار التنمية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نظام وحدة المدينة ... عـمـداء مع وقـف التـنفـيـذ

نظام "وحلة" المدينة

مقالات ذات صلة