< هل يمكن تنفيذ الحدود في عصرنا الحالي؟ < أولا ينبغي أن نعي ما هي هذه الحدود، وهل هي محكمة أم غير محكمة، ومن الذي أمر بها وهل طبقها النبي عليه الصلاة والسلام أم لم يطبقها. عندما نقول الحدود ماذا نقصد؟ هل حد السرقة أم الزنا أم الردة أم شرب الخمر؟ هذه الحدود منصوص عليها في الكتاب والسنة من دون أي خلاف أو جدال ولا يطعن في ذلك مسلم واحد. يبقى السؤال هو هل إقامة الحدود قابلة للتطبيق الآن أم لا؟ هل تستطيع الدول والحكومات تطبيقها أم لا؟ وهذا موضوع آخر يخضع للإكراهات والظروف وإمكانية قبوله أو رفضه من قبل الناس، ولهذا ينبغي أن نفرق بين أمرين وهما : حقيقة هذه الحدود والنصوص التي جاءت فيها وهي محكمة وبين قابلية تطبيقها. < هناك بعض الأصوات التي تعتبر إقامة الحدود في الماضي قرارات متسرعة يمكن أن تخلف مظلومين. ما ردكم؟ < من يقول هذا الكلام؟ أولا ينبغي أن نعرف ونتفق على أن الحد لا يطبق أبدا على المشتبه فيه أو على المظلوم في جرمه أو المشكوك في فعله. الحد يطبق عند اليقين الكامل. قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث "إدرؤوا الحدود إذا كانت هناك شبهة"، وهذا معناه أنه إذا غلب الظن أن ما فعله أحد المتهمين بنسبة 99 في المائة وكان واحدا في المائة هو نسبة ما لم يفعله، فينبغي أن نغلب واحدا في المائة من الشك على 99 في المائة التي نعتقد أنها نسبة صحيحة مما ارتكبه. لا يطبق الحد إلا عن يقين كامل لا غبار عليه. < تستند بعض الأصوات المعارضة إلى اجتهاد عمر بن الخطاب عندما أوقف تطبيق حد السرقة. فلماذا لا نستند على هذا الاجتهاد ونعيد النظر في مجموعة من الأمور التي تتعارض مع حقوق الإنسان؟ < "ياريت...". لا قدر الله وحدثت المجاعة في البلد فلن نطالب بقطع يد السارق، (ضاحكا) هل من يسرق هو اللص الصغير أم كبار الأغنياء في المجتمعات العربية؟ إذا تكررت الحالة يمكن إعادة تطبيق اجتهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. إذا كانت هناك مجاعة في البلد وجاع الناس وسرق من سرق ليأكل فأكيد لن يطبق عليه الحد، ولكن أن نقول بهذا ثم بعد ذلك نتنصل من تطبيق محكمات القرآن والسنة فهذا كلام آخر. أمر عجيب فالذين يسرقون اليوم هم أصحاب الأموال وليس الجائعون. < بعض العلماء الحداثيين يرون أن تطبيق الحدود مسألة تحتاج إلى إعادة تفكير لأن الشريعة ليست ثابتة، وأنه من حق المسلمين تغيير وتبديل أوامر الشرع ونواهيه في سبيل الوصول للمصلحة العامة. ما ردك؟ < الذي له الحق في المغرب ليتكلم عن تطبيق الحدود من عدمها في القرآن والسنة هو المجلس العلمي الأعلى، ولا حق لأحد غيره أن يتحدث في أمور القرآن، لأن في البلد دولة مؤسسات نحترم اختصاصاتها. المؤسسة الوحيدة المخول لها الخوض في أمور الفتوى هي المجلس العلمي الأعلى الذي يترأسه أمير المؤمنين، أما أن نجد محاميا أو صحافيا أو حقوقيا أو طبيبا أو فنانا أو غيرهم من التخصصات الأخرى يخوض ويجول ويصول في كتاب الله عز وجل، فهذا غير مقبول بصفة نهائية، ولا يرد عليهم أصلا. لا يجوز لمن يجهل أبجديات التفسير وعلوم القرآن والسنة النبوية القول بإعادة النظر في هذا أو نجتهد في هذا أو نراجع ذاك. من أنتم؟ هل الخوض في أمور القرآن والسنة أصبح من "السيبة"؟ "غير اللي جا إلعب فيه؟" القرآن كتاب الله والأحاديث النبوية مقدسة، والذي له الحق في الخوض فيهما هو المجلس العلمي الأعلى فقط. * شيخ وعالم دين أجرى الحوار : محمد بها