الأسرى في سلة المهملات ومعذبوهم في أعلى المناصب

أسرى حرب الصحراء المغربية لم يعانوا انتهاكات حقوق الإنسان التي مارستها عليهم مرتزقة بوليساريو، بل عانوا أيضا بعد عودتهم، وهو ما خصص له تقرير الجمعية الوطنية لأسر شهداء ومفقودي وأسرى الصحراء المغربية جزءين أحدها يكشف الانتهاكات التي شابت ملف الأسرى في المغرب قبل وبعد الإفراج من جهة، وانتهاكات جبهة بوليساريو وراعيتها الجزائر للقانون الدولي الإنساني. ولخص التقرير ذاته الانتهاكات التي تعرضت لها هذه الفئة قبل الإفراج في عدم اعتراف الدولة المغربية بوجود أسرى لها لدى الخصم، إضافة إلى تسليم شهادات لذويهم تفيد الفقدان في مكان مجهول وليس الأسر خلال معارك حربية. وهو ما يرجع إلى عدم اعتراف الدولة المغربية بالطرف الآخر في النزاع، رغم أنها قامت بعدة لقاءات تفاوضية سرية مع العدو. إضافة إلى ذلك، يقول التقرير، فالمئات من الأسرى كانوا في سجون دولة يعترف بها المغرب وذات سيادة، وهي الجزائر المصادقة على اتفاقية جنيف الثالثة المتعلقة بحماية أسرى الحروب، ملحا على أن اسرى مغاربة قضوا أزيد من 20 سنة في سجن البوغار قرب البليدة، ويوفاريك بالجلفة، والجبل الكحل على الحدود المالية الجزائرية. وقال التقرير إن ما يحز أكثر في بعض نفوس الأسرى لجوء الدولة المغربية في بعض الأحيان إلى رفض استلام الأسرى المغاربة، الشيء الذي خلف لديهم آثارا نفسية معقدة حسب شهادات بعض الأسرى المفرج عنهم، وهو ما أكده بيان للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والخارجية الفرنسية سنة 1995. وحرمت كذلك أسر الأسرى، حسب التقرير ذاته، من بعض مستحقاتهم بدعوى أن أسراهم لا يزالون على قيد الحياة وسوف يتسلمونها عند الإفراج عنهم. كما طال التناسي ملفهم أكثر من عقدين من الزمن، الشيء الذي أثر بشكل كبير على معنوياتهم وأوضاع أسرهم. وبعد الإفراج استقبل الأسرى استقبالا وصفه التقرير ب"البارد"، إذ لم يستقبلوا أبطالا، ومرت عودتهم في حياء وحشمة لا تليق ومستوى التضحيات الجسام التي قدموها في سبيل هذا الوطن، وما عانوه بمخيمات الذل والعار بتندوف، في الوقت الذي تم فيه الترحيب بجلاديهم واستقبالهم بالأحــضان وإغداق الامتيازات عليهم. وفي الوقت الذي توقع هؤلاء تعويضهم عن كل سنوات الضياع والتعذيب، فوجئوا بعدم الاهتمام بهم وأعيد تشغيل بعضهم في صفوف الجندية، فيما جمدت رتبهم العسكرية طيلة مدة الأسر، كما حرموا وهم في الأسر من حقهم في الراتب المضاعف عن الاشتغال في المنطقة الجنوبية. وبعضهم وجد زوجته على ذمة آخر. فيما أحيل آخرون على التقاعد رغم وجودهم بمعتقلات العدو. كما لم يتم التفكير في إحداث مراكز لإعادة إدماج الأسرى المفرج عنهم اجتماعيا، خاصة أنهم يعيشون في عزلة تامة عن وسطهم ولا يعرفون حديثا إلا عن ماضيهم وأغلبهم لا تربطه من حيث الأبوة بأسرته إلا ما هو بيولوجي. كما أن انعدام المتابعة الصحية والنفسية لوضعيتهم الصحية يزيدهم تعذيبا، رغم اعتراف الدولة من خلال الملف الصحي للأسرى بإصابتهم بأمراض خطيرة ومزمنة ناتجة عن عذاب سنوات الجحيم وتستدعي متابعة طبية لصيقة. وينضاف إلى كل ذلك ما عانوه قبل الإفراج من أسر وانتهاكات وتعذيب على يد بوليساريو بل إن من معذبيهم من عاد ليلقى الترحاب والمناصب والامتيازات. ض. ز

الأسرى في سلة المهملات ومعذبوهم في أعلى المناصب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الدفاتر العسكرية للمفقودين تفيد تنقلهم عبر عدة ثكنات

الوجه الأسود للملف الاجتماعي لشهداء أم القضايا الوطنية

مقالات ذات صلة