مستشفى الحسني … سطوة رجال الحراسة

يمارسون صلاحيات ليست من اختصاصاتهم وشبابيك فارغة في التاسعة صباحا كانت الساعة تشير إلى التاسعة صباحا من أول أمس(الاثنين) وقاعة الانتظار بمستشفى الحسني بالبيضاء ممتلئة عن آخرها بالمرضى، الذين حجوا في الساعة الأولى من الصباح ليكونوا في الموعد المحدد لهم. لكن الشبابيك كانت مقفلة في انتظار قدوم المكلفين بالاستقبال ومعالجة ملفات المترددين على المؤسسة الاستشفائية. لا كلمة تعلو فوق صوت رجال شركات الحراسة الخاصة، الذين يتحولون إلى "موظفين" فوق العادة يملؤون الفراغ ويفرضون قانونهم الخاص، يتسلمون الوثائق من المرضى ويسلمونهم رقما تسلسليا، آمرين إياهم بالانتظار إلى حين سماع الرقم الذي يحملونه، بنبرة لا تخلو من فظاظة. "سيري لبلاصتك حتى نعيطو عليك" بهذه الصيغة نهر أحد الرجال العاملين بشركة الحراسة الخاصة المعتمدة من قبل المستشفى امرأة في عقدها السابع كانت تسأل عن الشباك الذي يتعين عليها اللجوء إليه لمعرفة موعدها، رجعت إلى مكانها منكسرة الخاطر دون الحصول على رد مقبول. نساء ورجالا قدموا دون تناول فطورهم من أجل إجراء تحاليل طبية ينتظرون بأمعائهم الفارغة قدوم الموظفين المكلفين بالمهمة لإحالتهم على المختبر، فالساعة تشير إلى التاسعة صباحا، أي ساعة بعد التوقيت الرسمي لانطلاق العمل، ولم يلتحق أي موظف أو موظفة بعد. لا يوجد سوى رجال الحراسة الذين يصولون ويجولون بين مرافق المستشفى وعدد المنتظرين يتزايد دقيقة بعد أخرى. علامات التذمر بادية على وجوه عشرات المرضى وأهاليهم الذين ينتظرون أن يأتي دورهم من أجل إتمام الترتيبات الإدارية للاستفادة من العلاجات. عدد من الأشخاص مصطفون أمام المكتب المخصص للاستشارات الطبية ما يزالون ينتظرون، في صمت، أن يحظوا باستقبال الطبيب للكشف عن حالاتهم. وتظل حالة التذمر بادية على وجوه العديد من الوافدين على هذا المرفق، الذي يعاني غياب كل مقومات الوحدة العلاجية والاستشفائية. شبابيك "راميد"، المخصصة للفئات المعوزة، ما تزال مقفلة، وامرأة في عقدها الخامس تسأل عن وقت قدوم المسؤول عن الشباك الخاص بنظام المساعدة الطبية (راميد)، ليجيبها المسؤول عن الحراسة، هل أنت من سيعلم الإدارة كيف تشتغل؟ اذهبي إلى مكانك ولا تسألي عن الأشياء التي لا تخصك، لم ترد بكلمة واحدة واستسلمت للأمر. امرأة أخرى في العقد السادس من عمرها تسأل عن دورها للولوج إلى شباك "راميد" من أجل تقديم وثائقها، فيجيبها حارس الأمن "انتظري إلى حين سماع رقم ترتيبك"، ويبدو أن انتظارها سيطول، إذ أن ترتيبها 35، في حين أن الشبابيك ما تزال مقفلة، فلو تطلب الأمر معالجة طلبات من يسبقونها في الترتيب 5 دقائق، وهذا شيء مستبعد، فإن دورها لن يصل إلا بعد مرور أزيد من ساعتين ونصف. التذمر باد على وجوه المنتظرين لكن الصمت يخيم على المكان لا تكسره إلا أصوات رجال الحراسة الخاصة وهم يعطون أوامرهم للمرضى دون مراعاة لظروفهم وحالاتهم النفسية، إذ أن سوء المعاملة يزيد من معاناتهم، خاصة أنهم لا يستطيعون الرد مخافة أن ينتقم منهم رجال الحراسة بطريقتهم الخاصة، إذ هم الوحيدون الذين يوزعون الأرقام التسلسلية لأدوار المرضى، ويمكنهم التلاعب فيها بسهولة، بأن يمنحوا المشاغبين أرقاما متأخرة في الترتيب، لذا يفضل العديد من المرضى عدم الرد على طريقة تعاملهم المستفزة. لا وجود لأي مسؤول إداري أو موظف، رغم أن توقيت العمل انطلق منذ ساعة. فجأة ظهرت إحدى الإداريات، المكلفة بالتحليلات الطبية، فهم عدد من المنتظرين للسؤال عن ملفاتهم بعد أن أصبحت أمعاؤهم تتضور جوعا من طول الانتظار دون تناول وجبة الإفطار، وسرعان ما تدخل رجال الحراسة لمنع المنتظرين من الاقتراب من الشباك إلى حين إعطائهم الأمر بذلك. "موعدي"... معطل يظل الهاتف الوسيلة الوحيدة لحجز المواعد بالمستشفى الحسني، إذ توجد بباحة الاستقبال لوحة معلقة على الحائط دون بها رقم هاتف وكتب عليها رقم الاتصال لتحديد المواعد. لا وجود بالمستشفى الحسني لشيء اسمه "موعدي"، البرنامج المعلوماتي الذي خصصت له وزارة الصحة ميزانية وتكلفت شركة أجنبية بإعداده من أجل تمكين المواطنين في مختلف مناطق المغرب من حجز مواعد بمختلف مستشفيات المغرب، لكن كل المستشفيات لا تريد التعامل بالرقمنة لأنها تكشف العديد من الاختلالات. ويمكن التأكد من ذلك بالولوج إلى موقع "موعدي" واختيار أي مستشفى لحجز الموعد، إذ ستفاجأ بإعلان بالصفحة يخبرك أنه لتحديد موعد يتعين الاتصال بالرقم الظاهر على الشاشة. عبد الواحد كنفاوي

مستشفى الحسني … سطوة رجال الحراسة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حاويات أزبال بـ"التيليكوموند" في البيضاء!!

الحركة الشعبية: حزبنا معافى

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات