مدونة الأسرة … حتمية التغيير

محامو مغاربة العالم أجمعوا على ذلك واعتبروا 15 سنة كافية لإعادة المراجعة استطاع المنتدى الثالث للمحامين المغاربة المقيمين بالخارج، أن يضع يده من خلال المناقشات التي عرفها على امتداد يومين على الاخلالات والنواقص التي تتضمنها مدونة الاسرة خاصة في الشق المتعلق بالمغاربة المقيمين بالخرج والذين يصطدمون مع القوانين الخاصة ببلدان الإقامة. المنتدى الثالث الذي نظمته الوزارة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة بشراكة مع وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، تحت شعار "مدونة الأسرة على ضوء القانون المقارن والاتفاقيات الدولية"، شكل وقفة تأمل على مرور 15 سنة على تطبيق مدونة الأسرة، وتشريح مكان الخلل فيها والوقوف على نقطة مهمة أن تغيير بعض نصوصها أضحى حتميا، ولا يمكن استمرار اتخاذ الموقف السلبي، أمام ما تشهده تشريعات القانون الدولي الخاص من تطور في السنوات الأخيرة، ساهم بشكل كبير في التأثير على المجال الذي كان مخصصا في الماضي، من خلال اتساع رقعة حرية اختيار القانون الواجب التطبيق في تلك القضايا، وهو ما يعني تضييق مجال تطبيق قانون الأسرة المغربي على المواطنين المغاربة في دول المهجر. "الصباح" واكبت أشغال الندوة التي لم يكن صدفة اختيار موضوعها الذي يقارب قانون الأسرة المغربي على ضوء القانون المقارن والاتفاقيات الدولية، وهي مزاوجة تروم، من جهة، استحضار آفاق تطبيق هذا النص في الخارج، وقدرته على الصمود، ومن جهة أخرى، الكشف عن موقف القضاء المغربي بخصوص آثار الأحكام الصادرة عن محاكم وسلطات دول الاستقبال الإدارية في المادة الأسرية، كما يستحضر في هذا المجال دور الاتفاقيات ذات الصلة بالميدان الأسري في إيجاد حلول لبعض الإشكالات المستعصية، والتوفيق بين مختلف الأنظمة القانونية المتباينة، سواء تلك المبرمة على الصعيد الثنائي، أو المتعددة الأطراف. إنجاز: كريمة مصلي (موفدة الصباح إلى مراكش) - تصوير: (عبد الرحمن المختاري) ليست نصا مقدسا أغناج: التوجهات القضائية في سمو الاتفاقيات الدولية مترددة تثير مواضيع القانون الدولي الخاص إشكاليات، نظرا لحرص المشرع والقاضي على حماية القانون الداخلي ومنحه الأولوية في التطبيق، على باقي القوانين. هذه الأولوية قد تطبع في بعض الحالات بالقدسية، وتساءل محمد أغناج محام بهيأة البيضاء وعضو مجلسها، لماذا تطرح مدونة الأسرة كل هذه الحساسية؟ ليصل في حديثه خلال ورشة أثارت الأحكام الأجنبية في المادة الأسرية على ضوء الاتفاقيات الدولية، إلى أن السبب هو في صبغة القداسة التي يصبغها على النص، في الوقت الذي يجب التمييز ما بين الشريعة الاسلامية والفقه الاسلامي، مشيرا إلى أن الفقهاء عندما كانت الدعاوى تبت فيها "المحاكم الشرعية" لم يكونوا يصبغون القداسة على آرائهم الفقهية. وأشار أغناج إلى أن إصباغ القداسة جعل امكانيات تطوير وتعديل مدونة الاسرة متعسرا إن لم يكن إشكالية، مع العلم ان مدونة الاسرة من الناحية الدستورية والتشريعية هي قانون عاد، وليست قانونا امتيازيا أو حتى قانونا تنظيميا. وتطرق المحامي إلى أن دستور 2011 ينص في ديباجته في سياق التزامات الدولة المغربية «جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة «، هذه الصياغة يتطلب فهمها التدرب على سباقات قفز الحواجز، لأنها لا تؤدي المعنى الذي ينطبع في الذهن لأول وهلة، كما أن التوجهات القضائية في سمو الاتفاقيات الدولية مترددة كذلك، وذلك يكشف عن الطابع المحافظ، وربما الرجعي للعمل القضائي خصوصا لمحكمة القانون، ومحكمة النقض، مع العلم أن سمو الاتفاقيات هو باب يمكن استعماله من قبل القضاء لتطوير القانون الداخلي، أي مدونة الأسرة. وأثار أغناج نقطة مهمة بشأن أن المغرب لم يعد بلدا مصدرا للمهاجرين وبلد عبور، بل أصبح بلد استقرار للعديد من مواطني دول أجنبية، والقضاء المغربي استقر على تطبيق مدونة الاسرة في حالة المهاجرين المسلمين المقيمين بالمغرب، في حين يوجد هناك غياب واضح لتحديد القواعد المطبقة وجهة الاختصاص بالنسبة للمهاجرين غير المسلمين، والذين أصبحوا جزءا لا يستهان به من سكان المغرب ويشكلون برميل بارود مختبئا يمكن أن ينفجر في أي وقت لأن وضعيتهم غير واضحة قانونيا. الطلاق غير القضائي جديد القانون الفرنسي تباين بشأن قبوله في المغرب وإسبانيا تعتبر التعدد جريمة أثارت مسألة الطلاق الاتفاقي غير القضائي، الذي أضحى معمولا به في فرنسا، نقاشا حادا في الجلسة التي كانت مخصصة لنقاش آثار الأحكام الأجنبية في المادة الأسرية على ضوء الاتفاقيات الدولية، بعد أن أكد عبد العالي حفيظ، مستشار بمحكمة الاستئناف بالرباط، أن فرنسا أضحت تعمل بذلك الطلاق الاتفاقي خارج المسطرة القضائية، عبر تخويل الزوجين إمكانية الاتفاق بموجب عقد عرفي على إنهاء العلاقة الزوجية وتدبير مختلف الآثار المترتبة عن ذلك من حقوق والتزامات لفائدة الطرفين والأولاد من تحديد مبلغ النفقة وكيفية أدائه، وتصفية الأموال المشتركة مع تدخل الموثق إذا تعلق الأمر بأموال قابلة للتسجيل في المحافظة العقارية، وتوزيع المصاريف المترتبة عن الطلاق وفي حال السكوت تقتسم مناصفة بحكم القانون، ويتم ذلك بحضور محامي كل طرف، على أن يتم توقيع الاتفاق من قبل الزوجين والمحاميين، ولا يتم توقيعه من قبل الطرفين إلا بعد مرور 15 يوما من تاريخ التوصل بمشروع الاتفاق من المحامي عبر رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل تحت طائلة بطلان الاتفاق. هذه الصيغة الجديدة للطلاق الاتفاقي في فرنسا، تطرح بعض الإشكالات بالنسبة للمغاربة المقيمين هناك، على اعتبار أن القانون المغربي ومدونة الأسرة لا تعترفا بهذا النوع من الطلاق ولا يمكن تسجيله بالحالة المدنية، رغم أنه في الغالب يخدم مصالح المغاربة في الخارج، كما أن مسألة تذييله بالصيغة التنفيذية تعرف نوعا من الاضطراب، على اعتبار أن بعض المحاكم تأخذ به في حين ترفضه أخرى، واعتبر حفيظ أنه في مثل هذه الحالات يجب الركون إلى الاتفاقيات الثنائية التي تجمع الدولتين وليس إلى القانون. الرفض نفسه جاء في غلاف تساؤلات طرحها ابراهيم باحماني رئيس غرفة بمحكمة النقض، الذي تساءل عن حجية ذلك الطلاق، وعن آثاره واحتساب العدة، مشيرا إلى أن هذا النوع من الطلاق لا يمكن قبوله لأنه ليس ورقة رسمية والقانون المغربي صريح في هذا الشأن. النقطة الثانية التي أثارت النقاش، هي المتعلقة بالزواج المختلط بين المغاربة، التي تناولها نور الدين الإبراهيمي، قاض ملحق بوزارة العدل، أشار إلى أن الزواج المختلط في المغرب يعرف تشتتا بين القوانين ومناشير وزارة العدل، وهناك اختلاف في طريقة التدبير الإداري له، وأشار القاضي إلى أن مدونة الأسرة تضع بعض العراقيل في شأن الزوج الأجنبي غير المسلم، فإنه يشترط إسلامه لإتمام الزواج، كما أنها تشدد في تذييل بعض العقود المبرمة في الخارج بالصيغة التنفيذية، الشيء الذي يتطلب حسبه التعامل مع نصوص القانون بالمرونة مع العقود المبرمة في الخارج. التعدد يعد جريمة في القانون الإسباني، الشيء الذي يطرح إشكالات بشأن الزوجة الثانية في المغرب، هذا ما طرحه ادريس جدي، محام ممارس باسبانيا، بشأن التباين بين القانون المغربي والقانون الإسباني، الذي ينص على أن النظام المالي للزوجين يتم اقتسامه مناصفة، وأن القاضي الاسباني له الحق في معرفة املاك الزوج، مستدلا بقضية كان ينوب فيها، إذ عمد الزوج إلى تقديم وثيقة تحدد راتبه الشهري في 1200 أورو، غير أن القاضي تمكن من خلال الوسائل المتاحة له من معرفة جميع مداخيله وممتلكاته، ليتم منح المطلقة وأبنائها نفقة محترمة، وهو الأمر غير المتوفر في المغرب. أما في إيطاليا، فالقضاء الإيطالي يعتبر حضانة الأطفال والنفقة من اختصاصه، ولا يأخذ بالقانون المغربي، كما أنه في حال النزاعات الأسرية يتم أخذ الأطفال من أسرتهم لتتكفل بهم الدولة، ويصل الأمر إلى المتابعة الجنائية في قضايا النفقة تصل إلى سنة حبسا. الحاجة إلى تعديلات < بعد مرور 15 سنة على مدونة الأسرة هل ترون أن هناك ضرورة إلى تغيير بعض فصولها؟ < خمس عشرة سنة من وجهة نظري كافية لمعرفة مدى ملاءمة أي قانون للواقع المعيش، وكافية أيضا من خلال الممارسة اليومية داخل المحاكم أن تقف على النواقص التي تعانيها وبالنسبة لمدونة الأسرة التي شكلت ثورة مهمة في الميدان التشريعي المغربي. منذ 2004، أظهرت التجربة أن هناك حاجة إلى إدخال تعديلات على مدونة الأسرة بناء على العمل القضائي لمحكمة النقض ومختلف المحاكم المغربية، والذي وقف على عدد من النواقص التي تعتريها، كما أن العمل القضائي في بعض الأحيان زاد من غموض بعض نصوصها، مثال ذلك حرمان طالبة الطلاق للشقاق من المتعة، وأعتقد أن هذا فيه إجحافا للمرأة وإفراغا لمسطرة الشقاق بالنسبة للمرأة من المقاصد التي حتمت سن لجوء الزوجة إلى مسطرة الطلاق للشقاق، والشيء نفسه بالنسبة لتزويج القاصرات، إذ أبان العمل القضائي عن تسامح غير مقبول، ما يتطلب إعادة الحسم فيه بنص قانوني يمنعه بصفة نهائية ولا يتضمن أي استثناءات. < تم الوقوف خلال اللقاء المنظم من قبل وزارة الهجرة على إشكالات خطيرة تعتري تطبيق المدونة، ألا ترون أن هناك تقصيرا في علاج تلك الاشكالات؟ < بالفعل شهد اللقاء الذي امتد يومين الوقوف على الإشكالات المتعلقة بتطبيق مقتضيات مدونة الأسرة على ضوء القانون المقارن والاتفاقيات الدولية، وهي مزاوجة تروم، استحضار آفاق تطبيق هذا النص في الخارج، وأظن أن تلك الإشكالات تتطلب نوعا من الجرأة من قبل المشرع في ملاءمة النص القانوني، مع التطورات التي يعرفها العالم، وبصفة أخص في الحفاظ على حقوق مغاربة العالم، مع الإشارة إلى أن مدونة الاسرة ما هي إلا جانب من جوانب تقنين العلاقات الأسرية وليست حلا لجميع اشكالات الأسرة المغربية، بل هي جزء من منظومة قانونية واجتماعية أشمل، تتطلب من الجميع العمل على تحسينها وتجويدها خدمة للمواطن المغربي، واستجابة للمطلب الملكي في الرسالة الموجهة إلى المشاركين في أشغال المؤتمر الإسلامي الخامس للوزراء المكلفين بالطفولة بتاريخ 21 فبراير 2018 " بالقول " عَمِلْنا على تعزيز تماسك الأسرة، من خلال اعتماد مدونة متقدمة للأسرة، تراعي المصلحة الفضلى للطفل وتصون حقوقه، في كل الظروف والأحوال، داعين إلى مواكبتها بالتقييم والتقويم، لمعالجة النقائص التي أبانت عنها التجربة". < هل يمكن لجمعية هيآت المحامين أن تتبنى ملف تعديل مدونة الأسرة؟ < أظن أنه بعد ما تم الوقوف على بعض النواقص من خلال ما جادت به أفكار عدد من المحامين سواء الذين يعملون بالمغرب، أو خارجه خلال هذا الملتقى، والرسالة الملكية، فإن أولى أولويات جمعية هيآت المحامين تبني الملف، ولهذا تم تكليف عدد من المحامين بإعداد تقرير في الموضوع يتم طرحه في اجتماعات مكتبها للخروج بتوصيات ترفع من مكتب الجمعية إلى الجهات المختصة. * رئيس جمعية هيآت المحامين بالمغرب الطلاق والولاية... الهوة معاناة مغاربة العالم بسبب التناقضات بين القانون المغربي والاتفاقيات الدولية لم تتوقف معاناة مغاربة العالم مع بعض القصور الذي تعرفه مدونة الأسرة في نطاق الزواج المختلط، بل امتدت إلى حقوق الأطفال التي يفترض أن تحظى بأولوية الاهتمام وأن تكون هناك مرونة سواء من قبل القانون المغربي أو قانون البلد الذي يوجد فيه الزوجان، غير أن الواقع العملي يفيد غير ذلك. فالقانون الفرنسي يرفض في حالات عدة تطبيق اتفاقية التعاون القضائي مع المغرب المبرمة في 1981، في عدد من النقاط، حسب ما أكدته بشرى العاصمي، محامية بهيأة المحامين بمراكش، التي تناولت في حديثها مسألة "الطلاق وآثاره على الأطفال"، إذ أكدت أنه في حالات عدة يرفض القضاء الفرنسي تطبيق اتفاقية لاهاي في شأن الطلاق بالنسبة إلى المغاربة المقيمين فوق أراضيها، سواء كانا مغربيين أو أحدهما مغربي والآخر أجنبي، وغالبا ما تعمل على تطبيق القانون الفرنسي، وتعيد البت في قضايا سبق للقضاء المغربي أن بت فيها، كما ترفض تذييل الأحكام الصادرة في المغرب في شأن الطلاق وحضانة الأطفال، إذ لم يعد المتحكم هو الجنسية بل انتقل القضاء الفرنسي إلى اعتماد معيار الإقامة في شرط تطبيق القانون الفرنسي، الشيء الذي يتطلب حسب المحامية الدفاع عن حقوق مغاربة، من خلال العمل على وجوب التقيد بالاتفاقيات الثنائية سواء من الجانب المغربي أو الفرنسي، و الدفاع عن حقوق الأقليات الإسلامية في اختيار القانون الذي ترغب في تطبيقه خاصة في بعض قضايا الأحوال الشخصية التي تتعارض مع الخصوصية الإسلامية، واعتراف الدول الأوربية بأحقية الأقليات المسلمة في تطبيق قوانين خاصة بها. التعقيدات التي يلاقيها مغاربة فرنسا قد لا تكون بالحدة نفسها في ألمانيا التي تعتمد إجراءات بسيطة في ما يخص الزواج والطلاق، وتعتبر أن المحكمة المسند إليها النظر في تلك القضايا هي محكمة الإقامة، والطلاق يوقعه حسب ما جاء في حديث أحمد أريوش محام مغربي بألمانيا، كما يفترض في مسطرة الطلاق بالنسبة للجميع سواء ألمان أو أجانب أن يكون هناك انفصال جسماني بين الزوجين، لسنة قبل الخوض في تلك الإجراءات، يتم تبليغه للجهات المعنية، وهي مسألة حسب ابراهيم بحماني، رئيس غرفة الأحوال الشخصية والميراث بمحكمة النقض، غير موجودة في المغرب وغير مقبولة على الإطلاق لا من حيث القانون الوضعي أو الشريعة الإسلامية. تونس التي تتقاسم القرب الجغرافي مع المغرب، استطاعت أن تحقق مكاسب مهمة للمرأة في شأن ولاية الحاضنة، بعد الطلاق، على أطفالها وأضحت تملك قانونا متفردا ومتميزا في حقوق المرأة والطفل. عملية ابتزاز أكدت فاطمة الزهراء مفرح، محامية بتونس، أنه في الوقت الذي تسند للمطلقة حق حضانة أبنائها، تكون لها الولاية الإدارية والمالية على حقوقهم، وجميع صلاحيات الولي الشرعي انطلاقا من التصرف في حساباتهم المالية والإدارية فهي صاحبة القرار، بخلاف القانون المغربي الذي يضع العديد من القيود أمام الأم الحاضنة، بمنح الأب أو الولي حق مراقبتها بل إنها في حالات عدة تقع تحت عملية ابتزاز، متسائلة عن المساواة، إذ رغم حق المرأة في الحضانة فالمشرع يجعلها دائما تحت رحمة الولي سواء في التسيير المالي أو الإداري لحقوق الطفل. اختطاف الأطفال...أي قانون يطبق؟ مدونة الأسرة منحت القاصر البالغ 15 سنة حق الاختيار تقع إشكالات مهمة بعد الطلاق في شأن حضانة الأطفال خاصة عندما يكون هناك نزاع بين الأبوين، فيكون هناك تضارب بشأن إما اعتماد قواعد موضوعية مسبقة لتحديد مستحقيها أو اعتماد مصلحة الطفل الفضلى محددا أساسيا، بالإضافة إلى دور اختلاف جنسية الأبوين في تأجيج الصراع واستعمال الحدود بين الدول دافعا لنقل الأطفال بشكل غير مشروع وغالبا ما تثار بين الأبوين قضايا من قبيل اختطاف الأطفال وتهريبهم. واعتبر حسن إبراهيمي، قاض ملحق برئاسة النيابة العامة، أن الاتفاقيات الدولية تسمو على القوانين الوطنية في شأن حماية الأطفال من الاختطاف، مشيرا إلى أن هناك قرارات عدة لمحكمة النقض سارت في ذلك الاتجاه، وتفعيل الاتفاقيات لمصلحة الطفل، وتطرق خلال المداخلة التي همت ورشة حماية الأطفال على ضوء الاتفاقيات الدولية، إلى فلسفة الاتفاقيات الدولية خاصة اتفاقية لاهاي في حماية حقوق الطفل، من خلال التأكيد على أن المحكمة المختصة للنظر في قضايا الحضانة والنفقة هي المحكمة الاعتيادية لمكان إقامة الطفل. غير أنه في حالات عدة يتم الدوس على تلك الاتفاقيات، وتساءل ابراهيمي هل هناك شرط توفر الجنسية في تسليم الأطفال بشأن الاتفاقية المبرمة بين المغرب وفرنسا، مستدلا على قرار لمحكمة النقض لم يطبق الاتفاقية الفرنسية لزوجة برتغالية وزوج مغربي، وكان يفترض من وجهة نظره أن تعمل محكمة النقض على إصدار اجتهاد قضائي في النازلة لحل الإشكالية، على اعتبار أن المادة 25 من تلك الاتفاقية التي تتطلب توفر إما الجنسية الفرنسية أو المغربية لتطبيقها لم تحدد هل الأمر يخص جنسية الأبوين أم الطفل في إطار تغليب المصلحة الفضلى للطفل، وهي النقطة التي أثارت ابراهيم بحماني رئيس غرفة بمحكمة النقض، الذي رد عليها بالقول إن تلك القضية لما عرضت على محكمة النقض لم يتم الاستدلال بتلك الاتفاقية، ومحكمة النقض محكمة قانون. إعمال اتفاقيات حقوق الطفل بالمغرب، كان عنوان مداخلة عبد الكبير طبيح، محام بهيأة البيضاء، الذي تحدث عن السياق التاريخي الذي صاحب حقوق الطفل في المغرب ابتداء من 1993، وإنشاء المرصد الوطني لحقوق الطفل الذي شكل نقطة الانطلاق لتحقيق العديد من المكتسبات بشأن الأطفال، والتي توجت بقانون الجنسية الذي منح المرأة المغربية حق منح جنسيتها لابنها، إضافة إلى ما حملته مدونة الأسرة من نصوص تصب في خانة المصلحة الفضلى للطفل، غير أن التطبيق الواقعي أفرغ تلك النصوص من مضمونها، ففي مسألة السكن تحدث النص عن بقاء الطفل وأمه في السكن بعد الطلاق، إلا أن الأحكام القضائية خالفت ذلك ولم تراع المصلحة الفضلى لهما، كما أن القانون في إطار المصلحة الفضلى، أقر مبدأ الابن للفراش وغيرها من الضمانات التي تستوجب أن يتم استغلالها حماية للأطفال. وتساءل طبيح ألم يحن الوقت ليصبح للطفل حق اتخاذ القرار في شأن رغبته في اختيار مع من يريد البقاء وحتى في اختيار النسب، وهي أمور تتطلب جرأة من المشرع، اعتبارا للمصلحة الفضلى للطفل. اختيار الطفل لحاضنه أثارت البحماني الذي تساءل هو الآخر عن المعايير التي يمكن اعتمادها لأخذ رأي الطفل، وما مدى قدرته على الإدراك والتمييز، مشيرا إلى أن مدونة الأسرة منحت القاصر البالغ 15 سنة ذلك الحق. الكفالة في إسبانيا تطرح مسألة الكفالة في اسبانيا بالنسبة للمغاربة المقيمين هناك إشكاليات حقيقية، رغم ما توفره اتفاقية لاهاي من آليات للتعاون بين الدول في هذه النقاط وإرساء مبدأ الاستشارة القبلية المنصوص عليها في المادة 33 من الاتفاقية، وأكد أحمد بنسعيد بنطاهر أن هناك مشاكل عدة تتمحور في مجملها في حق الطفل المكفول في الولوج إلى دولة كافله بدون عراقيل واستفادته من التجمع العائلي الذي تتشدد بخصوص إسبانيا، إذ المكفول لا يمكن له الحصول على الجنسية الاسبانية في حال حصول الكفيل على الجنسية، وهو مخالف للقانون أضف إلى ذلك أن القانون الإسباني في شأن التجمع العائلي يشترط أن يكون الطفل أو القاصر في وضعية هشة، كما أن القانون الإسباني لا يعترف بالكفالة كما هو منصوص عليها في القانون المغربي، بل إنها تتحول إلى تبني الشيء الذي يوقع الكفيل في تناقضات بين القانون المغربي والقانون الإسباني، ما يتطلب البحث عن حلول لكي يستفيد المكفول من التجمع العائلي ويضمن استمرار وضعيته القانونية هناك والاستفادة من المساعدات الاجتماعية وضمان تتبع وضعيته. الطفل يحدد مصيره في بريطانيا أكد مصطفى العمراني، محام مغربي أن القواعد القانونية المطبقة في بريطانيا توجب عيش الطفل مع والديه، إلا أنه في حالة الطلاق أو الانفصال وفي حالة رغبة أحد الوالدين أخذ الطفل معه في سفر خارج مكان الإقامة، فلا بد من الحصول على إذن كتابي، إذا زادت المدة عن 28 يوما، في حالة وجود طلاق دون حكم قضائي. وينص القانون البريطاني على المصلحة الفضلى للطفل، فالقاضي ملزم بالاستماع الى رغبة الطفل منذ بلوغه اثنتي عشر سنة، وفي حالة اختطاف الطفل من قبل أحد الأبوين والهروب به خارج انجلترا إلى دولة لا تطبق اتفاقية لاهاي، يتم تطبيق قانون تلك الدولة. القضاء الأسري أثبت مكانته أكد مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن محكمة النقض تضع في صلب رؤيتها الإستراتيجية، وضع كل الآليات للسهر على حماية وضمان حقوق مغاربة العالم، مكونا أساسيا للمجتمع المغربي والتفكير في حلول ومقاربات تراعي خصوصية لواقعهم وهشاشة أوضاع فئات كبيرة منهم. وقال في كلمة خلال افتتاح أشغال ندوة حول موضوع "مدونة الأسرة على ضوء القانون المقارن والاتفاقيات الدولية"، تلاها بالنيابة عنه حسن فتوخ المستشار بمحكمة النقض، إنه على امتداد خمس عشرة سنة أظهر فيها القضاء الأسري المغربي قدرته على اخضاع القانون لسنة التطور وعلى تقريب المسافة بين الحقيقة الواقعية والحقيقة القانونية، والتفاعل الأجنبي مع التحولات الاجتماعية والثقافية والتعامل السلس مع القضايا الأسرية ذات البعد الدولي، خاصة تلك المتعلقة بمغاربة العام، وعلى مستوى محكمة النقض باعتبارها على رأس الهرم القضائي المغربي لم تدخر جهدا على مستوى الادارة القضائية من اجل تجنيد الخدمات وتحقيق المجاعة والحرص على التطبيق العادل للقانون بمعايير دولية ولمقاربة حقوقية تعمل على كفالة حقوق المغاربة عبر العالم وإيجاد حلول للإشكاليات، التي تثير النظم والأنساق القانونية وتضارب مفهوم النظام العام وتأثير ذلك على الاسرة المغربية. ازدواجية المرجعية في ميدان الأسرة أكد محمد عبد النباوي، الوكيل العام لمحكمة النقض رئيس النيابة العامة، أن مقاربة قانون الأسرة المغربي على ضوء القانون المقارن والاتفاقيات الدولية، بقدر ما تفتح آفاق تطوير هذا النص من خلال استحضار الممارسات التشريعية والقضائية المقارنة، واستلهام المبادئ المرجعية للاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالموضوع، والتي يعد المغرب نموذجا رائدا للانخراط الواعي والمسؤول في أهمها، وسباقة على الصعيدين العربي والإسلامي، فإنها تكشف عن العراقيل والصعوبات التي تعترض تطبيق المدونة على الأسر المغربية المقيمة بدول المهجر. وأضاف الوكيل العام أن الإشكال يرجع بالأساس إلى ازدواجية المرجعية المتحكمة في ميدان الأسرة واختلافها بين الأنظمة ذات المرجعيات الدينية، والأنظمة العلمانية، بتبني الأولى بالأساس حلولا ذات مرجعية دينية عقائدية في العديد من المواضيع الأسرية، وباختيار الثانية توجهات تستبعد أي تمييز أساسه ديانة أو جنس الشخص، وتمنح نوعا من التقديس المفرط لمفهوم الحرية الشخصية، وتصوراً مثالياً للمساواة بين طرفي العلاقة الأسرية. وهو ما جعل حسب عبد النباوي الأسر المغربية في دول الاستقبال تعيش تأرجحا بين هاجس الحفاظ على هويتها وثقافتها الوطنية، والتي يعكسها تطبيق القانون الوطني المغربي على أحوالهم الشخصية من جهة، وسياسة الإدماج والاستيعاب التي تمارسها سلطات بلد الإقامة من خلال إحلال قانون الإقامة والموطن محل القانون الوطني ضابطا للإسناد في المسائل الأسرية من جهة أخرى. وهي الميزة التي طبعت العديد من تشريعات الدول الأوربية في مجال القانون الدولي الخاص في السنوات الأخيرة. وهو ما ساهم في تضييق مجال تطبيق قانون الأسرة المغربي على المواطنين المغاربة بالدول المعنية. تحول جذري في التعاطي مع الأحوال الشخصية أكد محمد أوجار، وزير العدل، أن الملتقى القانوني تزامن مع استكمال مدونة الأسرة خلال الأسبوع الماضي، لخمس عشرة سنة من التطبيق، بما تضمنته من مقتضيات مستلهمة من قواعد الشريعة الإسلامية السمحاء والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وأضاف أن هناك تحولا جذريا في تعاطي المشرع المغربي مع القواعد التي تنظم مجال الأحوال الشخصية ليس فقط بالنسبة للمقيمين منهم داخل المغرب، بل امتدت لتشمل أولئك المقيمين بالخارج، إذ لأول مرة يتضمن نص تشريعي بحجم مدونة الأسرة مقتضيات خاصة بهم تجسد الاعتراف بخصوصية وضعيتهم في بلدان الإقامة، و"ذلك من خلال السماح لهم بإبرام عقود زواجهم طبقا للإجراءات الإدارية المحلية لبلد الإقامة، وهو ما كان له الأثر الإيجابي الكبير في رفع الكثير من العنت عنهم وساهم في ملاءمة وضعيتهم الأسرية بين قوانين بلدان الإقامة وقانون أحوالهم الشخصية". وأشار الوزير إلى أن وزارة العدل عملت خلال ثلاث السنوات السابقة على الدعوة لانعقاد لجنة بين وزارية، انصبت أشغالها على دراسة الإشكاليات ذات الصلة بالموضوع وإيجاد الحلول الملائمة لها، وتمخضت أشغالها عن توقيع دورية مشتركة من قبل وزراء العدل والداخلية والخارجية والجالية، وتعززت هذه اللجنة في السنة الأخيرة بحضور ممثل عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية وممثل عن رئاسة النيابة العامة. الاجتهاد والنقاش ضروريان أكد عبد الكريم بنعتيق، الوزير المكلف بالجالية، أن قناعة تنظيم الملتقى الثالث للمحامين المغاربة المقيمين بالخارج، ترجمت انطلاقا من توجيهات الملك محمد السادس الذي له اهتمام خاص واستثنائي بمغاربة العالم"، قائلا "5 ملايين من المغاربة يعيشون في مجموعة من القارات وأساسا في أوربا، و13 في المائة من سكان المغرب لهم ثقل ووزن سواء في ارتباطهم بالوطن الأم أو بحضورهم في مجموعة من المواقع لصناعة القرارات ذات الطابع الاقتصادي أو الاجتماعي أو الخدماتي أو الثقافي". وأشار بنعتيق إلى أن اختيار موضوع الندوة يقارب قانون الأسرة على ضوء القانون المقارن والاتفاقيات الدولية، وهي مزاوجة تروم تطبيق هذا النص في الخارج، وقدرته على الصمود من جهة أخرى والكشف عن موقف القضاء المغربي بخصوص آثار الأحكام الصادرة عن محاكم وسلطات دول الاستقبال في المادة الأسرية، مشددا على أن الاجتهاد والنقاش يجب أن يكونا حاضرين في مدونة الأسرة، وألا يكونا بمنطق التحفظ، " في بعض الأحيان الاجتهاد الذي سيكون محط خوف أو نقاش صعب هو بمثابة خطة طريق نحو المستقبل".

مدونة الأسرة … حتمية التغيير

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أخنوش ينوه بالشراكة الجديدة بين المغرب والاتحاد الأوربي

الحمام العمومي ... مرضى السكري معرضون للميكروبات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات