ماركو … دون كورليون المغربي

لا أحد يعرف مصدر ثروته المشبوهة والكل يجمع على شهامته ودماثة أخلاقه لا حديث في الأسابيع الماضية إلا عن ماركو، الملياردير المغربي الذي قتل أمام مدخل منزله بماربيا الإسبانية، وهو على متن سيارته «البنتلي»، بعد أن تلقى أكثر من 15 رصاصة من رشاش أوتوماتيكي، دون أن يتمكن الأمن الإسباني من معرفة الجناة (إلى حدود كتابة هذه السطور). لا أحد يعرف مصدر الثروة الضخمة لماركو، التي اكتسبها على مر السنوات، منذ هاجر من خريبكة، حيث نشأ، ووصل إلى العديد من بلدان وعواصم العالم، آخرها إسبانيا، حيث كان يملك بالمرفأ السياحي المترف «بويرتو بانوس»، العديد من مقاهي الشيشة و»الكباريهات»، من بينها ملهى «روتانا» الشهير، الذي كان يرتاده العديد من الفنانين المغاربة والعرب، أو «تيبو» و «لينكرز»، اللذان استضافا نجوم العالم، مثل بروفيسور غرين، مغني الراب البريطاني الشهير، ومواطنه مارك رايت، مقدم البرامج المعروف، إضافة إلى امتلاكه «فرانشيز» علامة «لامارتينا»، الأرجنتينية الشهيرة، في إسبانيا، وهو ما جعله من أهم رجال الأعمال والمستثمرين في منطقة «كوسطا ديل صول» السياحية، التي يقصدها أصحاب الثروات من جميع بلدان العالم. يحمل ماركو، واسمه الحقيقي عبد الهادي ياقوت، الجنسيتين الإسبانية والإنجليزية، إلى جانب جنسيته المغربية. لذلك شكل مقتله الحدث بالنسبة إلى وسائل الإعلام سواء في إسبانيا أو بريطانيا، حيث تحدثت جريدة «ذو ديلي ميرور» البريطانية ذائعة الصيت، عن جريمة قتله وعن شراكته مع محمد الفايد، الملياردير البريطاني من أصول مصرية، ووالد دودي الفايد الذي كان على علاقة بالأميرة الراحلة ديانا، وصاحب محلات «هارودز» الشهيرة، دون أن تعطي تفاصيل عن نوعية الشراكة، في الوقت الذي تحدثت صحف أخرى عن عمله محاسبا لدى مكتب الفايد، قبل أن يختلس مبالغ مالية مهمة كان لها الفضل في انطلاقته في عالم المال والأعمال. ورغم مصدر ثروته المشبوه، والحديث عن ارتباطات متشعبة له بمافيا المخدرات والتهريب وتبييض الأموال، إلا أن ماركو كان يحظى باحترام وحب كبيرين من كل معارفه، ليس فقط لأنه كان «كا يتهلى» ويمنح المال والهدايا بدون حساب، بل لأنه «كان رجولة» ولديه مواقف شهمة ونبيلة مع الصغير قبل الكبير، يقول أحد الفنانين الذين ارتبطوا بعلاقة صداقة مع الرجل، الذي يعرف في الأوساط «المافيوزية» ب»عرّاب» ماربيا، في إشارة إلى شخصية دون كورليون التي لعبها الممثل مارلون براندو في الفيلم الشهير الذي يحمل الاسم نفسه، والذي أخرجه فرانسيس فورد كوبولا. لم يكن ماركو يتوانى عن إسداء أي خدمة، مهما كبر أو صغر شأنها، لكل من احتاجه من المغاربة الذين تطأ أقدامهم إسبانيا، ولم يكن يتردد في الإجابة عن مكالمات مجهولة المصدر في ساعات متأخرة من الليل، خوفا من أن يكون صاحبها في حاجة أو ضيق. كما كان محبوبا ومهاب الجانب من طرف أغلب أصحاب الملاهي الليلية الموجودة في «بويرتو بانوس»، على اختلاف جنسياتهم، الذين كانوا يحتكمون إليه في الخصومات ويلجؤون إليه في «الشاذة والفاذة»، إلى درجة أنهم أقفلوا أبواب محلاتهم أسبوعا بعد مقتله، احتجاجا على عدم توصل السلطات الإسبانية إلى معرفة هوية الجاني. ومثلما ارتبط بعلاقات صداقة مع الفنانين المغاربة والأجانب، كانت لماركو، الذي توفي وهو على مشارف الخمسين (كان يبلغ من العمر 49 سنة)، علاقات صداقات واسعة مع أمنيين ومحامين وقضاة ونافذين في الدولة، الذين كان عدد كبير منهم شريكا له في عدد من المشاريع وكانوا يعتبرونه واسطتهم ومصدر ثقتهم من أجل شراء الأملاك والعقارات خارج المغرب وتهريب الأموال وإقامة المشاريع والحصول على «الهوتات»، مثلما سبق أن أكدت «الصباح» في مقال سابق، وفقا لمصادرها، التي رجحت أن تكون جريمة القتل لها علاقة بتصفية حسابات، خاصة أن الراحل كان متورطا مع «مافيا» في هولندا وفرنسا وبريطانيا، وكان المتحكم الأول والأكبر في المنطقة الموجودة بين الشمال المغربي والجنوب الإسباني. جمعت شخصية ماركو بين القوة والبطش من جهة، والعطف والحنان من جهة أخرى. فقد كان لا يرحم في مجال عمله، وربما بسبب ذلك تمت تصفيته. أما على مستوى علاقاته الشخصية، فكان يتسم بالشهامة ودماثة الأخلاق. ويكاد كل من عرفه من قريب أو بعيد، يجمع على أنه شخص ودود، «الله يعمرها دار» و»صاحب صاحبو»، مع أن العديدين لا يعرفون الكثير عن حياته الخاصة، سوى أنه مطلق ولديه بنت وولد، إضافة إلى إخوته المنتشرين في عدد من بلدان العالم، ووالديه اللذين ما زالا يعيشان في خريبكة، رغم أن أصول والده تعود إلى «مزاب»، وبالضبط من منطقة ابن أحمد، التي يتحدر منها أيضا رجل الأعمال والبرلماني عبد اللطيف مرداس، الذي ارتبط معه بعلاقة صداقة وشراكة، وقتل بطريقة مشابهة تماما أمام مدخل «فيلته» بالبيضاء. نورا الفواري

ماركو … دون كورليون المغربي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ســفــراء الإجــــرام

سفراء الإجرام ... السكاكي والفايد والنيني

مقالات ذات صلة