أعياد “غير المسلمين” … احتفاء وتحريم

المحتفلون يعتبرونها مناسبة للفرح والمقاطعون يرون فيها استلابا يتعارض مع الهوية الدينية بمجرد حلول دجنبر من كل سنة، تلبس المدن المغربية الكبرى، على الأقل، رداء الاحتفال، وتشرع، على غرار العديد من المدن، عبر دول المعمور، في الاستعداد، رويدا، لاستقبال العام الجديد. زينة احتفالات رأس السنة الميلادية، تطغى على الشوارع، مصابيح متعددة الألوان، ومجسمات صغيرة وعلب الهدايا تطل من الواجهات الزجاجية، قبل أن تعرف المخابز العصرية وحتى التقليدية وأفران الأحياء الشعبية، رواجا استثنائيا في العشر الأواخر من الشهر، يكاد يضاهي ذلك المسجل طيلة رمضان، فعديدة هي الأسر التي تتهافت على اقتناء حلوى السنة الجديدة وترسم تفاصيل برنامجها للاحتفال. مناسبة للفرح «عيد النصارى، ميلاد المسيح، عيد اليهود.. ومن بعد؟»، تتساءل لطيفة، مستخدمة بالقطاع الخاص مضيفة «ألسنا ندين بدين الإسلام الذي يعترف بكل الديانات السماوية ويقدرها ويعترف برسلها وأنبيائها؟ ألسنا ندين بدين السلام والمحبة والتسامح والإخاء، فما المشكل بالتالي، إن احتفلنا برأس السنة الميلادية، وأين العيب أو الكفر في أن نقتني لأطفالنا شجرة الميلاد، تقطع رتابة وروتين الأيام العادية؟». تؤكد لطيفة أنها لا تجد حرجا لا من الناحية الدينية ولا حتى أعراف المجتمع في أن تحتفل بالعام الجديد «في السابق، أي قبل أن أتزوج، كنا نحرص كل سنة على إقامة حفلة عائلية، كل مرة كانت تقام بمنزل إحدى قريباتنا، تقام وليمة عائلية كبرى، وعشاء فاخر، يليه سمر حقيقي على أنغام الموسيقى الشعبية، وفي الختام، نتقاسم قطع الحلوى، أذكر أن والدتي كانت تتمنى للجميع أن تكون سنته حلوة كنصيبه من القطعة التي يحصل عليها في نهاية السهرة وأن يكون العام الجديد مليئا بالفرح، وما زلنا إلى اليوم نجتمع سنويا، لاستقبال العام الجديد ونحن عائلة واحدة». مراد، مهندس دولة، يؤكد من جانبه أن الاحتفال برأس السنة، عند ملايين المغاربة، لا علاقة له أبدا بالدين ومتاهات الحلال والحرام، التي لا تسلم منها حتى احتفالات المسلمين أنفسهم، «وأقصد هنا احتفالات المولد النبوي، التي يحرمها العديدون، باسم الدين دوما». يشرح مراد أن الأمر لا يغدو أن يكون مناسبة للفرح «وما أحوجنا اليوم جميعا للفرح، وبالتالي سنحتفل بالسنة الميلادية، وسنفرح لقدوم رمضان، وعيدي الفطر والأضحى، وسنحتفل أيضا بالسنة الهجرية، وبذكرى المولد النبوي وغيرها، فكل المناسبات مرحب بها ما دامت تنثر الفرح والسعادة». "لا لمظاهر الاستلاب" بعيدا عن فئة المحتفلين المنتمين إلى مختلف الطبقات الاجتماعية، تصر فئة ثانية على مقاطعة كل الأعياد المرتبطة بديانات أخرى، وفي الوقت الذي يبرر فيه بعض من هؤلاء المقاطعين موقفهم، بأسباب دينية يدخلونها في باب المحرمات، تعتبر فئة ثانية أن إحجامها عن الاحتفال هو رد فعل طبيعي لثقافة التقليد الأعمى التي تقول إن الغرب يسعى إلى نشره. «لم أحتفل يوما ولن أحتفل برأس السنة الهجرية»، يقول طارق، الطالب بالسنة الثالثة في كلية الحقوق بالرباط مستدركا بالقول «هذا لا يعني أنني أحتقر المسيحية أو المسيحيين وأبخس ديانتهم، قطعا لا، لكن أتساءل فقط لماذا لا يسعون هم الآخرون إلى تقليدنا والاقتداء بنا خلال رمضان، أو عيد الأضحى، وأتساءل جديا لماذا مظاهر الاحتفال التي تنطلق أسابيع قبل حلول السنة الجديدة، تختفي عندما يتعلق الأمر بالسنة الهجرية، أي تقويم المسلمين؟» محمد أمين، أستاذ الرياضيات، يصر هو الآخر على أنه ليس ممن يحرم أو ينهى عن الاحتفال برأس السنة الميلادية، «ولكني أيضا لست ممن يباركون للمعارف والأصدقاء بحلولها، ولا أشارك الصور مع شجرة الميلاد أو حلوى «la buche» منتصف ليلة 31 دجنبر». موقف يقول الأستاذ الشاب، إنه من كونه لا يرغب في أن يعيش مستلبا يخضع لمنطق ورغبات الآخرين، ويشارك في مهرجان استهلاكي وهو مسلوب الإرادة «فدعاة الاحتفال باسم الفرح والسعادة، لهم أن يحتفلوا متى شاؤوا من السنة، أما انتظار يوم بالذات لتقاسم المتمنيات الطيبة وقطع الحلوى، يجعل منا مجرد مهرجين في مسرحية، نلعب فيها أدوار الكومبارس، بل ربما لا نرقى لأن نكون مجرد ديكور». هجر المغلي

أعياد “غير المسلمين” … احتفاء وتحريم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفكيك شبكات السمسرة في "راميد"

الكيف بالبوادي والشيرا بالأحياء الشعبية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات