ملفات ساخنة تنتظر فرانسوا هولاند

الساكن الجديد لـ "الإليزي" أكد تبنيه طريقة جديدة لإدارة شؤون البلاد بعد اختيار الفرنسيين فرانسوا هولاند رئيسا جديدا لفرنسا، وحصوله على نسبة 9.51 في المائة مقابل 48.1 في المائة للرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي، اتجهت الأنظار لمحاولة رصد السياسات المتوقعة للرئيس الجديد، الذي يتوج أول رئيس اشتراكي لفرنسا يسكن قصرالإليزي منذ 17 عاما، وثاني رئيس اشتراكي في الجمهورية الفرنسية الخامسة، بعد نجاحه في الإطاحة باليمين من رئاسة الإليزي ووضع كلمة النهاية لما يعرف ب «الساركوزية». وأكد فرانسوا هولاند ، أنه سيعمل على تبني طريقة جديدة لإدارة شؤون البلاد، ترتكز على العدالة والاستحقاق، بحيث يتحقق التلاحم بين جميع الفرنسيين، كما تعهد أن يكون رئيسا عاديا، ديناميكيا، يتعالى على الفوضى، ويتمتع بمصداقية في مواجهة الأزمة الاقتصادية، ويضع اهتمامه الأول من أجل الشباب وتحقيق العدالة.وأظهر آخر استطلاع للرأي أجراه معهد «إيفوب»، عقب فوز الرئيس الاشتراكي هولاند، أن اليسار سيحصل خلال الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في يونيو القادم على نحو 44 في المائة من إجمالي الأصوات، مقابل 32 في المائة لليمين و18 في المائة للجبهة الوطنية.ويرى المراقبون أن هناك العديد من الملفات الساخنة التي تنتظر الرئيس الجديد، والتي تحتل أولوية قصوى في أجندته الرئاسية سواء داخليا أو خارجيا. وسيكون أول هذه الملفات اختيار رئيس حكومة جديد، فرغم أن هولاند لم يعط أي إشارة عن رئيس الحكومة الذي سيختاره، غير أن الأنظار تتجه إلى جان مارك أيرو، رئيس الكتلة النيابية الاشتراكية في الجمعية الوطنية، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، أهمها العلاقة القوية التي تربطه بالرئيس هولاند، إذ أنه كان من أكثر داعميه خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي، في الوقت الذي كانت تنهال عليه مختلف أنواع الانتقادات من الموالين لمارتين أوبري، منافسة هولاند في الانتخابات التمهيدية.ويؤكد الرئيس الفرنسي المنتخب فرانسوا هولاند أنه لن يكرر تجربة ساركوزي في الهيمنة على مساحات عمل رئيس الحكومة، بل إنه يعتزم ترك هامش أكبر لرئيس حكومته المقبل في إطار احترام الاختصاصات.ويرى المراقبون أنه إذا اختار هولاند جان مارك أيرو، فإنه سيكون أمام رئيس حكومة متوافق معه بدرجة كبيرة ينفذ توجيهاته وسياساته دون صراع محتمل في الأفق، سيما أن أيرو عمل منذ أسابيع على صياغة دراسات خاصة بالبرامج والإجراءات العاجلة التي على الحكومة المقبلة القيام بها، سواء على المستوى التشريعي أو الإداري المتعلق بتنظيم الدولة.ورغم تأكيده الحفاظ على منح 30 ألف إقامة شرعية سنويا، أبرز هولاند رفضه الشديد لوجود مهاجرين «غير شرعيين» على الأراضى الفرنسية، مشيرا إلى عدم قبوله بوجود هؤلاء المهاجرين حتى وإن كانوا يعانون البؤس والكرب طالما لم تتوافر الشروط القانونية والشرعية لإقامتهم في البلاد.وشدد هولاند على سعيه لمكافحة الهجرة غير الشرعية على الجبهة الاقتصادية، إذ قال إنه «ليس من الصواب أن يشغل عدد معين من أصحاب الأعمال مهاجرين غير شرعيين».أما على الصعيد الخارجي، فتأتي على رأس اهتمامات الرئيس الجديد فرانسوا هولاند إعادة التفاوض بشأن معاهدة الاتحاد الأوربي للنمو المالي، والتي وقعها الرئيس ساركوزي، لتضمينها إجراءات من أجل النمو والتوظيف بدلا من التقشف، لذلك أعلن هولاند أنه سيخص برلين بأولى زياراته الرئاسية في 19 مايو الجاري على الأرجح، لمحاولة إقناع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل برؤيته في مراجعة قلما توافق عليها.ومن أبرز ما يعتزم الرئيس هولاند القيام به تنفيذ تعهده الانتخابي بسحب القوات المقاتلة الفرنسية المشاركة في القوات الدولية بأفغانستان قبل نهاية 2012 في حين كان ساركوزي لا يخطط لسحبها قبل نهاية 2013.وفيما يتعلق بدول الربيع العربي، يتوقع أن يحدث هولاند «تغييرا جذريا يخص العلاقات الفرنسية مع الدول العربية من منطلق النظرة الاشتراكية واليسارية لحقوق الإنسان والشعوب»، وذلك وفق ما جاء على لسان آلان أموني، المتحدث الرسمي للحزب الاشتراكي، الذي أكد أن سياسات هولاند ستكون أكثر راديكالية وفاعلية. وأكد أموني أن الاشتراكيين يساندون ثورة الشعب المصري، وأن هولاند سيدعم الحكومة المقبلة المنتخبة في مصر ديمقراطيا لدعم موقف القاهرة التاريخي في المنطقة لمساعدتها على نزع آثار الديكتاتورية عن كاهلها، والتي عاناها المصريون طيلة عقود.وفي مقابل ذلك، تنظر السلطات الجديدة إلى رحيل ساركوزي عن الحكم بوصفه نقطة تحول مفصلية تمهد لقطيعة مع «ممارسات الماضي»، واغتنام فوز اليسار من أجل التأسيس لعلاقات ندية، بعيدا عن فكر الوصاية الاستعماري الذي انتهجته فرنسا «الساركوزية». أما الدول المغاربية التي تربطها بفرنسا علاقات وثيقة، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، بفعل التقارب الجغرافي ووجود جاليات مغاربية في فرنسا تفوق 7 ملايين مهاجر، فتشهد موجات تفاؤل كبيرة بأن تؤسس عودة اليسار إلى الحكم لفتح صفحة جديدة في العلاقات مع فرنسا، خاصة أن فوز هولاند قد ينهي، على الأقل في خمس سنوات المقبلة، المخاوف التي كان يثيرها خطاب ساركوزي في موضوع الهجرة ووضع المهاجرين في فرنسا.وبالنسبة إلى موضوع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فيتوقع أن يمضي هولاند في اتجاه أكثر اعتدالا بالمقارنة مع نيكولا ساركوزي الذي عرف بدفاعه الدائم عن إسرائيل وموالاته لها، غير أن هولاند يضع زيارة إسرائيل على جدول أعماله ويذكر دائما بأنه يرغب فى الوصول إلى «السلام بين إسرائيل والفلسطينيين» على أساس إقامة دولتين جارتين تتمتعان بالسيادة وتحترم كل واحدة منها شرعية الأخرى. وفيما يتعلق بعلاقات فرنسا بإفريقيا، أكد هولاند أنه سيقوم بتبني سياسة جديدة تجاه القارة الإفريقية، مشيرا إلى أنه سيعمل على أن تبنى هذه العلاقات «على المبادىء خاصة مبدأ التضامن على أساس سياسة تشمل الاقتصاد ولكن أيضا اللغة»، واصفا الفرنكفونية بأنها «العنصر فائق الأهمية في السياسة الفرنسية إزاء إفريقيا»، مؤكدا ضرورة التخلي عن سياسة فرنسا الإفريقية التي تمتزج فيها الدبلوماسية بصفقات الأعمال.وبصورة عامة، يتوقع أن يعمل الرئيس هولاند خلال خمس سنوات المقبلة على اتباع سياسات ذات صبغة اشتراكية تختلف بدرجة كبيرة عما كان يتبعه الرئيس السابق ساركوزي، بحيث يشعر المواطن الفرنسي بحدوث تغير ملحوظ سواء في مستوى معيشته أو في أوضاع بلاده بشكل عام. كما يتوقع أيضا أن يقلص هولاند شخصنة السلطة التي كانت جلية خلال سنوات حكم ساركوزي، الذي كان يتهم دائما بتركيز كل السلطات والقرارات بين يديه والتلاعب بمؤسسات الدولة. بتصرف عن موقع «محيط»

ملفات ساخنة تنتظر فرانسوا هولاند

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"وداعا أمهات" يستعيد هجرة اليهود المغاربة

الانتخابات في الجزائر نقطة فاصلة في تاريخ البلد

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات