مطلقة … وبخيييير

نساء وجدن خلاصهن في إنهاء العلاقة الزوجية وأقمن حفلات لمناسبة طلاقهن الطلاق أبغض الحلال عند الله. لذلك، يكون آخر "دواء" يتم اللجوء إليه من أجل إنهاء علاقة زوجية، بعد استحالة العيش في كنفها. وإذا كان الزواج وعقد القران مناسبة للاحتفالات الكبرى مع الأهل والأحباب والأصدقاء، وحتى نكاية بالأعداء، فإن الطلاق ظل عنوانا لمعاناة المرأة من تحكم الأهل وسلطة المجتمع ونظرة الناس، ودليلا على فشلها في الحفاظ على زوجها وعائلتها مثل "العيالات الكادات". تغيرت المعادلة اليوم. فالزمن غير الزمن، والمرأة التي كانت أمس تخضع ل"قوامة" الرجل، أصبحت لديها اليوم استقلالية مادية وشغل وكيان وشخصية وتوق نحو الحرية، بكل ما تحمله الكلمة من معان، ولم تعد ترضى أن تمارس دور الزوجة الخنوعة المعنفة التي تأتمر بأوامر "مول الدار" ولا تنبس أمامه ببنت شفة. لم يعد الطلاق يشكل بالنسبة إليها عقدة، ولا كلام الناس أو نظرتهم. وأصبح التخلص من عبء زيجة فاشلة أولوية الأولويات، بعد أن اعتادت، في زمن مضى، الصبر على عنجهية الزوج وتسلطه وسيطرته. اليوم، أصبح يقام للطلاق حفلات. فالتخلص من زوج سكير أو عنيف أو شاذ يستحق مساحة من الفرح ومشاركة من الأصدقاء والمقربين. ورغم أن الأمر، في المغرب، لم يصل إلى مرحلة الظاهرة، إلا أنه موجود ويقع. قد يكون محاطا بالكثير من السرية، لكنه موجود. في الملف التالي، تجدون حالات نساء احتفلن بطلاقهن، يحكين قصتهن بكل السلاسة الممكنة. لكل واحدة تفاصيلها، لكن الخيط الرابط بين حكاياتهن واحد. إنها المعاناة بسبب زيجات غير سعيدة لن يتخلصن منها إلا بطلقة لا رجعة فيها. ولسان حالهن يقول "مطلقات.... وبخييييييييييييييييير". نورا الفواري النـهـايـة الـسـعيـدة نساء يحتفلن بنهاية الحياة الزوجية ويتفنن في أساليب تنظيم الحفلات لم يعد الطلاق مسألة محرجة أو مخزية للنساء، خاصة مع سيادة مفاهيم الحداثة التي تتخذها العديد منهن سندا لمواجهة النظرة الدونية للمجتمع، حتى أن بعضهن جعلن من هذا الحدث الذي تنتهي به العلاقة الزوجية، مناسبة للاحتفال وإعلان بداية فصل جديد في حياتهن. هذه العادة التي انتشرت أخيرا في العديد من الدول العربية، لم تستثن المغرب، حيث أصبحت النساء يتفننن في إقامة حفلات الطلاق المغلقة واختيار أساليب مبتكرة لتوديع الحياة الزوجية بمشاركة الأصدقاء والأقارب. لم يكن من السهل الوصول إلى الأشخاص المعنيين بهذا الموضوع، نظرا للسرية التامة التي تقام ضمنها معظم هذه الحفلات، لكن «الصباح» تمكنت من الحصول على شهادات نساء شكل الزواج عقبة في حياتهن وأقمن حفلات وأفراحا عند خلاصهن منه. غرام وانتقام تؤكد حسناء التي تركت منزل أهلها في أكادير لتستقر بعد عقد قرانها بالبيضاء، أن زواجها عن حب لم يكن كافيا لاستئناف العلاقة مع طليقها، رغم أنه أول رجل خاضت معه تجربة الحب العفوي والوعود الهشة، فبعد علاقة دامت 3 سنوات قبل أن يتقدم لخطبتها، تحول الشخص الرومانسي الذي أحبته إلى كائن صامت يغمره الجفاء والبرود. ورغم سعيها المتواصل لكسر الرتابة والملل الذي خيم على زواجهما، وجدت نفسها أمام "وحش" يعنفها باستمرار، يمضي كامل وقته في العمل، ويعود مخمورا في أواخر الليل. واقع استنفد صبرها وجهدها لتقرر بعد معاناة طويلة إنهاء علاقتهما، ومنح نفسها الفرصة لحياة أفضل. تقول الشابة، البالغة من العمر28 سنة " بعد سنتين من الزواج، تبخرت مشاعر الحب والغرام وتحولت أحلامي لكوابيس.. اعترف لي مرة أنه كان مدمنا على الكحول، لكنه رفض الإقلاع عن شربه أو الخضوع للعلاج... حينما أخبرته بأنني ضقت ذرعا بتصرفاته وبروده العاطفي والجنسي، استشاط غضبا ثم ضربني ضربا مبرحا بدعوى أنني أهنت رجولته، وكانت تلك بداية مسلسل العنف والعذاب الذي دام لأكثر من سبعة أشهر.."، ثم شردت ببصرها لدقائق مسترجعة أيامها العصيبة، وأضافت بحسرة " في البداية، كنت أصبر لفرط حبي وتعلقي به، ولكنه كان يستفزني بلقب المطلقة حينما أهدده بالفراق، وبعدم قدرتي على الابتعاد عنه .. مع تراكم الخيبات، اتخذت قرار الطلاق حفاظا على ما تبقى من كرامتي وكبريائي، كما اخترت الاحتفال به ردا على استفزازاته، وإثباتا لنفسي وله بأنني أقوى من أن يتم استعبادي باسم الحب.. ". وتستطرد حسناء قائلة " اكتريت فيلا لأقيم فيها الحفل، وطلبت من أحد المطاعم تحضير بوفيه، ثم زودت المخبزة بنموذج لكعكة طلاق وجدته على موقع أمريكي، لونها أحمر قاتم كلون الدم، ويعتليها مجسمان، أحدهما لعروس بالفستان الأبيض تحمل رأس عريسها، والآخر للعريس وقد بتر رأسه والدم يسيل من عنقه مغطيا باقي الكعكة، كما طلبت أن يكتب عليها بالانجليزية عبارة "نعم، فعلتها، وأخيرا تخلصت منه"... اقتنيت بضع زجاجات خمر، الكثير من المكسرات ومئات القطع من السوشي، ثم دعوت العديد من الأصدقاء. مرت الحفلة على أكمل وجه، وحظينا بالكثير من المتعة .. احتسينا الشراب ورقصنا طيلة الليل، ثم التقطنا العديد من الصور التي نشرناها على فيسبوك ليراها ويحترق غيظا، خاصة أنه لم يكن يسمح لي بالشرب قبل الزواج إلا نادرا، ومنع علي ذلك بعد عقد قراننا"، مضيفة باستهزاء "كان يقول لي، حلال علي حرام عليك .. وها أنا اليوم انتقمت لنفسي وطويت صفحته دون رجعة". طليق شاذ وعريس جديد تزوجت مريم من البيضاء، زواجا تقليديا من أحد أقاربها، بعد أن التقيا في أحد أعراس العائلة، أخبرتها أمها بعد مدة أنهم يعتزمون خطبتها فقبلت بذلك، ولم يستغرق الأمر سوى بضعة أسابيع لتجد نفسها في قفص الزوجية. تقول الشابة ذات العشرين ربيعا "تم الأمر بسرعة.. لقد تحمست لمجرد فكرة الابتعاد عن أهلي، وظننت أنني سأحظى بهامش أكبر من الحرية.. في الأيام الأولى من الزواج، كان كل شيء عاديا، كأي زواج مرتب ومحكوم بالتزامات اجتماعية متبادلة... كنا نقطن بشقة أخيه المقيم بالديار الفرنسية، وكانت أمه تزورنا باستمرار، قبل أن تنتقل للعيش معنا بعد وفاة والده، شهرين بعد زواجنا.. كان تعلقه بها مزعجا إلى حد ما، وكان يسمح لها بالتدخل في شؤوننا الخاصة.. تخيلي أنها كانت تسألني عن علاقتنا الحميمية، وتضغط علي باستمرار لأخبرها كيف يبلي ابنها المدلل، ثم تحرجني بسؤالها الدائم: إيمتى غاتولدي لينا شي وليد ؟". تتابع مريم وقد انفرجت ملامح وجهها عن ابتسامة استهزاء، قائلة "الحمد لله أنني لم أكن أفكر في الولادة بعد، وإلا لكان العار قد لحق بي وبأطفالي زمنا طويلا .. في ذلك اليوم، قمت بتحديث تطبيق الواتساب على هاتفه وضغطت بالصدفة على خانة استرجاع الدردشات، لأتفاجأ بمحادثات قديمة اكتشفت من خلالها أنه كان على علاقة بشاب من فاس، وأن له ميولات شاذة أخفاها عني ظنا منه أنني لن أكتشفها، خاصة بعد محوه لذاكرة الهاتف ... لا أنكر أنني أحسست بالظلم في تلك اللحظة، رغم أنني لم أكن أحبه، لكنني تحفظت عن الأمر واحتفظت بنسخ لتلك المحادثات، ثم بدأت أبحث عن عمل حتى يتسنى لي الاستقلال بنفسي والتصرف بعيدا عن تحكمات الأهل، ثم وضع حد لهذه الحياة الزوجية الوهمية، اللي زربت على راسي فيها...". بعد الزواج، أتيحت لمريم الفرصة كي تتعرف على أشخاص جدد، وتكون صداقات جديدة خلال خروجها للتسوق أو الجلوس في مقهى، فقد صار بإمكانها عيش جزء من الحياة المتحررة التي حلمت بها، تحت جلباب الزوجة الناضجة، وكانت تستمتع باللحظات التي تمضيها خارج البيت بينما يعود زوجها من العمل في المساء، دون أن يبدي أي استياء من ذلك، ما كان يجعلها راضية عن ذلك الزواج رغم أنه تقليدي، قبل أن تكتشف الخبايا الأعظم للزوج "المتفهم". القــادم أفـضـل "لطالما أخبرتني صديقاتي أنني تسرعت في قرار الزواج، وأنني أستحق شخصا أفضل، فقد كنت أجمل منه وأصغر بعشر سنوات، كما أقنعنني بالطلاق واقترحن إقامة حفل حتى يتسنى لي التعرف على شباب جدد .. بعد مدة قصيرة، اشتغلت بأحد مراكز النداء واكتريت سرا شقة صغيرة بحي النخيل، ثم فاتحته بالموضوع وطلبت الطلاق منه .. أنكر في بداية الأمر وادعى أنني لا أملك دليلا على ما أقول، فواجهته بالدلائل التي احتفظت بها وهددته بأنني سأفضحه أمام العائلة وأبعث لهم المحادثات إذا لم يرضخ لأمري، فلم يكن أمامه خيار سوى الإذعان.. أخبرت أمه أنني سأستر ابنها مقابل حصولي على الطلاق، كما اشترطت أخذ سيارته التي ساهمت بمبلغ رمزي لدفع ثمنها .. هكذا، وبعد سنة من الزواج، انفصلنا وتمكنت من الاستقرار وعيش الحياة التي لطالما حلمت بها، ورغم لقب المطلقة الذي خلف استياء لدى أهلي وأسرتي، الذين يحملونني مسؤولية الطلاق دون علم بالحقيقة الكاملة، فقد كنت راضية عن قراري، متصالحة مع ذاتي، وجاهزة لبدء حياة جديدة دون أي قيود .."، وتستطرد الشابة اليافعة، التي تضع الكثير من الماكياج كي تخفي ملامحها الطفولية وتبدو أكثر نضجا، قائلة "دعونا الكثير من الأصدقاء والمعارف في تلك الحفلة، وقمنا بالحجز للسهرة بأحد النوادي الليلية الراقية بالبيضاء.. تكلفت صديقاتي باختيار الكعكة التي كانت تبدو عادية ككعك أعياد الميلاد، باستثناء اللون الأزرق الذي اخترنه تناسبا مع الفستان الذي لبسته، وعبارة "طلاق سعيد، القادم أفضل" باللغة الفرنسية، في حين تكلفت بتصميم دعوات السهرة وتوزيعها، وتنسيق أغانيها مع منسق الأغاني بالنايت كلوب، الذي كانت صديقاتي من زبائنه الأوفياء ... لقد كلفتني تلك السهرة مبلغا كبيرا لكن أصدقائي المقربين ساهموا معي بقسط من النفقات، كما تكلف أحد زبناء النادي الأغنياء بدفع ثمن المشروبات التي احتسيناها بتلك الليلة، وأبدى إعجابه بي وبجرأتي على الاحتفال بحدث تنفطر به قلوب النساء الضعيفات، ثم انضم إلينا بدعوة مني إلى الطابق العلوي الذي حجزناه، وراقصته تعبيرا عن إعجابي المتبادل .. كنت نجمة السهرة، واستمتعت رفقة أصدقائي بتلك الليلة الصاخبة، التي كان الهدف منها التعرف على شباب جدد والبحث عن عريس جديد، وفعلا، تحولت تلك السهرة من مناسبة لإنهاء زواج فاشل إلى فرصة للاحتفال ببداية علاقة جديدة مليئة بالحب والشغف المتبادل، الذي أعيشه الآن منذ أربعة أشهر مع الشخص الذي وجدت فيه جل مواصفات فارس أحلامي". يسرى عويفي (صحافية متدربة)

مطلقة … وبخيييير

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بنعزوز: لا تزايدوا علينا بالإسلام

حجز 815 غراما من الكوكايين لدى برازيلية بمطار البيضاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات