المرأة السجينة … خطوات نحو الإدماج

مسؤولون وطنيون ودوليون يضعون المعتقلة في ميزان التنمية المستدامة إنجاز: عصام الناصيري - تصوير: أحمد جرفي في خضم الحملة الدولية "16 يوما من العمل لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي"، الممتدة بين 25 نونبر الماضي والعاشر من دجنبر الجاري، نظمت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، لقاء وطنيا لفائدة المرأة المعتقلة بالسجن المحلي عين السبع 2 بالبيضاء، وهو مناسبة تنظم لأول مرة من قبل مندوبية السجون ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبشراكة مع وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتمية الاجتماعية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومنظمة الأمم المتحدة المعنية بالمرأة، تحت شعار "المرأة السجينة والتنمية المستدامة: الواقع والآفاق". قال محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، الذي تناول الكلمة في بداية أشغال اللقاء، "إن هذه الندوة تروم تسليط الضوء على واقع مقاربة النوع داخل المؤسسات السجنية، وكذا استشراف السبل الكفيلة لتعزيز هذا الخيار الإستراتيجي الذي تبنته المندوبية العامة، من خلال عقد جلستين، الأولى حول "دور السياسات العمومية في مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي" والثانية ستحاول الإجابة عن السؤال التالي:"أي خطة للارتقاء بواقع المرأة السجينة". وستساهم في تنشيط هاتين الجلستين مجموعة من الأسماء والفعاليات الفكرية والفنية والرياضية النسوية اللامعة". وأضاف التامك، أنه تماشيا مع السياسة الحكومية الرامية إلى إحلال المرأة المكانة التي تستحقها في المجتمع، "أولت المندوبية العامة أهمية خاصة للنزيلات ضمن مخططها الإستراتيجي من خلال المحور المتعلق بالنوع والهشاشة، حيث راعت في برامجها وضعية النزيلة باعتبارها تندرج في إطار الفئات الهشة التي تستلزم عناية خاصة، ترتكز على رؤية مختلفة تأخذ بعينالاعتبار الخصوصيات المرتبطة بالمرأة أولا، ووضعيتها رهن الاعتقال ثانيا، مما يستدعي اعتماد برامج نوعية تعد بما يكفي من الاحترافية والتخصص، سواء تعلق الأمر بالدعم النفسي والاجتماعي أو بالتهييء لإعادة الإدماج". وأردف التامك، أنه رغم أن نسبة النزيلات من مجموع السجناء لا تتجاوز نسبة 2,4 بالمائة، إلا أن المندوبية عملت على وضع برامج نوعية تراعي خصوصية المرأة النزيلة، وتنهل من باقي البرامج التي يستفيد منها باقي النزلاء. برامج واعدة للنزيلات من بين البرامج الهامة التي تحدث عنها التامك في كلمته، هناك البرنامج الوطني للمسابقات الثقافية والرياضية والدينية، إذ أكد أنه خلال 2018 شمل هذا البرنامج 16 مسابقة خاصة بالنزيلات، من قبيل مسابقة الطبخ والأشغال الفنية اليدوية ومسابقة كرة اليد وكرة السلة والكرة الطائرة وكرة الطاولة، بالإضافة إلى مسابقات في الموسيقى والشعر والزجل وغيرها، وقد بلغ عدد النزيلات المشاركات5356. وأوضح التامك أن نزيلات السجن المحليالأوداية بمراكش فزن بجائزة المهرجان الوطني للمسرح في نسخته الثانية، الذي نظم بالسجن المحلي بطنجة خلال 17و18 أكتوبر2018، موضحا أن نزيلة أخرى فازت بالجائزة الوطنية للقصة القصيرة خلال فعاليات المسابقة الوطنية للكتابة الأدبية، الذي نظم بالسجن المحلي بتطوان يومي 25و26 يوليوز 2018، وهما مسابقتان يتم تنظيمهما سنويا لفائدة الذكور والإناث على حد سواء. وبالإضافة إلى البرنامج الوطني للمسابقات، ذكر التامك، برنامج الجامعة في السجون، موضحا أن دورته الخامسة عرفت مشاركة وازنة للنزيلات المتابعات لدراستهن بالتعليم العالي، مبرزا أنهن أظهرن عن علو كعبهن في الحوار والنقاش، إلى جانب نظرائهن من الطلبة الذكور، مشيرا إلى أن نسبة مشاركة النزيلات خلال الدورة الأخيرة، شكلت 7 بالمائة من النساء المعتقلات، فضلا عن انخراطهن في برامج التعليم والتكوين ومحو الأمية بشكل فعال، مما مكنهن من الانتقال إلى وضع يتساوى فيه الإناث مع الذكور، مضيفا أن النزيلات تفوقن عدديا على الرجال، إذ انتقلت نسبة استفادتهن من هذه البرامج إلى %70 من مجموع النزيلات خلال السنوات الأخيرة. وأشار التامك،إلى أن المؤسسات السجنية تؤوي معتقلات مرفقات بأطفالهن، بلغ عددهن 74 معتقلة، إلى غاية شتنبر 2018. واعتبارا لذلك، بادرت المندوبية العامة إلى إحداث دارين للأمهات بكل من السجن المحلي عين السبع 2 بالبيضاء، والسجن المحلي الأوداية بمراكش، روعي في تصميمهما المصلحة الفضلى للطفل والتخفيف من وطأة ومظاهر السجن، حيث تشملان مرافق تضمن السلامة والصحة لفائدة النزيلات الحوامل والمرفقات بأطفالهن. كما أن الغرف الخاصة بالإيواء، مجهزة بأسرة خاصة بالأم وأخرى خاصة بالطفل، بالإضافة إلى مرفق صحي مخصص للاستحمام اليومي يستجيب للحاجيات الخاصة للطفل والأم.ولكي تتمكن هذه الفئة من النزيلات من الحصول على وجبات بمواصفات خاصة، يقول التامك، "إن دار الأمهات تتوفر على غرفة لتسخين الأكل ومتطلبات الرضاعة، وثلاجة لحفظ الطعام،وروض خاص بالأطفال مجهز،من أجل اللعب". وفي ما يتعلق بالرعاية الصحية فقد عملت المندوبية إلى غاية 30 أكتوبر 2018 ، على تنظيم أزيد من 360 حملة طبية، في تخصصات متعددة،وبلغ عدد المستفيدات منها 5078، ويذكر منهاداء السل وسرطان الثدي وسرطان عنق الرحم وداء فقدان المناعة المكتسبة، بالإضافة إلى حملات تحسيسية من أجل محاربة التدخين والوقاية من الأمراض الجلدية المعدية وغيرها. وأردف التامك، أن هذه"المنجزات والنتائج ما كانت لتتحقق لولا الجهود التي تبذلها موظفات المؤسسات السجنية، من أجل الحفاظ على سلامة وأمن النزيلات وعلى حسن تنزيل برامج التأهيل للإدماج، وعلى عنايتهن بوضعية النزيلات الحوامل والمرفقات بأطفالهن خلال فترة الاعتقال". الحقاوي: يجب تحصين الجناة طبيا واجتماعيا قالت بسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، إن "الفضاء السجني كان إلى وقت قريب فضاء مغلقا، لا نعرف عنه شيئا ، ولا يعرف سكانه شيئا عما يدور بالمجتمع". وأكدت الحقاوي، أن الدستور جاء من أجل إقرار المساواة بين الجنسين، والفصل 19 منه ، يدعو إلى المساواة والحد من كل أشكال التمييز، كما أشارت كذلك إلىهيآة المناصفة ، التي صدر القانون المتعلق بها هذه السنة، مشددة على ضرورة تفعيلها،لتقوم بدورها، وعلى أهمية المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، وهو "المجلس الذي سيقوم بدور مهم، وسيكون له دور فعال في محاربة آفة العنف ضد النساء، لأنه يتعلق من جهة بما له علاقة بالأسرة، من قبل تماسكها، وكذا مواكبة السلطات العمومية وما يصدر عنها من سياسات وبرامج، كما سيوفر المناخ الصحي لتحقيق الغاية من الأسرة، التي تكون اللبنة الأساسية في مجتمع يعرف الاستقرار". وأردفت المتحدثة ذاتها، أن المغرب استطاع أن يتقدم على مجموعة من الدول، في إنتاج ترسانة قانونية، لصالح النساء اللواتي يشتغلن في وضعيات مختلفة، و"أذكر منهن خادمات البيوت، والقانون 19 ـ 12 المتعلق بشروط الشغل والتشغيل، والذي كان حوله نقاش عمومي، غطى على مجموعة من الجوانب الإيجابية فيه، وطفت على السطح فقط مسألة سن التشغيل". وأبرزت الحقاوي، أهمية القانون المتعلق بالاتجار بالبشر،موضحة أنه"من بين أكثر القوانين المتقدمة، في شجب الكثير من السلوكات والوضعيات، والذي يوفر الشروط القانونية لحماية المرأة من الاستغلال في جميع أوجهه"، مضيفة أنه وجبت الإشارة إلى قانون أثار بدوره نقاشا عموميا محموما، والمتعلق بالعنف ضد النساء، 103 ـ13، الذي جاء بحزمة من التدابير في الجانب الحمائي والزجري، والذي أفرد بابا خاصاللتكفل بالنساء ضحايا العنف، مردفة"دون أن ننسى الاهتمام بالجاني، والذي يمكن أن يقلل من العنف الذي يمارسه، انطلاقا من تحصينه طبيا وصحيا واجتماعيا". توسيع نطاق الحماية الاجتماعية قال محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، "إن المجلس أصدر في 2015 تقريرا موضوعاتيا، حول وضعية المساواة وحقوق الإنسان بالمغرب، والذي يقدم تحليلا لواقع حقوق المرأة والمساواة في المغرب". مضيفا أن المجلس يتابع أوضاع النزيلات داخل السجون، مؤكدا أن التحديات التي تواجه النهوض بأوضاع المرأة تستدعي انخراط كافة الشركاء، من أجل إعداد القوانين، وكذا الفاعلين المحليين لما لهم من دور في صياغة وتدبير السياسات المحلية. ودعا الصبار، إلى ضرورة الإسراع بالإفراج عن المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، باعتباره هيآة دستورية للتنمية المستدامة والديمقراطية التشاركية، و"كذا الهيآة المكلفة بالمناصفة لمتابعة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وإعطاء الأولية للسياسات الكفيلة بتعزيز التحول الهيكلي للاقتصاد المغربي، والتشجيع على إنشاء المقاولات الصغرى والمتوسطة، بشكل يؤمن إعادة إدماج النساء السجينات في مسار التنمية المستدامة، وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية، ومناهضة جميع أشكال التمييز ضد النساء العاملات، على أساس المناصفة، والنهوض بالصحة الإنجابية للنساء. بلماحـي: لا لتعطيـل أدوار المـرأة أشاد عز الدين بلماحي، منسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، بعلاقته المتميزة والمثمرة بالمندوبية العامة لإدارة السجون، قائلا "إن الشراكات المثمرة التي تجمعنا بالمندوبية تزداد قوة يوما بعد يوم، في سبيل إعادة إدماج السجناء"، موضحاأن المؤسسة التي يشرف عليها تتحمل مسؤولية ثقيلة إلى جانب المندوبية، إذ تراهن على جعل المؤسسة السجنية فضاء للتصالح مع الذات". وأبرز بلماحي أن تعطيل أدوار المرأة داخل أي مجتمع، يحوله إلى جسد بلا معنى، مشددا على أن المرأة تستحق التموقع في خريطة المجتمع، مضيفا "نسعى إلى جعل المرأة المعتقلة فاعلة في مجتمعها بعد الإفراج عنها من السجن. ولعل ما يشجع المندوبية ومعها مؤسسة محمد السادس، هو ما حققته نساء المغرب داخل المؤسسات السجنية في مجال الإبداع والتعليم والتكوين المهني،والتي فرضت أن يقف لها الرجل وقفة إجلال وتقدير".

المرأة السجينة … خطوات نحو الإدماج

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

والي الأمن: فاس آمنة

زيادات صاروخية في التأمينات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات