زواج الفاتحة … تمديدات الفصل 16 شجعت التلاعب

استمرار زواج الفاتحة والفترة الانتقالية الثالثة أوشكت على النهاية رغم ما منح للمادة 16 من مدونة الأسرة، من قوة قانونية لأجل الحد من التلاعب وتزويج القاصرات والقضاء على الزيجات غير الموثقة، إلا أن الواقع يفيد غير ذلك، فعلى مدار 14 سنة وبضعة أشهر، لم يتم إيجاد حل فعلي لتلك المادة التي تشكل نشازا داخل مدونة الأسرة والتي تستعمل غالبا في غير ما وضعت له. فالمقاربة الواقعية أظهرت أنها لم تف بالغاية التي أحدثت من أجلها، إذ أن المشرع كان يهدف إلى طي ملف زواج الفاتحة بشكل نهائي حماية لمؤسسة الزواج، وللزوجة ولوضعية الأطفال، وحماية للحقوق المتعلقة بالنفقة والحضانة والنسب والإرث، بتحديده لسماع دعوى الزوجية فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات منذ دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق في 2004، وهو ما لم يتحقق على مدار السنوات الماضية. لقد تحولت الفترة الانتقالية لتوثيق عقود الزواج، إلى إشكالية حقيقية تضع المشرع في خانة المساءلة، حول التطبيق الصحيح لمضامينها، فكلما انتهت الفترة الانتقالية التي حددت في البداية في خمس سنوات يتم التجديد الاستثناء بخمس أخرى، لتدخل بذلك تلك المادة الفريدة موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية في التمديدات والتي لن تنتهي أبدا، مادام أن زواج القاصرات مستمر وأن هناك عددا من الزيجات غير موثقة. فالمادة 16 من مدونة الأسرة التي تفيد أنه «تعتبر وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج، وإذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة، وتأخذ المحكمة بعين الاعتبار وهي تنظر في دعوى الزوجية وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية، وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين، ويعمل بسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات، ابتداء من تاريخ دخول القانون حيز التنفيذ»، لم تستطع الحد من الزواج غير الموثق. وبالرجوع إلى مواد المدونة المتعلقة بإثبات الزوجية والنسب ومن ضمنها المادة 156، نجد أن من وسائل إثبات النسب الذي يكون في فترة الخطوبة التي حصل خلالها الإيجاب والقبول، وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج وظهر حمل بالمخطوبة ينسب إلى الخاطب للشبهة، إذا توافرت الشروط، كما تنص المادة 10 من المدونة نفسها أن الزواج ينعقد بالإيجاب من أحد المتعاقدين والقبول من الآخر بألفاظ تفيد معنى انعقاد الزواج لغة، أو عرفا، الشيء الذي يجعل منه وسيلة انعقاد. وبإلغاء المادة 16 سيصبح وسيلة إثبات، مما سيؤثر على كيان الأسرة بشكل سلبي، بالنظر إلى حالات العديدة للزيجات غير الموثقة، سواء في البوادي، أو المدن وحتى تلك التي تتم خارج مؤسسة الزواج. ويترتب عن إلغاء المادة سالفة الذكر فراغ قانوني لانعدام البديل، ولارتباط ذلك الفصل بفصول أخرى في المسطرة الجنائية التي تحتم على القاضي أثناء النظر في ضبط علاقة غير شرعية، وصرح الطرفان خلال الاستماع إليهما أنهما متزوجان فإنه ملزم بإعطائهما مهلة لرفع دعوى إثبات الزوجية، ولا يمكن محاكمتهما بمقتضيات الفصل 490 من القانون الجنائي، الذي يتحدث عن علاقة غير شرعية بين رجل وامرأة تستوجب العقاب. إن الفراغ القانوني الذي ستتركه المادة 16 يحيل على نقطة مهمة، تخص التباعد بين الواقع المعيش والنصوص القانونية التي يفترض فيها أن تضع ضمن أولوياتها نقطة مهمة تتعلق بمدى مطابقتها لذلك الواقع، فواضعو القانون حينما حددوا الفترة الانتقالية في خمس سنوات، لم يضعوا أمام أعينهم العدد الهائل للزيجات غير الموثقة، ولا البرنامج الذي يجب على الحكومة الاستعانة به لتنفيذ مقتضيات ذلك الفصل، وربما اعتبروا أن خمس سنوات كافية لذلك، لكن الواقع أثبت مرة أخرى فشل المقاربة بين التشريع والواقع، وهو ما تمت الإشارة إليه في الخطاب الملكي الذي دعا فيه الحكومة وكافة المؤسسات المعنية (الإدارية والقضائية) لحسن تفعيل مدونة الأسرة، ومواصلة التوعية بمضامينها ومواكبته بالإصلاح والتحيين، لتجاوز المشاكل التي أبانت عنها التجربة والممارسة. كريمة مصلي

زواج الفاتحة … تمديدات الفصل 16 شجعت التلاعب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

زواج الفاتحة ... غــــــول جـــــاثـــــم

أربعة أعمال مسرحية بالإمارات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات