مفهوم الأثر الرجعي للتقييد الاحتياطي

للمحافظ العقاري سلطة مراقبة طلبات التقييد الاحتياطي شكلا ومضمونا (الحلقة الأخيرة) بقلم: ذ. مبارك السباغي* رفض التقييد أو التشطيب من قبل المحافظ، يمكن أن يكون موضوع طعن في قراره للحد من رقابته الإدارية. فرغم مواجهة المدعي مباشرة المحافظ العقاري، فإن لهذا الأخير سلطة مراقبة طلبات التقييد الاحتياطي شكلا ومضمونا. غير أنه يبقى السؤال مطروحا في حالة تقديم دعوى ضد المحافظ موضوع تقييد احتياطي والمتعلق بالتمديد الذي أقره المشرع. هل لا بد من التمديد أم أنه لا داعي لذلك كون أن المدعى عليه هو المحافظ و ليس المالك المقيد؟. وبما أن المحافظ هو من يسهر على حماية الحقوق والدفاع عنها، فإنه لا يمكنه التشطيب على التقييد الاحتياطي وقبول تصرفات جديدة تقيد بالرسم العقاري المعني، فإن شطب على التقييد الاحتياطي بعد نهاية الشهر المقرر في الفصل 86 من (ظ.ت.ع)، ووقع التصرف في العقار، وصدرت أحكام قضائية نهائية لفائدة المدعي، يكون المحافظ مسؤولا عن الضرر الذي لحق المدعي نتيجة منح فرص وامتيازات للمدعى عليه استغلها واستفاد منها. - صدور أحكام قضائية قبل التقييد الاحتياطي المبني على مقال : يجب التدقيق في إمكانية التمديد للتقييد الاحتياطي المبني على مقال، والتفكير في حالات تجعل من هذا التقييد الاحتياطي، تقييدا احتياطيا ممددا بقوة المنطق إن لم أقل بقوة القانون. تصوروا معي صدور أحكام ما زالت غير نهائية لفائدة المدعي إما أنها ابتدائية أو استئنافية موضوع طعن من قبل المدعى عليه، وقد تنبه المدعي لخطئه وتهاونه وسارع إلى تقييد نسخة المقال الافتتاحي للدعوى التي مر عليها أكثر من سنة. عليه أن ينقذ ما تبقى لكي يستفيد من مزايا الفصل 85 من ظهير التحفيظ العقاري، والمادة 13 من القانون 39-08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية التي جاء فيها "إن الدعاوى الرامية إلى استحقاق عقار محفظ أو إسقاط عقد منشئ أو مغير لحق عيني لا مفعول لها تجاه الغير إلا من تاريخ تقييدها بالرسم العقاري تقييدا احتياطيا". فعلا تأخر المدعي كثيرا في تطبيق القاعدتين معا، ولكن لا مانع من تدوين تقييد احتياطي متأخر دون ما حاجة لتمديده، لأن جدية الطلب أثبتتها الأحكام الصادرة في انتظار موقف محكمة النقض. وحتى وإن تم طلب التمديد، فإن رئيس المحكمة الابتدائية ما عليه سوى قبول التمديد استنادا للأحكام الصادرة في الموضوع لا على جدية الطلب التي أصبحت متجاوزة. - التقييد النهائي الرضائي خلال مرحلة التقاضي : نتساءل حول مآل التقييد الاحتياطي المبني على مقال افتتاحي للدعوى ممدد إلى نهاية النزاع. لو افترضنا أن المدعى عليه استسلم لفائدة المدعي وسلمه نظير الرسم العقاري الذي كان سببا في رفض التقييد النهائي من البداية. فهل الإدلاء به لدى المحافظ مع عقد البيع المرفوض يقيد بأثر رجعي أم لا؟. علما أن تقييدات لاحقة انصبت على الرسم العقاري المعني؟. في نظري وجب على المحافظ تقييد العقد بأثر رجعي لأن العبرة بحل المشكل العالق حبيا أو قضائيا. فكما حصل المدعى على نظير الرسم العقاري فمن حقه طلب تقييد حقه بأثر رجعي والتشطيب على كل التقييدات المتعارضة مع حقه ولا داعي لانتظار ما سيصدر من أحكام تقيد بأثر رجعي. - شراء العقار مرة ثانية خلال مرحلة التقاضي : يمكن للمدعي في حالة أخرى أن يشتري العقار مرة ثانية من المدعى عليه، لكن لا حق له في الاستفادة من التقييد الاحتياطي المدون لفائدته، والذي ينتظر تقييد الأحكام بأثر رجعي. لأن الشراء الجديد للعقار نفسه، وبعقد جديد لا ينضوي تحت فعالية التقييد الاحتياطي المثبت بالرسم العقاري المعين. وإن كانت حقوق أو تحملات قيدت بعد التقييد الاحتياطي فإنها تحول دون تقييد العقد الجديد، بل لا بد من انتظار صدور أحكام نهائية لها علاقة مباشرة بالتقييد الاحتياطي، لكي يتم التشطيب على كل ما قيد لاحقا للتقييد الاحتياطي في حالة تعارضه مع حق المدعى. - الشفعة لحق مشاع مضمون بتقييد احتياطي: التقييد النهائي للحق المشاع المضمون بالتقييد الاحتياطي، قد يكون نقطة انطلاق حق ممارسة الشفعة في حالة التفويت بعوض، وقد يضيع حق المدعي الذي قاوم ودافع عن حقه لسنوات لكي ينتهي به المطاف إلى تحويل حقوقه العينية المشاعة إلى حقوق شخصية تتمثل في قبول مبلغ البيع وصوائره رضائيا أو قضائيا في حالة رفضه له. هذا مشكل حقيقي لأن الشفيع لا يؤدي إلا ما هو مثبت بعقد البيع الذي ربما مرت عليه سنوات من التقاضي. أجل حق الشفعة يلعب دور التقييد الاحتياطي تماما لأن كل التقييدات اللاحقة لتاريخ تقييد البيع المشاع داخل أجل السنة يشطب عليها بأثر رجعي بقوة القانون في حالة تنافيها مع حقوق الشفيع، الذي بعد تقييد شفعته، يعتبر هو المشتري بدلا من المشفوع منه. وبما أنه بفضل الشفعة استمد حقوقه مباشرة من يد البائع فإن جميع التقييدات المنصبة على حقوق المشتري المشفوع منه يطولها التشطيب التلقائي من قبل المحافظ رغم عدم وجود أي تقييد احتياطي. لهذا السبب ارتأى المشرع عدم إلزامية التقييد الاحتياطي أمام قاعدة قانونية أقوى منه. - تطبيق الفصلين 76 و77 من ظهير التحفيظ العقاري المذكورين سابقا : يمكن تصور تقييدين احتياطيين لفائدة شخصين يطالبان بحقوق مشاعة مستقلة في العقار نفسه مثلا باع عمر لعثمان الثلث المشاع وبعد ذلك باع لزيد الثلث المشاع، فإن تقدما في الوقت نفسه إلى المحافظة العقارية، فإن المحافظ يطبق بشأنهما مقتضيات الفصل 76 من (ظ.ت.ع) المذكور سابقا، في هذه الحالة لا شفعة بينهما إطلاقا. أما إذا تم تطبيق مقتضيات الفصل 77 من القانون نفسه، فهنا يكون حق الشفعة لمن حصل على الرتبة الأفضل بالنسبة للآخر بغض النظر عن تاريخ إبرام العقدين، بل لا يعتد إلا بتاريخ التقييد الاحتياطي الأول. فلو حصل المشتري صاحب التقييد الاحتياطي الثاني على أحكام قضائية قبل صاحب الدرجة الأولى احتياطيا فإنها تقيد بالرسم العقاري المعني ولا حق له في الشفعة، بل يبقى هذا الحق قائما لفائدة صاحب التقييد الأول الذي بعد تقييد الأحكام لصالحه يمارس حق الشفعة لحق ربما اكتسبه الطرف الآخر قبله لكن قيده احتياطيا بعده. - مآل التقييد الاحتياطي بعد العمليات الطبوغرافية: نعلم أن الرسم العقاري المثقل بتقييد احتياطي بناء على مقال افتتاحي للدعوى، تم تمديده قد يطرأ عليه تغيير جذري كإخضاعه لنظام الملكية المشتركة أو للتجزئة أو التقسيم أو للضم إلى رسم عقاري آخر. فإن التقييد الاحتياطي قد يحول إلى الرسوم العقارية الفرعية دون استثناء إذا كان المدعي يطالب بكافة العقار. أما إذا تعلق الأمر بنزع أو بشراء قطعة أرضية مفرزة أو شقة أو متجر فإن نقل التقييد الاحتياطي من الرسم العقاري الأم ينحصر في الرسم العقاري الفرعي المطالب بأرضه أو بشقته أو بمخزنه. وإن كان التقييد الاحتياطي يتعلق بحقوق عقارية مشاعة ما يطبق على الشراء الكلي يطبق على الشراء المشاع لأن حق المدعي غير مفرز ويشمل كافة العقار أي كافة الرسم العقاري. * محافظ سابق وموثق

مفهوم الأثر الرجعي للتقييد الاحتياطي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

5 سنوات لسارق زوج عشيقته

محاكمة عسكريين تواطؤوا مع مهربين

مقالات ذات صلة