مفهوم الأثر الرجعي للتقييد الاحتياطي

المحافظ العقاري لا يمكنه تقييد الأحكام بأثر رجعي بل بتاريخ إيداعها (الحلقة السادسة) بقلم: ذ. مبارك السباغي* في بعض الحالات، يمكن للمدعي أن يخسر حقه على مستوى المحافظة العقارية، رغم وجود تقييد احتياطي لفائدته، ورغم صدور أحكام قضائية لفائدته أيضا، كيف ذلك؟. يعتقد المدعي أن له تقييدا احتياطيا مدونا بالرسم العقاري ممددا إلى غاية صدور أحكام نهائية، غير أن خصوصية التقييد الاحتياطي تستوجب ربط الأثر الرجعي بالتقييد الاحتياطي المدون بالرسم العقاري، بمعنى آخر يجب أن يكون المقال الافتتاحي للدعوى هو نفسه المشار إليه في مستهل وحيثيات الحكم القضائي، لأنه في حالة رفض الطلب، أو عدم قبول الدعوى يصبح التقييد الاحتياطي لاغيا وجب التشطيب عليه بطلب من المدعى عليه، إذا لم يقم المدعي باستئنافه لكي لا ينقطع الأثر الرجعي. المهم في حالة التقييد النهائي نتيجة مقال جديد للدعوى لكن غير مقيد، فإن ظن المدعى أن هذا التقييد الاحتياطي كاف في حد ذاته لحمايته، فإنه سيفاجأ لما يشطب عليه المحافظ استنادا لحكم ابتدائي نهائي لفائدة المدعى عليه ولو قدم دعوى جديدة في الموضوع لكن لم يقيدها احتياطيا بالرسم العقاري من جديد. فالمقال الأول أعطى نتائجه السلبية ولا مجال للإبقاء عليه بالرسم العقاري. والخطير في الأمر هو عندما تنصب على الرسم العقاري تقييدات لاحقة للتقييد الاحتياطي، الذي أفرغ من محتواه، دون أن يدرك المدعي أن هذا التقييد الاحتياطي لا جدوى منه فلا يبالي بهذه التقييدات اللاحقة، وينتظر صدور أحكام نهائية للتشطيب عليها بأثر رجعي. وحتى إن لم يبادر المدعى عليه إلى التشطيب، فإن المحافظ العقاري لا يمكنه تقييد الأحكام بأثر رجعي بل بتاريخ إيداعها إن لم تكن بالرسم العقاري المعني تقييدات تتنافى مع الأحكام القضائية. فإن وجدت تقييدات لاحقة متنافية مع الأحكام، رفض المحافظ تقييد هذه الأحكام التي لا علاقة لها بالتقييد الاحتياطي رغم وحدة الأطراف والموضوع. - تزاحم التقييدات الاحتياطية ما هو جدير بالذكر، هو لما يعرف الرسم العقاري عدة تقييدات احتياطية لأشخاص مختلفة ضمانا للتقييد النهائي لحق منازع فيه، من طرف المدعين ضد المدعى عليه نفسه، والمطالبين بالحق نفسه. هنا سجل الإيداع يحدد رتبة كل تقييد احتياطي على حدة. مثلا مدع يطالب بإتمام البيع بعد أدائه كافة ثمن البيع الكلي للعقار داخل الآجال ومدع ثان يطالب بحقوق مشاعة باعها له المدعى عليه في وقت سابق، ومدعية ثالثة تطالب بتقييد هبة حق الرقبة التي وهبها المدعى عليه لفائدتها (زوجته). في هذه الحالات الثلاث نجد الأفضلية في التقييد النهائي ممنوحة لكل تقييد احتياطي حسب الترتيب التسلسلي الزمني، ومن الممكن جدا أن يحصل صاحب الدرجة الثانية على أحكام قضائية نهائية لصالحه قبل الدعوى الأولى والثالثة، في هذه الحالة يقيد الحكم بأثر رجعي، ولا يتأثر التقييد الاحتياطي الثالث إلا جزئيا وكل التقييدات اللاحقة له، والمتعارضة معه، يشطب عليها أو تعدل حسب الأحوال، لكن دون المساس بالتقييد الاحتياطي الأول الذي لا محالة سيقضي على التقييدين الثاني والثالث، ولو بعد حصولهما على أحكام قضائية مقيدة بأثر رجعي إن صدرت أحكام لفائدة صاحب الدرجة الأولى فيشطب على الأحكام القضائية المقيدة بأثر رجعي. أما إن كانت هناك تقييدات مختلفة لاحقة لكل تقييد احتياطي لا علاقة لها بالتقييدات الثلاثة، فإنها تبقى مقيدة ومحصنة من أي هجوم عليها. أما إن صدرت أحكام قضائية لفائدة الموهوب لها بحق الرقبة، فإن درجتها ضعيفة جدا، ولو تم التقييد النهائي لصالحها، إذ تصبح مالكة لكافة حق الرقبة مع زوجها المدعى عليه الذي يحتفظ بكافة حق الانتفاع، في انتظار ما ستؤول إليه الأحكام المتعلقة بالحقوق المشاعة وبالبيع الكلي. أمنيتهما ألا تصدر أحكام ضد المدعى عليه زوجها لكي لا يضيع حقهما. وفي أسوأ الأحوال يفضلان صاحب الحقوق المشاعة، لأنه سيبقى بين يديهما ما يملكان بعد خصم الحقوق المشاعة الراجعة للمدعي ذي التقييد الاحتياطي الثاني. يفهم من هذه الأمثلة، أن صاحب الدرجة الأولى له الأفضلية في التقييد النهائي بأثر رجعي، فلو كانت الأولوية في التقييد الاحتياطي لصاحب الحقوق المشاعة، فإن التقييدين الاحتياطيين المتعلقين بالتوالي بالبيع وبالهبة يبقيان جزئيا بالرسم العقاري، لأن الأثر الرجعي للتقييد الاحتياطي الأول، لا يؤثر إلا جزئيا على حقوق المشتري وعلى حقوق الموهوب لها في حدود ما حكم به لفائدة المدعي الأول. لكن يبقى الصراع على أشده بين التقييدين الاحتياطيين في انتظار صدور أحكام نهائية. فإن صدرت لفائدة صاحب الشراء الكلي الذي تحول إلى حقوق مشاعة بعد تقييد الأحكام المتعلقة بالدرجة الأولى، يشطب على التقييد الاحتياطي من الدرجة الثالثة، وإن كانت الدرجة الثانية لفائدة الموهوب لها يصبح المشتري هو صاحب حق الانتفاع خلفا للمدعى عليه بعد اقتطاع الحق المشاع لفائدة صاحب التقييد الاحتياطي الأول الذي له الملكية المشاعة التامة. لكن إن كانت الدرجة الأولى في التقييد الاحتياطي لفائدة الموهوب لها والدرجة الثانية لفائدة المشتري لكافة العقار والدرجة الثالثة لفائدة المشتري لحقوق مشاعة فإن تقييد الأحكام لفائدة الموهوب لها يحول حقوق صاحبي الدرجة الثانية إلى المطالبة بكافة حق الانتفاع دون غيره. ولا شيء يبقى لصاحب الدرجة الثالثة. أما إن كانت لهذا الأخير الدرجة الثانية، فإنه يتقاسم حق الانتفاع مع صاحب الدرجة الثالثة. ونتيجة لكل هذه الأحكام المقيدة يصبح الرسم العقاري، إما في ملكية المشتري لكافة العقار الذي له تقييد احتياطي من الدرجة الأولى. أما إن كانت الدرجة الأولى لفائدة المشتري لحقوق مشاعة والدرجة الثانية لفائدة المشتري لكافة العقار، والدرجة الثالثة للموهوب لها حق الرقبة يصبح الرسم العقاري في ملكية مشاعة بين صاحب الحقوق المشاعة، وصاحب الشراء الكلي وإما على الشياع في اسم ثلاثة أشخاص: صاحب الحقوق المشاعة للملكية التامة وصاحبة حق الرقبة وصاحب حق الانتفاع (المشتري لكافة العقار سابقا) باعتبار الأولوية في التقييدات الاحتياطية المؤقتة. وقد يصبح الرسم العقاري في اسم صاحبة الرقبة مع صاحب الشراء الكلي سابقا، أو هي مع صاحب الحقوق المشاعة مع صاحب الشراء الكلي الذي تحول إلى بيع مشاع نتيجة تقييد الأحكام بأثر رجعي حسب الأولوية في الترتيب. * محافظ سابق وموثق

مفهوم الأثر الرجعي للتقييد الاحتياطي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ابتزاز عشيقين بضريح محمد الخامس

اعتقال تلميذ اغتصب معاقة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات