بخور وهياكل موتى في احتفالات عاشوراء

إقبال كثيف على سوق الجميعة لاقتناء وصفات حيوانات منقرضة وسحرة ينقبون عن العظام بالمقابر تغطي سماء المغرب، هذه الأيام، سحب كثيفة غريبة، ويسكنه «أشباح» يتسلقون أسوار المقابر للحصول على عظام الموتى، وتنتعش به تجارة أسواق «خرافية» تختص في بيع جلود التماسيح المنقرضة، و«بيض الغول»، وريش الطيور والأقفال الصدئة. ويستعيد المغرب، في عاشوراء، الحياة البدائية بكل تفاصيلها، فالاحتفالات بالطقس تُخرج المشعوذين إلى العلن، فيقتنون بضائعهم العجيبة، ويمارسون طقوس السحر بكل حرية، فسلطة المشعوذين خارقة يكفي أنها تعيد الزوج الخائن إلى حضن زوجته، وتخفي «العكس»، وتُجبر باقي الرجال المتزوجين على الامتثال إلى الأوامر، فقط بعد أكل وجبة «مخ الضبع». يروي شهود عيان في سوق «الجميعة» بالبيضاء أن تجارة المشعوذين تحقق، منذ نهاية الأسبوع الماضي، أرقاما قياسية، ربما تفوق مداخيله أشهر المحلات التجارية الكبرى، إذ يقصده زبناء من نوع خاص، أغلبهم نساء، يختارون الاحتفال بعاشوراء باقتناء هياكل حيوانات منقرضة أو جماجم طيور نافقة أو أعشاب تُصبح بعد رميها في «المجمر» مخدرات تصيب الضحية بالسكينة، وتعيده إلى عشقه، وتبعد عنه كل المتربصات بقلبه، فعاشوراء، عند الزبناء والتجار، فرصة لا تعوض لإعادة العلاقات الاجتماعية إلى سكتها الصحيحة، بوصفة يبلغ ثمن خلطتها العجيبة خمسين درهما... و«لا غلى على مسكين». في السوق تزدهر تجارة بيع الوهم، والمسكونون بالشعوذة والمهووسون بالسحر، يحيون طقوسهم لممارسة الغيبيات، والتعامل مع الخوارق أمام الملأ، مرددين شعارهم: «في عاشوراء كل شيء مباح». استقبلت نساء بأحياء قديمة بالبيضاء، عاشوراء، أول أمس (الثلاثاء)، بالغناء، فخرجن إلى الأزقة وصدحت حناجرهن بأغنية «بابا عاشور» الذي توجه للصلاة، ثم سقط في النهر، تاركا العذارى يبكين عليه، وفي نهاية كل الأزقة تنبعث رائحة البخور من «المجامر» المتقدة، مشكلة سحبا سوداء اللون تنتشي الرؤوس باستنشاقها، فتصيبها بانتعاشة ودوخة غريبة، ثم يتوعدن الرجال في «الشعالة» لتوجيه الضربة القاضية للجنس الخشن، إذ تستغلها الساحرات للتخلص من مواد غريبة في النار المشتعلة، وهي عبارة عن بخور ووصفات تضم طلاسم وتعويذات، لبلوغ الأهداف، وتحقيق المراد. تُشبه عاشوراء طبيبا نفسيا يعالج جميع المشاكل الاجتماعية والأزمات الاقتصادية، فالبخور والطلاسم تستطيع «ترويض» الزوج وإجباره على الطاعة، وبها تعثر العانس على فارس أحلامها، ويكفي فقط إلقاء «جزء من أثر الرجل الذي تريده زوجا لها (شيء من ثيابه أو شعر رأسه أو جسده، أو حبات تراب وطأتها قدماه...) في النار الملتهبة...، بل إن النار أيضا تمنح للمرأة شعرا كثيفا، بعد أن تدخل خصلة من شعورها في خاتم فضي، وترميه في نار «الشعالة»، كما أن يوم عاشوراء هو اليوم المفضل لحرق «الشرويطة»... وما أدراك ما «الشرويطة»، تلك القطعة التي تتضمن «أثرا» للزوج كفيلة بجعله طيعا. أما السحرة المحترفون، فيفضلون ممارسة طقوسهم في المقابر، ويحكي شاهد عيان، يقطن قرب مقبرة الغفران بالبيضاء، أنه يشاهد، يوميا، أشخاصا يتسلقون جدرانها، رغم تشديد المراقبة عليها في مثل هذه المناسبات، وهدفهم نبش قبور وإخفاء بعض الطلاسم أو الحصول على هياكل لموتى تستغل في «السحر الأسود»... وكل عاشوراء وصحتكم الجسدية والذهنية بألف خير. خالد العطاوي

بخور وهياكل موتى في احتفالات عاشوراء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فضائح تعيين مديرين جهويين للصحة

إدانة معتديين على مسنة بشيشاوة

مقالات ذات صلة