اليسار… من الانشطار إلى الوحدة المتمنعة

"تجمع اليسار الديمقراطي" أقصى ما وصلت إليه "اجتهادات" الوحدة قبل أن يصيبه الانهيار في الطريق في يونيو المقبل، تحتفي أحزاب اليسار المغربي بمرور ثماني سنوات على تأسيس «تجمع اليسار الديمقراطي» الذي ضم خمسة تنظيمات يسارية هي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب اليسار الاشتراكي الموحد وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي وحزب النهج الديمقراطي وجمعية الوفاء للديمقراطية (اندمجت في اليسار الاشتراكي الموحد الذي تحول إلى الحزب الاشتراكي الموحد). الحدث حظي سنة 2004 بتغطية صحافية استثنائية واهتماما ملحوظا «يعكس، حسب قيادي في حزب الطليعة، حاجة المجتمع المغربي إلى قوة يسارية وازنة تفرض الانتقال الديمقراطي وتحمي الشباب المغربي من الانزلاق نحو التطرف الأصولي، وتشكل قطيعة مع مرحلة طويلة من الصراعات والخلافات».لكن ماذا بقي، اليوم، من هذا التجمع الذي سرعان ما فجرته، من جديد، الخلافات السابقة نفسها حول الموقف من الانتخابات والمشاركة في المؤسسات والقضية الوطنية والموقف من بعض مواقف الدولة في قضايا محددة؟ علما أن السقف المتفق عليه بين هذه التنظيمات هو تأسيس تحالف واسع يكون منطلقا للتجديد في النظرية وأساليب العمل والممارسة ومواجهة الأطروحات المشككة في هوية اليسار والقيام بمبادرات نضالية في الميادين النقابية والحقوقية وإعادة الاعتبار لنضال اليسار داخل الجامعة.وتظل وحدة اليسار، فكرة، تراود عددا من تنظيماته وهيآته الحزبية بمختلف انتماءاتها ومواقعها السياسية، إذ تبرز مجموعة من القواسم المشتركة، حسب ورقة سابقة لإسماعيل العلوي، الأمين العام السابق لحزب التقدم والاشتراكية، لا تعفي اليسار من مسؤولية البلورة الثقافية لمشروعه المجتمعي في كل مرحلة تاريخية بعينها. ولا تعفيه أيضا من ضرورة المراجعة النقدية الشاملة للتراث الاشتراكي في اتجاه تقوية رصيده المعرفي وتأسيس مرجعيته النظرية في ضوء الخبرة المكتسبة وتراكمات المعرفة الإنسانية.ويقول العلوي إنه عندما يتم الحديث عن تعيين القواسم المشتركة بين قوى اليسار الاشتراكي عادة ما يتجه التفكير مباشرة إلى نصوص الخطابات والبرامج للبحث عن المتشابه فيها، بينما الهوية الحقيقية لأي حزب تملأ تاريخه الفعلي الممارس في مجموعه، لذلك، غالبا، ما يقع إغفال أحد هذه القواسم المشتركة لهذا التاريخ لحساب تشابهات الخطاب، وهي مسألة في غاية الخطورة في اللحظة السياسية الراهنة التي يحاول فيها «اليمين» تقمص خطاب اليسار لتمييع الحياة السياسية وزرع الخلط واللبس لدى الجماهير.ويلخص عدد من الباحثين تعثر هذا المشروع المجتمعي إلى الآن في عدد من المعطيات موضوعية وذاتية:- افتقاد كلي للإرادة الجماعية الواعية، وهي شرط أساسي للإنكباب الجدي في دراسة أوضاع الركود الخانق التي تشل الأحزاب اليسارية، ودراسة كافة العناصر الكابحة لفرص التوحيد والاندماج.- رسوخ الاعتقاد الواهم بامتلاك الحقيقة المطلقة الذي مازالت تغذيه الحزبية الضيقة وبنية التقليد الراسخة والجمود العقائدي.- انعدام النضج السياسي الذي يسمو على كافة الحساسيات الحزبية والإيديولوجية والسياسية و المتميز بإدراكه العقلاني للوحدة قيمة سياسية وتنظيمية من شأنها خلق ديناميكية نضالية ما يسمح لأحزاب اليسار باستعادة هيبتها وعنفوانها السياسي ومكانتها طليعة تقدمية.- التضخم السياسي لكل ماهو ظرفي وتغييب القضايا الإستراتيجية مع ضمور ملحوظ للمستوى الإيديولوجي والثقافي، ما يشكل تراجعا للممارسة السياسية اليسارية التي كان يحكمها، في السبعينات، الربط الجدلي بين الإستراتيجي والتاكتيكي وبين النظري والعملي. الاشتراكي الموحد حزب يساري مستقل في اختياراته وتدبيره عن أجهزة الدولة، وكل مراكز النفوذ الاقتصادي داخل المغرب وخارجه، يتبنى الاختيار الاشتراكي بكل اجتهاداته وأبعاده التحررية والديمقراطية والإنسانية، ويعتمد التعبئة والنضال الجماهيريين للدفاع عن مشروعه المجتمعي الديمقراطي وبرنامجه السياسي، وينحاز لمصالح الوطن العليا ولحقوق الكادحات والكادحين وكافة المتضررين من أوضاع الظلم المستمرة، ويدافع عن قيم الحداثة والمواطنة والتقدم العلمي والعقلانية، ويتمثل الهوية الوطنية على قاعدة الأسس المكونة لها والتي تعيش تفاعلا وتكاملا بين أبعادها المتنوعة والغنية الإسلامية والعربية والأمازيغية، هوية منفتحة على قيم العصر التقدمية ومبنية على التسامح والتعايش والحرية. النهج الديمقراطي تأسس النهج الديمقراطي في 1995 من طرف مجموعة من المناضلين من المنظمة الماركسية اللينينية «إلى الأمام» ومناضلين جماهيريين متعاطفين مع تجربة الحركة الماركسية اللينينية. النهج الديمقراطي يشكل استمرارا، على المستوى السياسي والفكري، لتجربة الحركة، وخاصة منظمة «إلى الأمام». و يهدف النهج الديمقراطي إلى بناء الاشتراكية نظاما يقضي على الرأسمالية واستغلال الإنسان للإنسان. ويعتبر الحزب، في عدد من أدبياته، أن تحقيق هدا الهدف الأسمى يمر، في المرحلة التاريخية الراهنة، عبر النضال من اجل التحرر الوطني من هيمنة الإمبريالية وخادمتها الكتلة الطبقية السائدة من اجل بناء الديمقراطية، وأن إنجاز مهام هذه المرحلة يستوجب قيادة الطبقة العاملة وعموم الكادحين بتحالف مع باقي الطبقات الشعبية وبالارتكاز على التنظيمات الذاتية المستقلة للجماهير. لذلك يعمل النهج الديمقراطي على تطوير ثلاث صيرروات مترابطة: صيرورة بناء التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين وصيرورة بناء وتطوير وتوحيد التنظيمات الذاتية المستقلة للجماهير الشعبية وصيرورة بناء جبهة الطبقات الشعبية. الطليعة الديمقراطي الاشتراكي حزب سياسي يساري مغربي، انشق عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في منتصف الثمانينات مشكلا حزبا من أقصى اليسار، وقد نادى بمقاطعة الانتخابات يوم 14 نونبر 1997 ما أدى إلى سجن بعض أعضائه، وعاد للمشاركة فيها مؤخرا في 2007. يعقد الحزب، هذه الأيام، مؤتمره السابع تحت شعار «بالنضال المستمر تتحقق سلطة الشعب»، مجددا التزامه بوفائه بما يسميه مطالب الجماهير الشعبية، وهي دستور ديمقراطي تكون فيه السيادة للشعب إلى بناء الدولة الوطنية المدنية والحديثة، وتحويل المغرب إلى ملكية دستورية، إذ الملك يسود ولا يحكم وإنما يحكم رئيس الوزراء وحزبه المنتخب من الشعب انتخابا شفافا ونزيها وديمقراطيا. يوسف الساكت

اليسار… من الانشطار إلى الوحدة المتمنعة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الجائزة الكبرى لفوزي بنسعيدي في مهرجان تطوان

العدالة والتنمية... من الدعوة إلى الحكومة

مقالات ذات صلة